( وخصال كفارة الظهار ) ثلاث ( عتق رقبة ) فصوم فإطعام كما يفيد سياقه الآتي ، وعلم من كلامه أن مثلها [ ص: 92 ] في الخصال الثلاث كفارة وقاع رمضان ، وفي الأوليين كفارة القتل ، وفي الأولى كفارة مخيرة أراد العتق عنها وإنما يجزئ عنها عتق رقبة ( مؤمنة ) ولو بتبعية لأصل أو دار أو ساب حملا للمطلق في آية الظهار على المقيد في آية القتل بجامع حرمة السبب ( بلا عيب يخل بالعمل والكسب ) إخلالا بينا ، إذ القصد تكميل حاله ليتفرغ لوظائف الأحرار ، وذلك متوقف على استقلاله بكفاية نفسه ، والكسب من عطف الرديف ولهذا حذفه في الروضة ، أو الأعم وهو ظاهر ، أو المغاير بأن يراد بالمخل بالعمل ما ينقص الذات وبالمخل بالكسب ما ينقص نحو العقل ( فيجزي صغير ) ولو عقب ولادته لرجاء كبره كبرء المرض بخلاف الهرم ، ويسن بالغ خروجا من خلاف إيجابه .
وفارق الغرة بأنها عوض وحق آدمي فاحتيط لها على أن المعتبر فيها الخيار إذ غرة الشيء خياره ، والصغير ليس منه ( وأقرع ) لا نبات برأسه لداء ( وأعرج يمكنه ) من غير مشقة لا تحتمل عادة كما هو ظاهر ( تباع مشي ) لقلة تأثيرهما في العمل بخلاف ما لا يمكنه ذلك وحكي عن خطه حذف الواو ليفيد إجزاء أحدهما بالأولى ( وأعور ) لذلك ، نعم إن ضعف نظر سليمته وأخل بالعمل إخلالا بينا لم يجزه ( وأصم ) وأخرس يفهم إشارة غيره وغيره [ ص: 93 ] إشارته بما يحتاج إليه ومن اقتصر على أحدهما اكتفى بتلازمهما غالبا ، ويشترط فيمن ولد أخرس إسلامه تبعا أو بإشارته المفهمة وإن لم يصل خلافا لمن اشترط صلاته وإلا لم يجز عتقه ( وأخشم ) أي فاقد الشم ( وفاقد أنفه وأذنيه وأصابع رجليه ) جميعا وأسنانه ومجبوب وعنين وقرناء ورتقاء ومجذوم وأبرص وضعيف بطش ومن لا يحسن صنعة وفاسق وولد زنا وأحمق ، وهو من يضع الشيء في غير محله مع علمه بقبحه ( لا زمن ) وجنين وإن انفصل لدون ستة أشهر من الإعتاق لأنه وإن أعطي حكم المعلوم لا يعطى حكم الحي لما يأتي في الغرة ( ولا فاقد رجل ) أو يد أو أشل أحدهما لإضرار ذلك بعمله إضرارا بينا ( أو ) فاقد ( خنصر وبنصر من يد ) لذلك ، بخلاف فقد أحدهما أو فقدهما من يدين ( أو ) فاقد ( أنملتين من غيرهما ) وهو الإبهام أو السبابة أو الوسطى ، وخصهما لأن فقدهما من خنصر أو بنصر لا يضر كما علم بالأولى مما قبله .
فعلم مساواة عبارته لقول أصله ، وفقد أنملتين من أصبع كفقدها خلافا لمن اعترضه ، لا يقال أصله يفهم ضرر فقدهما من كل من الخنصر والبنصر معا ، وعبارة المصنف لا تفهم ذلك بل خلافه لأنا نمنع ذلك بل تفهمه لأنه علم منه أن الأنملتين في تلك الثلاثة كالأصبع فقياسه أنهما فيهما كالأصبع أيضا ( قلت : أو أنملة إبهام ، والله أعلم ) لتعطل منفعتها حينئذ ، بخلاف أنملة من غيرها ولو العليا من أصابعه ، نعم الأوجه أن غير الإبهام لو فقد أنملته العليا ضر قطع أنملة منه لأنه حينئذ كالإبهام ( ولا هرم عاجز ) عن الكسب صفة كاشفة ، ويجوز كونه للاحتراز عما إذا كان يحسن مع الهرم صنعة تكفيه فيجزئ وهو ظاهر ، وقضيته أنه لو قدر نحو الأعمى على صنعة تكفيه أجزأ وليس كذلك كما هو ظاهر كلامهم ( ولا من أكثر وقته مجنون ) فيه تجوز بالإخبار بمجنون عن أكثر وقته والأصل ولا من هو في أكثر وقته مجنون وذلك لما مر ، بخلاف ما إذا لم يكن أكثر وقته كذلك بأن قل زمن جنونه عن زمن إفاقته أو استويا : أي [ ص: 94 ] الجنون والإفاقة في النهار وإلا لم يجز كما بحثه الأذرعي لأن غالب الكسب إنما يتيسر نهارا .
ويؤخذ منه أنه لو كان متيسرا ليلا أجزأ ، وأن من يبصر وقتا دون وقت كالمجنون في تفصيله المذكور وهو متجه ، وبقاء نحو خبل بعد الإفاقة يمنع العمل في حكم الجنون ، وإنما لم يل النكاح من استوى زمن جنونه وإفاقته لأنه يحتاج لطول نظر واختبار ليعرف الأكفاء ، ولا يتم له ذلك مع التساوي ، واحترز بالجنون عن الإغماء لأن زواله مرجو ، وبه صرح الماوردي لكن توقف غيره فيما لو اطردت العادة بتكرره في أكثر الأوقات ( و ) لا ( مريض لا يرجى ) عند العتق برء مرضه كفالج وسل ولا من قدم للقتل ، بخلاف من تحتم قتله في المحاربة : أي قبل الرفع للإمام ، أما إذا رجي برؤه فيجزئ وإن اتصل به الموت لجواز أن يكون لهجوم علة ، بل لو تحقق موته بذلك المرض أجزأ في الأصح .
حاشية الشبراملسي
( قوله : وإنما يجزئ عنها ) خرج به عتق التطوع ، وما لو نذر إعتاق عبد فلا يشترط فيه ذلك فيصح ولو [ ص: 92 ] كان أعمى أو زمنا ( قوله : عتق رقبة مؤمنة ) أي فلا تجزى الكافرة ، وينبغي أخذا مما ذكر في المريض إذا شفي ، من الإجزاء أنه لو أعتق كافرا فتبين إسلامه الإجزاء ، ومثله أيضا ما لو أعتق عبد مورثه ظانا حياته فبان ميتا ( قوله لأصل أو دار ) ينبغي أنه لو نطق بالكفر بعد بلوغه تبعية تبين عدم إجزائه لبقائه على كفره ، بخلاف غيره فإنه لو نطق بالكفر فيهما بعد بلوغه يصير مرتدا ، فيجزئ لأنه كان وقت إعتاقه مسلما ( قوله : بجامع حرمة السبب ) أي في الجملة وإلا فقتل الخطأ الذي وردت فيه الآية لا إثم فيه ، وعبارة حج : بجامع عدم الإذن في السبب ( قوله : وذلك متوقف على استقلاله ) انظر لو أعتق أحد الملتصقين الذي لا يمكن فصله فهل يصح أو لا لأنه غير قادر على الاستقلال لأن الملتصق به قد لا يطاوعه على ذلك ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأنه له قدرة على الكسب في حد ذاته ، ومثل ذلك ما لو أعتقهما ، وهو ظاهر : أي لأن الكسب قد يحصل بلا عمل كالبيع والشراء .
( قوله : فيجزئ صغير ) أي لأن الأصل السلامة من العيب . قال شيخنا الزيادي : فإن بان خلافه نقض الحكم : أي بأن يقال تبين عدم الإجزاء ولو مات صغيرا أجزأه لأن الأصل والغالب سلامة الأعضاء ( قوله : بخلاف الهرم ) أي كما يأتي للمصنف أي فلا يجزئ لا هنا ولا في الغرة وإن وقع للشارح ثم ما يخالفه ( قوله : خروجا من خلاف إيجابه ) أي القائل بإيجابه ( قوله : وفارق الغرة ) أي حيث لم يجز فيها الصغير ( قوله : على أن المعتبر فيها ) أي الغرة ( قوله : وأعور لذلك ) أي لقوله لقلة تأثيرهما في العمل . ( فرع ) قال م ر : يجزئ من يبصر نهارا ولا يبصر ليلا اكتفاء بإبصاره في وقت العمل ا هـ سم على منهج . وظاهره وإن كان عمله ليلا ، وهو ظاهر لأنهم لم يشترطوا لإجزاء العتيق عدم الإخلال بنوع بعينه وإن لم يحسن خلافه ، لكن قياس قول الشارح الآتي في المجنون ويؤخذ منه أنه لو كان متيسرا ليلا أجزأ أن من أبصر ليلا وتيسر عمله فيه أجزأ .
( قوله : وأصم وأخرس ) أي فلو اجتمع الصمم والخرس هل يكفي أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب [ ص: 93 ] الأول لأن ذلك لا يخل بالعمل ، ثم رأيته صرح بذلك في حواشي شرح الروض ( قوله : ومجذوم ) أي بجذام لم يخل بالعمل ( قوله : لا زمن ) أي لا مبتلى بآفة تمنعه من العمل . وفي المختار : والزمانة آفة الحيوانات ، ورجل زمن : أي مبتلى بين الزمانة ، وقد زمن من باب سلم ، وعليه فالزمانة تشمل نحو العرج الشديد ( قوله : وجنين ) قال القفال : ولو انفصل بعضه لأنه لا يتصف بالسلامة إلا بعد كمال الانفصال ا هـ سم على منهج ( قوله : بخلاف فقد أحدهما ) أو فقدهما من يدين ا هـ حج ( قوله : أو فاقد أنملتين من غيرهما ) عبارة حج : من خنصر أو بنصر لا يضر كما علم إلخ ا هـ . وهي ظاهرة لأن مفادها أنه خص الأنملتين من غير الخنصر والبنصر بالذكر لأن فقدهما إلخ ( قوله : وخصهما ) أي الإبهام وما بعده ( قوله : لأن فقدهما ) أي الأنملتين ( قوله ولو العليا من أصابعه ) أي الجميع ما عدا الإبهام .
( قوله : ويجوز كونه للاحتراز ) حمله على ظاهر بل متعين لأن الهرم بمجرده لا يستلزم العجز ، ففي المختار الهرم كبر السن . وقد هرم من باب طرب ا هـ وأنت خبير بأن مجرد كبر السن لا يستلزم العجز وإن كان غالبا ( قوله وذلك لما مر ) أي من إضراره بالعمل [ ص: 94 ] قوله وإنما لم يل النكاح ) المراد أنه لا تنتظر إفاقته لما ذكره ثم من أنه لو زوج في زمن الإفاقة صح وإن قلت جدا كيوم في سنة ( قوله في أكثر الأوقات ) والقياس عدم إجزائه ( قوله : قبل الرفع للإمام ) أي فلو رفع له وقتل فالأقرب أنه يتبين عدم إجزائه لتبين موته بالسبب السابق على الإعتاق .
حاشية المغربي
( قوله : وعلم من كلامه أن مثلها إلخ . ) انظر ما وجهه [ ص: 92 ] قوله : بجامع حرمة السبب ) هذا لا يتأتى في القتل الخطأ الذي وردت الآية فيه وعبارة التحفة : بجامع عدم الإذن في السبب [ ص: 93 ] قوله : ; لأن فقدهما مضر ) عبارة التحفة : لأن فقدهما من خنصر أو بنصر لا يضر كما علم إلخ . وهي الصواب ( قوله : نعم الأوجه أن غير الإبهام إلخ . ) لا حاجة إلى بحث هذا إذ الفقد في كلام المصنف أعم من أن يكون بقطع أو خلقيا ، وإنما يحتاج لهذا فيما يأتي في الجراح فيما لو جنى على أصبع غير الإبهام فقطع منها أنملة والحال أنه ليس لها إلا أنملتان ، ثم رأيت الشهاب سم سبق إلى بعض هذا . [ ص: 94 ] قوله : ولا من قدم للقتل ) أي وقتل كما هو ظاهر مما يأتي