[ ص: 103 ] كتاب اللعان هو لغة مصدر أو جمع لعن : الإبعاد ، وشرعا : كلمات جعلت حجة للمضطر لقذف من لطخ فراشه وألحق به العار ، أو لنفي ولد عنه سميت بذلك لاشتمالها على إبعاد الكاذب منهما عن الرحمة وإبعاد كل عن الآخر ، وجعلت في جانب المدعي مع أنها أيمان على الأصح رخصة لعسر البينة بزناها وصيانة للأنساب عن الاختلاط ، ولم يختر لفظ الغضب المذكور معه في الآية لأنه المقدم فيها ، ولأنه قد ينفرد لعانه عن لعانها ولا عكس . والأصل فيه قبل الإجماع أوائل سورة النور مع الأحاديث الصحيحة فيه ، ولكونه حجة ضرورية لدفع الحد أو لنفي الولد كما علم مما ذكر توقف على أنه ( يسبقه قذف ) بمعجمة أو نفي ولد لأنه تعالى ذكره بعد القذف ، وهذا أعني القذف من حيث هو لغة الرمي ، وشرعا : الرمي بالزنا تعييرا ، ولم يذكره في الترجمة لأنه وسيلة لا مقصود كما تقرر ( وصريحه بالزنا كقوله ) في معرض التعيير ( لرجل أو امرأة ) أو خنثى ( زنيت ) بفتح التاء في الكل ( أو زنيت ) بكسرها في الكل ( أو ) قوله لأحدهما ( يا زاني أو يا زانية ) لتكرر ذلك وشهرته واللحن بتذكير المؤنث وعكسه غير مؤثر فيه ، بخلاف ما لا يفهم منه تعيير ولا يقصد به بأن قطع بكذبه كقوله لابنة سنة مثلا زنيت [ ص: 104 ] فلا يكون قذفا كما قاله الماوردي . نعم يعزر للإيذاء . ولو شهد عليه بالزنا مع تمام النصاب لم يكن قذفا ، وكذا لو شهد عليه شاهد بحق فقال خصمي يعلم زنا شاهده فحلفه أنه لا يعلمه ومثله أخبرني بأنه زان أو شهد بجرحه فاستفسره الحاكم فأخبره بزناه كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد وغيره أو قال له اقذفني فقذفه إذ إذنه فيه يرفع حده دون إثمه . نعم لو ظنه مبيحا وعذر بجهله اتجه عدم إثمه وتعزيره .
حاشية الشبراملسي
[ ص: 103 ] كتاب اللعان ( قوله : جعلت حجة ) أي بمعنى سببا دافعا للحد عن المضطر ( قوله سميت بذلك ) أي تلك الكلمات ( قوله : وصيانة ) عطف مغاير ( قوله : ولم يختر ) أي المصنف ( قوله : أوائل سورة النور ) اختلفت العلماء في نزول آية اللعان هل بسبب عويمر العجلاني أم بسبب هلال بن أمية ، فقال بعضهم بسبب عويمر واستدل { nindex.php?page=hadith&LINKID=86951بقوله صلى الله عليه وسلم لعويمر قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآنا } وقال جمهور العلماء : سبب نزولها قصة هلال بن أمية واستدلوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . قلت : ويحتمل أنها نزلت فيهما جميعا ، فلعلهما سألا في وقتين متقاربين فنزلت الآية فيهما ، ولو سبق هلال باللعان فيصدق أنها نزلت في ذا وذاك وأن هلالا أول من لاعن . قالوا : وكانت قضيته في شعبان سنة تسع من الهجرة ، ومما نقله القاضي عن ابن جرير الطبري ا هـ شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم للنووي . وعبارة شيخنا الزيادي : وسبب نزولها { nindex.php?page=hadith&LINKID=86952أن هلال بن أمية قذف زوجته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريك ابن سحماء ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم } إلى آخر ما ذكره ( قوله : واللحن بتذكير المؤنث وعكسه ) قد يمنع كونه لحنا بتأويل الرجل [ ص: 104 ] بالنسمة والمرأة بالشخص ( قوله : نعم يعزر للإيذاء ) أي لأهلها وإلا فهي لا تتأذى بما ذكر ، هذا وسيأتي في كلام الشارح أن مثل هذا يسمى تعزير تكذيب فقد يقال إن التعزير فيه للكذب لا للإيذاء ( قوله : ولو شهد ) أي شخص وقوله عليه أي على آخر ( قوله : مع تمام النصاب ) أي ثلاثة ( قوله : لم يكن قذفا ) أي ولا تعزير فيه ، ومثله ما لو شهد عليه نصاب : أي أو دونه في حق فجرح الشاهد بالزنا لترد شهادته ، ولو طلب من القاضي إثبات زناه لترد شهادته فأقام شاهدين فقط ( قوله قبلا أو شهد ) أي شخص ( قوله أو قال له اقذفني ) أي ولم تقم قرينة على عدم إرادة الإذن كأن أراد القاتل تهديد المقاتل تهديد المقول له يعني أنه إن قذفه قابله على فعله ( قوله : حده دون إثمه ) أي فيعزر .
[ فرع ] قال لاثنين زنى أحدكما أو لثلاثة قال الزركشي لم يتعرضوا له ويظهر أنه قاذف لواحد ، ولكل أن يدعي عليه أنه أراده على قياس ما لو قال لأحد هؤلاء الثلاثة علي ألف يصح الإقرار ولكل منهم أن يدعي ويفصل الخصومة ا هـ وهو ظاهر ، نعم لو ادعى اثنان وحلف لهما انحصر الحق للثالث فيحد له من غير يمين على أحد احتمالين قدمته أوائل الإقرار في مسألته التي قاس عليها ا هـ حج
حاشية المغربي
[ ص: 103 ] كتاب اللعان ( قوله : الإبعاد ) هو بالجر بدل من لعن أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف : أي وهو أي اللعن الإبعاد ، وعبارة شرح الروض : واللعان لغة مصدر لاعن ، وقد يستعمل جمعا للعن وهو الطرد والإبعاد انتهت ( قوله : للمضطر لقذف من لطخ إلخ . ) هذا يخرج عنه لعان المرأة ( قوله : في معرض التعبير ) يخرج عنه ما لو شهد به ولم يتم النصاب ( قوله : لأحدهما ) أي الأحد الدائر الصادق بها إذا قالت له يا زانية وبه إذا قال لها يا زاني ، وكان ينبغي حيث زاد [ ص: 104 ] الخنثى أن يقول لأحدهم ( قوله : فلا يكون قذفا ) أي فلا يترتب عليه شيء من أحكامه : أي بخلاف ما إذا لم يقطع بكذبه : أي بأن كان يتأتى وطؤها فإنه قذف يترتب عليه أحكامه كما يأتي وإن لم يكن فيه إلا التعزير ( قوله : ولو شهد عليه بالزنا مع تمام النصاب لم يكن قذفا ) أي موجبا للحد وإلا فلا خفاء أن بعض ما عطف على هذا مما يأتي قذف فتأمل ( قوله : بحق ) متعلق بشهد ( قوله : اتجه عدم إثمه وتعزيره ) هو بجر تعزير