فصل في كيفية اللعان وشروطه وثمراته ( اللعان : قوله ) أي الزوج ( أربع مرات أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به ) زوجتي ( هذه ) إن حضرت ( من الزنا ) إن قذفها بالزنا ، وإلا قال فيما رميتها به من إصابة غيري لها على فراشي وأن الولد منه لا مني ولا تلاعن [ ص: 114 ] هي هنا إذ لا حد عليها بلعانه ولو ثبت قذف أنكره قال فيما ثبت من قذفي إياها بالزنا وذلك للآيات أوائل سورة النور وكررت لتأكد الأمر ولأنها منه منزلة أربع شهود ليقام عليها بها الحد ، ولذا سميت شهادات .
وأما الخامسة فهي مؤكدة لمفادها ، نعم المغلب في تلك الكلمات مشابهتها للأيمان كما يأتي ( فإن غابت ) عن المجلس أو البلد لعذر أو غيره ( سماها ورفع نسبها ) أو ذكر وصفها ( بما يميزها ) عن غيرها دفعا للاشتباه ويكفي قوله زوجتي إذا عرفها الحاكم ولم يكن تحته غيرها ( والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ) عدل عن علي وكنت تفاؤلا ( فيما رماها به من الزنا وإن كان ولد ينفيه ; ذكره في ) كل من ( الكلمات ) الخمس كلها لينتفي عنه ( فقال وأن الولد الذي ولدته ) إن غاب ( أو هذا الولد ) إن حضر ( من ) زوج أو شبهة أو ( زنا ليس مني ) وذكر ليس مني تأكيد كما في أصل الروضة والشرح الصغير حملا للزنا على حقيقته وإن ذهب الأكثرون إلى أنه شرط واعتمده الأذرعي لاحتمال أن يعتقد أن وطء الشبهة زنا ، ولا يكفي الاقتصار على ليس مني لاحتمال أن يريد أنه لا يشبهه خلقا أو خلقا ( وتقول هي ) بعده لوجوب تأخر لعانها كما سيأتي ( أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به ) وتشير [ ص: 115 ] إليه إن حضر وإلا ميزته كما مر في نظيره ( من الزنا ) إن رماها به ولا تحتاج إلى ذكر الولد لأنه لا يتعلق به في لعانها حكم ( والخامسة أن غضب الله عليها ) عدل عن علي لما مر وذكره رماها ثم رماني هنا تفنن لا غير ( إن كان من الصادقين فيه ) أي فيما رماني فيه من الزنا وخص الغضب بها لأن جريمة زناها أقبح من جريمة قذفه ، والغضب وهو الانتقام بالعذاب أغلظ من اللعن الذي هو البعد عن الرحمة ( ولو بدل لفظ شهادة بحلف ) مر في الخطبة حكم إدخال الباء وما يتعلق بذلك ( ونحوه ) كأقسم أو أحلف بالله ( أو ) لفظ ( غضب بلعن وعكسه ) بأن ذكر لفظ الغضب وهي لفظ اللعن ( أو ذكرا ) أي اللعن والغضب ( قبل تمام الشهادات لم يصح في الأصح ) لأن المراعى هنا اللفظ ونظم القرآن .
والثاني يصح نظرا للمعنى .
والثالث لا يبدل الغضب باللعن ويجوز العكس
حاشية الشبراملسي
( فصل ) في كيفية اللعان وشروطه ( قوله : وثمراته ) أي وما يتبع ذلك كشدة التغليظ الآتي إلخ [ ص: 114 ] قوله : مشابهتها للأيمان ) أي فأعطيت حكمها فيما تقدم له من أنها أيمان على الأصح المراد به أنها كذلك حكما فلا ينافي أنها ليست أيمانا في الأصل ولكنها تشبهها ( قوله : كما يأتي ) ومن ثم لو كذب لزمه كفارة يمين ، والأوجه أنها لا تتعدد بتعددها لأن المحلوف عليه واحد والمقصود من تكريرها محض التأكيد لا غير ا هـ حج .
قال سم : ومقابل هذا الأوجه أربع كفارات ، واعتمد شيخنا الزيادي ما قاله حج ( قوله : حتى إذا عرفها الحاكم ) أي وعرف أنها تحته الآن ( قوله : والخامسة ) عطف على أربع فهو بالنصب ويجوز رفعه عطفا على قوله اللعان ( قوله : لاحتمال أن يريد أنه لا يشبهه ) فإن قلت : اليمين على نية المستحلف وعليه فنيته ذلك لا تنفعه .
قلت : لعل المراد بكونها على نية المستحلف بالنظر للزوم الكفارة ، [ ص: 115 ] قوله وإلا ميزته ) ومنه أن تقول زوجي إن عرفه القاضي ( قوله : لأن جريمة زناها ) أي الذي لاعنت لإسقاط حده ويقال مثله في قذفه ( قوله : بالبناء للمفعول ) أي ليشمل كلا من الزوج والمرأة وتجوز قراءته بالبناء للفاعل ويراد به الملاعن رجلا كان أو امرأة قوله ( والغضب ) الواو بمعنى أو ( قوله : لم يصح في الأصح ) هل محل ذلك إذا لم يعده في موضعه أو لا يصح اللعان مطلقا فيحتاج إلى استئناف الكلمات بتمامها ؟ فيه نظر ، وظاهر كلامه الثاني ويمكن توجيهه بأن ذكر اللعن في غير موضعه ينزل منزلة كلمة أجنبية والفصل بها مبطل للعان
حاشية المغربي
( فصل ) في كيفية اللعان [ ص: 114 ] قوله : ولو ثبت قذف أنكره قال فيما ثبت من قذفي إياها بالزنا ) أي بأن يقول أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما ثبت إلخ . فلا يكفيه في دفع الحد أشهد بالله إني لمن الصادقين في إنكاري ما ثبت علي من رميي إياها بالزنا خلافا لما في العباب .
وعبارة الروض وشرحه : لو ادعت امرأة أن زوجها قذفها ولم يعترف به بأن سكت ، أو قال في الجواب لا يلزمني الحد ، فأقامت بينة بقذفه لها لاعن ، وإن كان قد أنكر القذف وقال ما رميتك لاحتمال التأويل بأن الصدق ليس برمي أو بأن ما رميتك به ليس بقذف باطل بل هو صدق فالسكوت ، وقوله : لا يلزمني الحد ، وإنكاره القذف مع التأويل أو احتماله له ليس إنكارا للقذف ولا تكذيبا للبينة في الحقيقة ولأن قوله مردود عليه بالبينة فصار كأنه لم ينكر ويقول في لعانه أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما أثبتت علي من رميي إياها بالزنا انتهت ( قوله : تفاؤلا ) عبارة شرح الروض : وعدل عنها أدبا في الكلام ( قوله : في المتن فقال وأن الولد الذي ولدته إلخ . ) ظاهره أنه يأتي بهذا اللفظ حتى في الخامسة ، ولا يخفى ما فيه فلعل المراد أنه يأتي في الخامسة بما يناسب كأن يقول لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا وفي أن الولد من زنا ليس منه فتأمل ( قوله : لاحتمال أن يعتقد أن وطء الشبهة زنا ) أي فقد يكون هو الواطئ لها بالشبهة ويعتقد أن وطأه زنا لا يلحق به الولد ، ويحتمل أنه إنما احتيج لذلك لأنه قد يكون الواقع أن الولد من شبهة غيره فلا يكون صادقا في شهادته بأنه من الزنا فاحتيج إلى ذلك ليشمل ما ذكر ونحوه ليكون صادقا ، وإن لزم من الاقتصار على ذكر الزنا كونه ليس منه فتأمل [ ص: 115 ] قوله : تفنن ) لك أن تقول بل هو ضروري في عبارته إذ لا يصح قولها هنا أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماها به ولا قوله : هناك أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به .
ثم رأيت في حواشي سم ما نصه : قوله : تفنن لا غير : أي إذ لو عبر هنا أيضا برماها صح . ا هـ .
وفيه تأمل لأنه ، وإن صح في حد ذاته إلا أنه يخل بالمعنى المراد ، إذ لا يكون حينئذ من مقول القول وينحل المعنى إلى أنها تقول في شأن ما رماها به من الزنا أشهد بالله أنه لمن الكاذبين ، فيكون مقول قولها أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فقط وظاهر أنه لا يكفي فتأمل