( وكسوة ) بضم أوله وكسره معطوف على أدم أو على جملة ما مر أول الباب : أي وعلى زوج بأقسامه الثلاثة كسوة والأول أولى وذلك لقوله تعالى { وكسوتهن بالمعروف } ولأنه صلى الله عليه وسلم عدها من حقوق الزوجية ولأن البدن لا يقوم بدونها كالقوت ، ومن ثم مع كون استمتاعه بجميع البدن لم يكف فيها ما يقع عليه الاسم بالإجماع بخلاف الكفارة ، بل لا بد أن تكون بحيث ( تكفيها ) بفتح أوله بحسب بدنها ولو أمة كما هو ظاهر إطلاقهم حيث وجبت نفقتها ، والأوجه عدم اعتبار عادة أهل بلد بقصرها كثياب الرجال ، وأنها لو طلبت تطويلها ذراعا كما في خبر nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة وابتداؤه من نصف ساقها أجيبت لما فيه من زيادة سترها الذي حث الشارع عليه ولم يحتج إلى تقديرها ، بخلاف النفقة لمشاهدة كفاية البدن المانعة من وقوع تنازع فيها ، ويختلف عددها باختلاف محل الزوجة حرا وبردا ، ومن ثم لو اعتادوا للنوم ثوبا وجب فيما يظهر ، وجودتها وضدها بيساره وضده .
( فيجب قميص وسراويل ) أو ما يقوم مقامه بالنسبة لعادة محلها ( وخمار ) لرأسها أو ما يقوم مقامه كذلك ، ويجب الجمع بين الخمار والمقنعة كما نص عليه ويشير إليه كلام الرافعي حيث احتيج إليهما أو اقتضته العادة ( ومكعب ) بضم ففتح أو بكسر فسكون ففتح أو نحوه يداس فيه ، ويلحق به القبقاب عند اعتياده إلا أن لا يعتاد كأهل القرى [ ص: 194 ] كما قاله الماوردي ، وهذا في كل من فصل الشتاء والصيف ( ويزيد في الشتاء ) على ذلك في المحل البارد ( جبة ) محشوة أو نحوها فأكثر بحسب حاجتها أو جنسها : أي الكسوة ( قطن ) لأنه لباس أهل الدين وما زاد عليه ترفه ورعونة ، فعلى موسر لينة ومعسر خشنة ومتوسط متوسطة ( فإن جرت عادة البلد ) أي المحل التي هي فيه ( لمثله ) مع مثلها فكل منهما معتبر هنا ( بكتان أو حرير وجب ) مفاوتا في مراتب ذلك الجنس بين الموسر وضديه كما تقرر ( في الأصح ) عملا بالعادة المحكمة في مثل ذلك ، والثاني لا يجب ذلك ويقتصر على القطن ، وأطال الأذرعي في الانتصار له وزعم أنه المذهب ، ولو اعتيد بمحل لبس نوع واحد ولو أدما كفى ، أو لبس ثياب رفيعة لا تستر البشرة أعطيت من صفيق يقاربها ، ويجب توابع ذلك من نحو تكة سراويل وكوفية وزر نحو قميص أو جبة أو طاقية للرأس ، وظاهر أن أجرة الخياط وخيطه عليه دونها نظير ما مر في نحو الطحن .
( ويجب ما تقعد عليه ) ويختلف باختلاف حال الزوج ( كزلية ) على متوسط صيفا وشتاء ، وهي بكسر الزاي وتشديد الياء مضرب صغير ، وقيل بساط كذلك وكطنفسة بساط صغير ثخين له وبرة كبيرة ، وقيل كساء في الشتاء ونطع في الصيف على موسر ، قالا : ويشبه أن يكونا بعد بسط زلية وحصير فإنهما لا يبسطان وحدهما ( أو لبد ) شتاء ( أو حصير ) صيفا على فقير لاقتضاء العرف ذلك ( وكذا ) على كل منهم مع التفاوت بينهم نظير ما تقرر في الفراش للنهار ( فراش للنوم ) غير فراش النهار ( في الأصح ) لذلك فيجب مضرية لينة أو قطيفة وهي دثار مخمل وقول البيان باختصاص ذلك بزوجة الموسر بخلاف غيرها فيكفيها فراش النهار مردود إذ هو وجه ثالث .
والثاني لا يجب عليه ذلك وتنام على ما تفرشه نهارا ، واعترض صنيعهما هذا بأن الموجود في كتب الطريقين عكسه من حكاية الخلاف فيما قبل كذا والجزم فيما بعدها ( ومخدة ) بكسر أوله ( و ) يجب لها مع ذلك ( لحاف ) أو كساء ( في الشتاء ) يعني وقت البرد ولو لم يكن شتاء ، وما في الروضة من وجوبه في الشتاء مطلقا ، والتقييد بالمحل البارد في غيره محمول على الغالب فلا ينافي ما تقرر ، أما في غير وقت البرد ولو في وقت الشتاء في البلاد الحارة فيجب لها رداء أو نحوه إن كانوا ممن يعتادون غطاء غير لباسهم أو ينامون عرايا كما هو السنة ، ولا يجب تجديد هذا كله كالجبة إلا وقت تجديده عادة ( و ) يجب لها أيضا ( آلة تنظيف ) لبدنها وثيابها ويرجع في قدر ذلك ووقته للعادة ( كمشط ) قال القفال : وخلال ، ويعلم منه وجوب السواك بالأولى ( ودهن ) كزيت ولو مطيبا جرت به العادة ولو لجميع
[ ص: 195 ] البدن ( وما يغسل به الرأس ) عادة من سدر أو نحوه ( ومرتك ) بفتح أوله وكسره ( ونحوه ) كإسفيذاج وتوتيا وراسخت ( لدفع صنان ) إن لم يندفع بنحو رماد لتأذيها ببقائه ، ويشبه كما قاله الأذرعي وجوب نحو المرتك للشريفة وإن قام التراب مقامه إذا لم تعتده ، والأوجه كما بحثه أيضا عدم وجوب آلة تنظيف لبائن حامل وإن أوجبنا نفقتها كالرجعية ، نعم يجب لها ما يزيل شعثها فقط ووجوبه لمن غاب عنها ( لا كحل وخضاب وما يزين ) بفتح أوله غير ما ذكر كطيب وعطر لأنه لزيادة التلذذ فهو حقه ، فإن أراده هيأه ولزمها استعماله ، ونقل الماوردي { أنه صلى الله عليه وسلم لعن المرأة السلتاء } أي التي لا تختضب ، " والمرهاء " أي التي لا تكتحل من المره بفتحتين : أي البياض ، ثم حمله على من فعلت ذلك ليكرهها ويفارقها .
وفي رواية ذكرها غيره { إني لأبغض المرأة السلتاء والمرهاء } ومحل ما ذكر في المزوجة .
أما الخلية فقد مر الكلام عليها في الإحرام وشروط الصلاة
حاشية الشبراملسي
( قوله : وكسوة ) يؤخذ من ضبط الكسوة والفراش بما ذكر أنه لا يجب لها المنديل المعتاد للفراش وأنه إن أراده حصله لنفسه وإلا فلا يجب عليها تحصيله ( قوله : وكسره ) أي وهو أفصح ا هـ شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم للنووي .
ومن ثم قدم الكسر في المختار ( قوله والأول أولى ) أي لقرب العامل ، وعلى كل فهو بالرفع ( قوله : بحيث تكفيها ) ظاهره أن العبرة في كفايتها بأول فجر الفصل ، فلو كانت هزيلة عنده وجب ما يكفيها وإن سمنت في باقيه مر .
[ فرع ] لو اعتادوا العري وجب ستر العورة لحق الله تعالى ، وهل تجب بقية الكسوة أو لا كما في الأرقاء إذا اعتادوا العري أو يجب ستر ما بين السرة والركبة فقط كما سيأتي ؟ المتجه وجوب البقية هنا ، والفرق أن كسوة الزوجة تمليك ومعاوضة وإن لم تلبسها ولم تحتج إليها وكسوة الرقيق إمتاع مر ا هـ سم على حج ( قوله : أن لا يعتاد ) أي المكعب ونحوه ( قوله : كأهل القرى ) أي ما لم تكن من قوم يعتادونه في القرى كما هو ظاهر [ ص: 194 ] قوله : جبة ) مثل غرفة ا هـ مصباح ( قوله : فكل منهما ) أي الزوجين ( قوله : معتبر هنا ) أي في الكسوة دون الحب والأدم فإنه يعتبر بما يليق بالزوج ( قوله مفاوتا ) أي فيه ( قوله : ولو أدما ) أي جلدا ( قوله من صفيق يقاربها ) يؤخذ منه أنه لو جرت عادة بلدها بتوسعة ثيابهم إلى حد تظهر معه العورة أعطيت منه ما يستر العورة مع مقاربته لما جرت به عادتهم ( قوله : من نحو تكة ) بكسر التاء ( قوله : وخيطه عليه ) أي وإن فعلته بنفسها ( قوله : وكطنفسة ) بفتح الطاء وكسرها ا هـ مختار .
وفي nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب هي بكسر الطاء والفاء وبفتحهما وضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء بساط صغير إلخ ، ومثله في شرح المنهج للشيخ ( قوله : ونطع ) بفتح النون وكسرها شرح منهج ( قوله : فراش للنوم ) ويعتبر فيه ما يعتاد لمثلها ( قوله : مخمل ) بضم الميم وسكون الخاء وفتح الميم الثانية مخففة اسم مفعول من أخمله إذا جعل له خملا كما يؤخذ من القاموس ( قوله : على ما تفرشه ) بالضم كما في المختار ( قوله الطريقين ) أي المراوزة والعراقيين [ ص: 195 ] قوله : بنحو رماد ) أي ولو من سرجين وليس ذلك من التضمخ بالنجاسة لأن ذلك محله إذا تضمخ بها عبثا ( قوله : ووجوبه ) أي ما يزيل الشعث ( قوله : لمن غاب عنها ) يتأمل وجهه فيمن غاب عنها ، فإن التنظف إنما يطلب للزوج والقياس الاكتفاء فيها بما يزيل شعثها ، هذا إن رجع ضمير وجوبه لما يحصل به التنظف ، فإن رجع لما يزيل الشعث وهو الظاهر فلا إشكال ( قوله : وما يزين ) ومنه ما جرت به العادة من استعمال الورد ونحوه في الأصداغ ونحوها للنساء فلا يجب على الزوج ، لكن إذا أحضره لها وجب عليها استعماله إذا طلب تزينها به ( قوله : فإن أراده هيأه ) قضية التعبير بذلك أنه لا يتوقف على طلب استعماله منها صريحا بل يكفي في اللزوم القرينة ( قوله : التي لا تختضب ) أي بالحناء ( قوله : ثم حمله ) أي الماوردي
حاشية المغربي
( قوله : إلا أن لا يعتاد كأهل القرى ) عبارة الماوردي : ولو جرت عادة نساء أهل القرى أن [ ص: 194 ] لا يلبسن في أرجلهن شيئا في البيوت لم يجب لأرجلهن شيء انتهت ( قوله : أو طاقية للرأس ) الظاهر أنه معطوف على قميص : أي وزر طاقية ، ولعل المراد به ما يقال له زناق فليراجع ( قوله : وقيل بساط كذلك ) أي صغير [ ص: 195 ] قوله : كالرجعية ) أي حيث لا يجب لها آلة تنظيف كما يأتي ( قوله : ووجوبه ) هو بالرفع عطفا على عدم