( ويجب القصاص بالسبب ) كالمباشرة ، وهي ما أثر في التلف وحصله والأول ما أثر فيه فقط ، ومنه منع نحو الطعام السابق ، والشرط ما لا يؤثر فيه ولا يحصله بل يحصل التلف عنده بغيره ويتوقف تأثير ذلك الغير عليه كالحفر مع التردي فإن المفوت هو التخطي جهة الحفرة ، والمحصل هو التردي فيها المتوقف على الحفر ، ومن ثم لم يجب به قود مطلقا ، وسيعلم من كلامه أن السبب قد يغلبها وعكسه وأنهما قد يعتدلان ، ثم السبب إما حسي كالإكراه ، وإما عرفي كتقديم الطعام المسموم إلى الضيف وإما شرعي كشهادة الزور ( فلو ) ( شهدا ) على آخر ( بقصاص ) أي موجبه في نفس أو طرف أو بردة أو سرقة ( فقتل ) أو قطع بأمر الحاكم بشهادتهما ( ثم رجعا ) عنها ، ومثلهما المزكيان والقاضي ( وقالا تعمدنا ) الكذب فيها وعلمنا أنه يقتل بها أو قال كل تعمدت الكذب أو زاد ولا أعلم حال صاحبي ( لزمهما القصاص ) فإن عفي عنه فدية مغلظة لتسببهما إلى إهلاكه بما يقتل غالبا ، وموجبه مركب من الرجوع والتعمد مع العلم لا الكذب ، ومن ثم لو تيقنا كذبهما بأن شاهدنا المشهود بقتله حيا فلا قصاص لجواز عدم تعمدهما ، ولو قال أحدهما تعمدت أنا وصاحبي وقال الآخر أخطأت أو أخطأنا أو تعمدت وأخطأ صاحبي قتل الأول فقط ; لأنه المقر بموجب القود وحده ، فإن قالا لم نعلم أنه يقتل بقولنا قبلا إن أمكن صدقهما لقرب عهدهما بالإسلام أو نشئهما ببادية بعيدة عن العلماء .
قال البلقيني : أو قالا لم نعلم قبول [ ص: 254 ] شهادتنا لوجود أمر فينا يقتضي ردها ، والحاكم قصر في اختبارنا فتجب دية شبه العمد في مالهم إن لم تصدقهم العاقلة ( إلا أن يعترف الولي بعلمه ) عند القتل كما في المحرر ( بكذبهما ) في شهادتهما فلا قود عليهما ، بل هو أو الدية المغلظة عليه وحده لانقطاع تسببهما .
وإلجائهما بعلمه فصارا شرطا كالممسك مع القاتل ، واعترافه بعلمه بعد القتل لا أثر له فيقتلان ، واعتراف القاضي بعلمه بكذبهما حين الحكم أو القتل موجب لقتله أيضا رجعا أم لا ، ومحل ذلك كله ما لم يعترف وارث القاتل بأن قتله حق ، ولو رجع الولي والشهود فسيأتي في الشهادات وخرج بالشاهد الراوي كما لو أشكلت قضية على حاكم ، فروى له فيها خبرا فقتل به الحاكم آخر ثم رجع الراوي وقال تعمدت الكذب فلا قصاص عليه كما نقله في الروضة كأصلها قبيل الديات عن الإمام وغيره خلافا للبغوي في فتاويه ، وقياسه كما أفتى به بعض المتأخرين ما لو استفتى القاضي شخصا فأفتاه بالقتل ثم رجع
حاشية الشبراملسي
( قوله : وهي ) أي المباشرة
( قوله : والأول ) أي السبب ( قوله : ما أثر فيه فقط ) أي بأن ترتب عليه الهلاك بواسطة ، ولم يحصله بذاته ، وعبارة قح : وإن أثر في حصول ما يؤثر في الزهوق فالسبب ا هـ : أي كالحبس فإنه يؤثر حصول الألم الذي يوجب زهوق الروح
( قوله : أن السبب قد يغلبها ) أي المباشرة
( قوله : وموجبه ) أي القود
( قوله : لا الكذب ) أي ليس موجبه الكذب
( قوله : ومن ثم لو تيقنا كذبهما إلخ ) يتأمل موقع هذا الكلام فإنه تحصل من كلامه أن شرط وجوب القصاص الرجوع مع الاعتراف بتعمد الكذب وبالعلم بأنه يقتل بشهادتهما ، فإن تحقق هذا الشرط وجب القصاص ، ولا أثر للمشاهدة المذكورة ، وإن لم يتحقق لم يجب ، وإن انتفت المشاهدة المذكورة فليتأمل ، وقد يجاب بأن المراد أنهما إذا لم يعترفا بالتعمد وشاهدنا المشهود بقتله حيا لم يجب القصاص لاحتمال الغلط وعدم التعمد ، ولا يخفى عدم مساعدة العبارة عليه قح
( قوله : فلا قصاص ) وعلى القاتل دية عمد في ماله كما يأتي في شرح قول المصنف ولو ألقاه في ماء مغرق فالتقمه حوت إلخ ( قوله : قتل الأول ) أي من قال تعمدت أنا وصاحبي [ ص: 254 ]
( قوله : في مالهم ) أي الشهود
( قوله : إن لم تصدقهم ) أي فإن صدقتهم فالدية على العاقلة
( قوله : واعترافه ) أي الولي ( قوله : بعد القتل ) صلة علمه ، والمراد القتل للجاني
( قوله : ما لم يعترف وارث القاتل ) أي القاتل الأول ، وهو الذي قتلناه بشهادة البينة
( قوله : فلا قصاص ) أي ولا دية ، وإن لم يكن أهلا للرواية ، وكذا القاضي لا قصاص عليه حيث كان أهلا للأخذ من الحديث بأن كان مجتهدا ، وإلا اقتص منه ( قوله : وقياسه كما أفتى به إلخ ) أي في عدم وجوب شيء عليه