( ولو ) ( ضيف بمسموم ) يعلم كونه يقتل غالبا ( صبيا ) غير مميز كما قيد به الإمام وغيره ونقله الشيخ أبو حامد عن النص ( أو مجنونا ) أو أعجميا يرى طاعة أمره فأكله ( فمات ) منه ( وجب القصاص ) ; لأنه ألجأه إلى ذلك سواء قال له هو مسموم أم لا ، وقول الشارح وإن لم يقل هو مسموم : أي وإن لم يقل المضيف لوليهما عند مطالبته للقصاص هو مسموم فيجب القصاص عند قوله هو مسموم بالأولى ، على أن جمعا من أئمة العربية قرروا أن الغاية تكون معطوفة على نقيض ما بعدها ، فتقدير كلامه يجب القصاص سواء قال هو مسموم أم لم يقل ، أما المميز فكالبالغ وكذا مجنون له تمييز كما قاله البغوي ( أو بالغا عاقلا ولم يعلم حال الطعام ) فأكله فمات ( فدية ) شبه العمد لتناوله له باختياره فلم يؤثر تغريره ( وفي قول قصاص ) لتغريره كالإكراه .
ورد بأن في الإكراه إلجاء دون هذا ، ولا دليل في قتله صلى الله عليه وسلم [ ص: 255 ] لليهودية التي سمته بخيبر لما مات بشر رضي الله عنه ; لأنها لم تضيفهم بل أرسلت به إليهم ، وبفرض التضييف فالرسول فعله قطع فعلها كالممسك مع القاتل ، وبفرض أنه لم يقطعه فعدم رعاية المماثلة هنا بخلافها مع اليهودي السابق قرينة على أنه قتلها لنقضها العهد بذلك على ما يأتي آخر الجزية لا للقود ، وتأخيره لموت بشر بعد العفو لتحقق عظم الجناية التي لا يليق بها العفو حينئذ لا ليقتلها إذا مات .
والحاصل أنها واقعة حال فعلية محتملة فلا دليل فيها ( وفي قول : لا شيء ) تغليبا للمباشرة ورد بأن محل تغليبها حيث اضمحل السبب معها كالممسك مع القاتل ولا كذلك هنا أما إذا علم فهدر لإهلاكه نفسه ( ولو ) ( دس سما ) بتثليث أوله ( في طعام شخص ) مميز أو بالغ على ما مر ( الغالب أكله منه فأكله جاهلا ) بالحال ( فعلى الأقوال ) فعليه دية شبه عمد على الأظهر لما مر ، وخرج بقوله : في طعام شخص ما لو دسه في طعام نفسه فأكل منه آخر عادته الدخول عليه فإنه يكون هدرا ، وزاد على أصله الغالب أكله تبعا للشرحين ولم يتعرض لها الأكثرون لأجل جريان الخلاف ليأتي القول بوجوب القصاص وإلا فالواجب دية شبه العمد مطلقا كما نبه على ذلك الوالد رحمه الله تعالى ، وإن وقع لكثير من الشراح أنه احترز به عما لو كان أكله منه نادرا فيكون هدرا ، ولو قال لعاقل : كل هذا الطعام وفيه سم فأكله ، ومات لم يجب قصاص ولا دية كما نص عليه في الأم وجزم به الماوردي ، ولو أكره آخر على شربه وهو جاهل كونه سما فشربه ومات وجب القصاص ، بخلاف العالم بذلك فإن ادعى القاتل جهله بكونه سما وكان ممن يخفى عليه ذلك صدق وإلا فلا كما قاله [ ص: 256 ] المتولي ، أو بكونه قاتلا وجب القصاص حيث كان الآكل غير مميز ، ولو قامت بينة بأن ما أوجره من السم يقتل غالبا ، وادعى عدمه وجب القود ، فإن لم تكن صدق بيمينه ، ولو أوجر شخصا سما لا يقتل غالبا فشبه عمد أو يقتل مثله غالبا فالقود ، وكذا إكراه جاهل عليه لا عالم ، وكلام أصل الروضة هنا محمول على هذا
حاشية الشبراملسي
( قوله : أو مجنونا ) أي وليس له تمييز كما يعلم من كلامه الآتي ( قوله : لأنه ألجأه إلى ذلك ) أي ; لأن الضيف بحسب العادة يأكل مما قدم له وهو لكونه غير مميز لا يفرق بين حالة الأكل وعدمها فكان التقديم له إلجاء عاديا
( قوله : وقول الشارح ) مبتدأ خبره قوله : أي وإن لم يقل كأن مراده من هذا أنه ليس المقصود من الغاية جعلها أولى بالحكم مما قبلها بل المراد بها مجرد التعميم ، وإلا فمجرد هذا التقدير لا يرفع السؤال فإن من جعله غاية قدر ذلك لكنه اعتبر كون الغاية أولى بالحكم وهو محل المناقشة
( قوله : قرينة ) أي حيث لم يقتلها بمثل السم الذي قتلت به فسيأتي له أن له قتله بمثل السم الذي قتل به ما لم يكن مهريا يمنع الغسل ، والظاهر أن ما هنا لم يكن مهريا ومن ثم تأخر موت بشر مدة عن أكل السم
( قوله : لنقضها العهد ) أي لا لكونها ضيفت بالمسموم ( قوله : وتأخيره ) أي تأخير قتلها ( قوله : فلا دليل فيها ) ; لأن من قواعد nindex.php?page=showalam&ids=13790إمامنا رضي الله عنه أن وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال وسقط بها الاستدلال ( قوله : سما بتثليث أوله ) لكن الأفصح الفتح ويليه الضم وأردؤها الكسر نبه عليه البرهان الحليمي في حواشي الشفاء
( قوله : مميز ) انظر لو كان غير مميز ، ثم رأيت في قح لم يبين حكم غير المميز هل هو وجوب القصاص كما لو ضيفه انتهى .
ومفهوم الشارح وجوب القصاص
( قوله : فأكل منه ) أي من غير تقديم له من صاحب الطعام ، ومن التقديم ، وضع السفرة بنفسه على وجه تقضي العادة فيه بأنه أذن في الأكل لتغريره به عرفا ، أما لو وضعها غيره كخادمه فالضمان على الواضع دون المالك ، ولو بأمره أخذا مما تقدم من أن تقديم الرسول قطع فعل اليهودية
( قوله : مطلقا ) أي سواء ندر أكله أو استوى الأمران ( قوله : وفيه سم ) من تتمة كلام القائل ( قوله : ولا دية ) أي ولا كفارة أيضا ( قوله : وهو ) أي الشارب
( قوله : وجب القصاص ) أي على المكره
( قوله : بخلاف العالم ) أي الشارب العالم
( قوله : صدق ) أي وعليه دية عمد ; لأنه قصد الفعل والشخص بما يقتل غالبا ، ويحتمل أن عليه دية خطأ ، ثم [ ص: 256 ] رأيت ابن عبد الحق اقتصر على الاحتمال الثاني
( قوله : وادعى ) أي المؤجر
( قوله : وجب القود ) عملا بالبينة
( قوله : صدق بيمينه ) أي في أنه لا يقتل غالبا فعليه دية شبه عمد
( قوله : فشبه عمد ) أي وإن كان المؤجر صبيا
( قوله : فالقود ) أي وإن كان المؤجر بالغا عاقلا
( قوله : عليه ) أي يوجب القود على المكره ( قوله محمول على هذا ) اسم الإشارة راجع إلى قوله : لا عالم
حاشية المغربي
( قوله : معطوفة على نقيض ما بعدها ) أي والذي بعدها لم يقل هو مسموم فنقيضه قال هو مسموم فصار التقدير قال هو مسموم ، وإن لم يقل هو مسموم وهو مرادف لقوله سواء أقال إلخ . وغرض الشارح من هذا التقدير أن المناسب في الغاية أن يقول ، وإن قال هو مسموم لأن الخطاب مع غير المميز : أي فهذا القول لا يفيد في دفع القصاص في غير المميز إفادته في البالغ العاقل الآتي [ ص: 255 ] قوله : ما مر ) أي في قوله سواء إلخ . ( قوله : ; لأجل جريان الخلاف ) علة لقوله وزاد إلخ . ( قوله : ولو قال لعاقل كل هذا الطعام وفيه سم ) عبارة الروض : ولو قال لعاقل كل هذا الطعام ففيه سم لا يقتل ، فأكله إلخ . فقوله : لا يقتل ساقط من نسخ الشارح ، ولا بد منه ، وعلم من الفاء في عبارة الروض أن قوله وفيه سم من مقول القول ( قوله : فإن ادعى القاتل ) يعني : المكره بكسر الراء [ ص: 256 ] قوله : حيث كان الآكل غير مميز ) يحرر ويراجع في كلام غيره ، وقوله : الأكل المناسب الشارب أو المتناول