وعلم مما تقدم وجوب التكبير قائما حيث يلزمه القيام ، وأن يسمع به نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض عنده من لغط أو غيره .
ويسن أن لا يقصره بحيث لا يفهم وأن لا يمططه ، وقصره بأن يسرع به أولى وأن يجهر بالتكبيرات الإمام لا غيره ، إلا أن لا يبلغ صوت الإمام جميع المأمومين فيجهر بعضهم واحد أو أكثر بحسب الحاجة ليبلغ عنه ، ولو كبر للإحرام تكبيرات ناويا بكل منها الافتتاح دخل في الصلاة بالأوتار وخرج بالأشفاع ، هذا إن لم ينو بينهما خروجا أو افتتاحا ، وإلا فيخرج بالنية ويدخل بالتكبير ، فإن لم ينو بغير الأولى شيئا لم يضر لأنه ذكر فلا تبطل به صلاته ، هذا كله مع العمد كما قاله ابن الرفعة ، أما مع السهو فلا بطلان .
ولو شك في أنه أحرم أو لا فأحرم قبل أن ينوي الخروج من الصلاة لم تنعقد ، لأنا نشك في هذه النية أنها شفع أو وتر فلا تنعقد الصلاة مع الشك ، وهذا من الفروع النفيسة .
ولو اقتدى بإمام فكبر ثم كبر فهل [ ص: 462 ] يجوز له الاقتداء به حملا على أنه قطع النية ونوى الخروج من الأولى أو يمتنع لأن الأصل عدم قطعه للنية الأولى ؟ يحتمل أن يكون على الخلاف فيما لو تنحنح في أثناء صلاته فإنه يحمله على السهو ولا يقطع الصلاة في الأصح ، ومقتضاه البقاء في مسألتنا وهو الأوجه ، وإن ذهب بعض المتأخرين إلى أن المتجه الامتناع لأن إفساد ما لم يتحقق صحته لا يتابعه فيه بخلاف ما يعرض في الأثناء بعد عقد الصحة اللهم إلا أن يكون فقيها لا يخفى عليه مثل هذه المسألة ا هـ .
( قوله : وعلم مما تقدم ) أي من قوله في قيامه أو بدله ( قوله : ويسن أن لا يقصره ) عبارة المصباح : قصرت الصلاة ومنها قصرا من باب قتل هذه اللغة العالية التي جاء بها القرآن ، قال تعالى { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } وقصرت الصلاة بالبناء للمفعول فهي مقصورة وفي حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=1476أقصرت الصلاة } وفي لغة يتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال أقصرتها وقصرتها ا هـ ( قوله : أولى ) أي لأنه يكون أقرب لاستحضار النية في جميعه ( قوله : الإمام لا غيره ) أي وإذا جهر اشترط أن يقصد بتكبيره الذكر ولو مع الإعلام ، سواء في ذلك تكبيرة الإحرام وغيرها ( قوله : هذا إن لم ينو بينهما خروجا ) أي ولم يحصل منه تردد في النية مع طول ( قوله : أما مع السهو ) أي كأن نسي كونه أحرم أولا فكبر قاصدا الإحرام ( قوله : فأحرم قبل أن ينوي ) أي قبل طول الفصل ، فإن طال بطلت صلاته للتردد ( قوله لم تنعقد ) أي هذه النية ، ثم إن علم عن قرب أنه أحرم قبل تبين انعقاد صلاته وإلا فلا ( قوله : ولو اقتدى بإمام ) أي أراد الاقتداء لقوله بعد : فهل يجوز له الاقتداء إلخ ، ويمكن بقاؤه على ظاهره ، ويحمل قوله : فهل يجوز له إلخ على معنى : فهل يجوز له البقاء على القدرة ، ويشعر به قوله الآتي ، ومقتضاه البقاء في مسألتنا إلخ ( قوله : فكبر ثم كبر ) أي الإمام [ ص: 462 ] مرتين ( قوله : ونوى ) عطف على قطع عطف سبب على مسبب ( قوله : لأن إفساد ما لم يتحقق ) أي إفساد فعل لم يتحقق صحته ، والمراد أنه هنا شك في انعقاد صلاة الإمام فهي فاسدة على احتمال فلا يتابعه فيها ، بخلاف ما لو تنحنح في صلاته فإنه تحقق منه الصحة وشك في المبطل بالإتيان بالثانية والأصل عدمه ، لا يقال : هو هنا كذلك لأنه هنا علم الصحة بنيته الأولى وشك في المبطل بالإتيان بالثانية .
لأنا نقول : يجوز أن إتيانه بالثانية لعلمه أو ظنه فساد الأولى فتكون الثانية الصحيحة ، وإن قصد بها الافتتاح بعد صحة الأولى فتبطل ، ولعل ما ذكر من السؤال هو المعنى بقوله على أنه قد يمنع ( قوله : اللهم إلا أن يكون ) أي الإمام فقيها : أي فلا يفعل ما يؤدي لبطلان صلاته ( قوله : إنا لم نتحقق صحته ) أي لأنا تحققنا صحته بالأولى وشككنا في المبطل ( قوله فهذا يحتمل الإبطال ) أي إبطال الصلاة بالتكبير الثاني ( قوله : فتبطل ) أي النية الأولى ( قوله كنية صلاة مستأنفة ) أي فيتضمن قطع الأولى .
حاشية المغربي
( قوله : وأن يسمع نفسه ) هذا لم يعلم مما تقدم ففيه مسامحة إذ النطق لا يستلزم إسماع نفسه