ويكره إلصاق رجليه وتقديم إحداهما على الأخرى ( فإن لم يطق انتصابا ) لنحو كبر أو مرض ( وصار كراكع فالصحيح أنه يقف ) وجوبا ( كذلك ) لأنه أقرب إلى القيام من غيره ( ويزيد انحناءه لركوعه إن قدر ) ليتميز عن قيامه والثاني لا بل يقعد فإذا وصل إلى الركوع لزمه الارتفاع لأن حد الركوع يفارق حد القيام فلا يتأدى هذا بذاك ( ولو أمكنه القيام دون الركوع والسجود ) لعلة بظهره مثلا تمنعه الانحناء ( قام ) وجوبا ولو بمعين وإن كان مائلا على جنب بل ولو كان أقرب إلى حد الركوع فيما يظهر ( وفعلهما بقدر إمكانه ) لخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=9510إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } ولأن الميسور لا يسقط بالمعسور ولأن القيام آكد [ ص: 468 ] منهما ، وسقوطه في النفل دونهما لا ينافي ذلك خلافا لمن زعمه كما لا يخفى ، ولو أطاق القيام والاضطجاع دون الجلوس قام لأن القيام قعود وزيادة كما في الروضة عن البغوي ويفعل ما يمكنه من الإيماء ( ولو عجز عن القيام قعد ) للحديث المتقدم والإجماع ( كيف شاء ) لإطلاق الحديث وثواب القاعد لعذر كثواب القائم وإن لم يكن صلى قبل مرضه لكفر أو تهاون فيما يظهر خلافا للأذرعي .
نعم إن عصى بنحو قطع رجله لم يتم ثوابه وإن كان لا قضاء عليه ، قال الرافعي : ولا نعني بالعجز عدم الإمكان فقط بل في معناه : خوف الهلاك ، أو الغرق ، أو زيادة المرض ، أو لحوق مشقة شديدة ، أو دوران الرأس في حق راكب السفينة كما تقدم بعض ذلك .
قال في زيادة الروضة : الذي اختاره الإمام في ضبط العجز أن تلحقه مشقة تذهب خشوعه لكنه قال في المجموع : إن المذهب خلافه انتهى . وأجاب الوالد رحمه الله تعالى عن ذلك بأن إذهاب الخشوع ينشأ عن مشقة شديدة وهل تبطل صلاة من يصلي قاعدا بالانحناء في غير موضع الركوع إلى حد ركوعه أم لا .
قال أبو شكيل : لا تبطل إن كان جاهلا وإلا بطلت ، وإذا وقع المطر وهو في بيت لا يسع قامته وليس هناك مكتن غيره فهل يكون ذلك عذرا في أن يصلي فيه مكتوبة بحسب الإمكان ولو قعودا أم لا ، إلا إذا ضاق الوقت كما فهم من الروضة في مسألة المقام أم يلزمه أن يخرج منه ويصلي قائما في موضع يصيبه المطر ، فإن قيل بالترخص فهل يلزمه الإعادة أم لا ؟ قال أبو شكيل : إن كانت المشقة التي تحصل عليه في المطر دون المشقة التي تحصل على المريض لو صلى قائما لم يجز له أن يصلي قاعدا ، وإن كانت مثلها جاز له أن يصلي في البيت المذكور قاعدا . نعم هل الأفضل له التقديم أو التأخير إن كان الوقت متسعا فيه ما في التيمم في أولي الوقت إذا كان يرجو الماء آخر الوقت .
والأصح أن التقديم أفضل ولا إعادة عليه ، لأن المطر من الأعذار العامة ولذلك يجوز الجمع به ولا تجب الإعادة . وقال ابن العراقي : [ ص: 469 ] لا رخصة في ذلك بل القيام شرط فعليه فعل الصلاة قائما والأول أوجه ، وعلى القول بأنه لا يتعين للقعود كيفية فالأولى ما ذكره بقوله ( وافتراشه أفضل من تربعه ) وغيره ( في الأظهر ) وسيأتي بيان ذلك لأنها هيئة مشروعة في الصلاة فكانت أولى من غيرها .
والثاني التربع أفضل وصححه جمع واختار السبكي والأذرعي ، وشمل إطلاقه المرأة وهو كذلك ، ولو تعارض التربع والتورك قدم التربع لجريان الخلاف القوي في أفضليته على الافتراش ولم يجر ذلك في التورك فيما يظهر .
حاشية الشبراملسي
( قوله : وتقديم إحداهما ) وهذا لا ينافي ما مر من سن التفريق بين القدمين بقدر شبر ، لأن ترك السنة قد يكون مكروها وقد يكون خلاف الأولى ، فذكر الكراهة هنا بيان لما استفيد من عدم السنية ( قوله : ويزيد انحناءه لركوعه إن قدر ) قال حج : فإن لم يقدر لزمه كما هو ظاهر إذا فرغ من قدر القيام أن يصرف ما بعده للركوع بطمأنينته ثم للاعتدال بطمأنينته ، ويخص قولهم لا يجب قصد الركن بخصوصه بغير هذا ونحوه لتعذر وجود صورة الركن إلا بالنية ( قوله : ولو بمعين ) أي في النهوض دون [ ص: 468 ] ما بعده على ما مر ( قوله : لا ينافي ذلك ) وذلك لأن الركوع وإن لم يسقط في النافلة لكنه شرع فيها على وجه أدون من ركوع القائم ، فكان كل من حقيقة القيام والركوع ساقطا في النافلة ، وأما عدم سقوط السجود في النافلة فلأنه ليس لنا حالة دونه يعد معها ساجدا ( قوله : لأن القيام قعود وزيادة ) يتأمل ا هـ سم على حج .
أقول : أي لأن حقيقة القعود مباينة لحقيقة القيام ، ويمكن أن يوجه بأن القعود يشتمل على انتصاب ما فوق الفخذين وهذه الحقيقة موجودة في القيام وتزيد عليها بانتصاب الفخذين مع الظهر ( قوله : بالانحناء ) متعلق بتبطل وعليه فصورته أن يحرم قاعدا ويقرأ الفاتحة ثم ينحني بعد القراءة إلى حد ركوعه لا على نية الركوع بل تتميما للقيام .
أما لو أحرم منحنيا أو انحنى عقب إحرامه وقرأ ، فإن كان عامدا عالما بطلت صلاته ، وإن كان ناسيا أو جاهلا فإن تذكر وأعاد ما فعله من الجلوس استمرت الصحة واعتد بما فعله وإن سلم بانيا على ما فعله وجبت الإعادة لأنه ترك ما هو بدل القيام مع القدرة عليه ( قوله : وإلا بطلت ) أي بأن كان عالما : أي وفعل ذلك لا لعذر أما لو كان لعذر كأن جلس مفترشا فتعبت رجلاه فأراد التورك فحصل انحناء بسبب الإتيان بالتورك فلا يضر ( قوله وليس هناك مكتن غيره ) أي مكان يكتن فيه ( قوله : لأن المطر من الأعذار العامة ) قد يشكل بأن المطر وإن كان من الأعذار العامة لكن فقد الكن نادر ، كما قيل بوجوب البيضاء على من تيمم للبرد لندرة فقد ما يسخن به وإن كان البرد غير نادر إلا أن يمنع أن فقد الكن نادر ، وهل مثل المطر ما لو حبس في موضع لا يمكنه القيام فيه فصلى قاعدا أم لندرة الحبس بالنسبة للمطر ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ( قوله : وقال ابن العراقي ) وفي نسخة ابن العراف [ ص: 469 ] قوله والأول أوجه ) أي ما قاله أبو شكيل .
حاشية المغربي
( قوله : ولو بمعين ) يعني : في النهوض لا في دوام القيام كما علم مما مر ( قوله : بل ولو كان أقرب إلى الركوع فيما يظهر ) انظر ما موقع هذا البحث مع أنه نص قول المتن فيما مر فإن لم يطق انتصابا وصار كراكع إلا أن يقال هذا في الميل إلى جنب ، بخلاف ما في المتن ، فإنه في الانحناء ، وعليه فلينظر ما إذا صار في ميله إلى حد الركوع وقضية كلامه أن الميل لا يعطى حكم الانحناء فليراجع [ ص: 468 ] قوله : عن ذلك ) أي عن كلام الإمام الذي رده في المجموع وفي نسخ ، وجمع الوالد رحمه الله تعالى [ ص: 469 ] بين كلامي الروضة ، والمجموع إلى آخره وما هنا أقعد ( قوله : وعلى القول بأنه لا يتعين للقعود كيفية إلخ ) يوهم أن فيه خلافا وليس كذلك ( قوله : فالأولى ما ذكره بقوله ) حق العبارة فالأفضل الافتراش كما قال