قال الروياني أو من علم شرعي ( بقاذورة ) أو قذر طاهر كمخاط أو بزاق أو مني ; لأن فيه استخفافا بالدين ، وقضية إتيانه [ ص: 417 ] بالكاف في الإلقاء أن الإلقاء ليس بشرط ، وأن مماسته بشيء من ذلك القذر كفر أيضا وفي هذا الإطلاق وقفة ، فلو قيل تعتبر قرينة دالة على الاستهزاء لم يبعد ( وسجود لصنم أو شمس ) أو مخلوق آخر ; لأنه أثبت لله شريكا ، نعم إن دلت قرينة قوية على عدم دلالة الفعل على الاستخفاف كسجود أسير في دار الحرب بحضرة كافر خشية منه فلا كفر ، وخرج بالسجود الركوع لوقوع صورته للمخلوق عادة ، ولا كذلك السجود ، نعم يتجه أن محل ذلك عند الإطلاق ، فإن قصد تعظيم مخلوق بالركوع كما يعظم الله به فلا فرق بينهما في الكفر حينئذ
حاشية الشبراملسي
( قوله : أو من الحديث ) ظاهره وإن كان ضعيفا ، وهو ظاهر ; لأن في إلقائه استخفافا بمن نسب إليه ، وخرج بالضعيف الموضوع
[ فرع ] قول الشيخ في شرح منهج هـ : أو إلقاء مصحف إلخ هو معطوف على نفي الصانع لا على كفر ، إذ لو عطف عليه لاقتضى أن التردد في الإلقاء كفر ، وفيه نظر صرح به الشهاب الرملي في حاشيته على الروض
أقول : وينبغي عدم الكفر به ، لكن قضية قول المنهج أو تردد في كفره أنه يكفر به ; لأن إلقاء المصحف كفر لما فسر به الردة فالتردد فيه تردد في الكفر .
[ فائدة ] وقع السؤال عن شخص يكتب القرآن برجله لكونه لا يمكنه أن يكتب بيديه لمانع بهما ، والجواب عنه كما أجاب عنه شيخنا الشوبري بأنه لا يحرم عليه ذلك والحالة ما ذكر ; لأنه لا يعد إزراء ; لأن الإزراء أن يقدر على الحالة الكاملة وينتقل عنها إلى غيرها وهذا ليس كذلك ، وما استند إليه بعضهم في الحرمة من حرمة مد الرجل إلى المصحف مردود بما تقرر ، ويلزم القائل بالحرمة هنا أن يقول بالحرمة فيما لو كتب القرآن بيساره مع تعطل اليمين ولا قائل به ا هـ . وقول بعضهم إن كان لا يحتاج للكتابة للغنى أو بكتب غيره حرم وإلا فلا تحكم عقلي لا يساعده قاعدة ولا نقل . ويلزمه أنه لو كان يكتب بقصد الإبقاء أنه يحرم عليه وإلا فلا ، إذ لا فرق بين غني وفقير يكتب بقصد الإبقاء فيما علل به من عدم الحاجة فكان المناسب أن يذكر ذلك في تفصيله ، بل وكان يقال على طبق ما أجاب به إن كان يكتب القرآن للدراسة لا يحرم عليه وإلا فلا لوجود التعليل في ذلك فليتنبه له
( قوله : فإن قصد تعظيم مخلوق ) أي فلو لم يقصد ذلك لم يكن كفرا ، بل لا يكون حراما أيضا كما يشعر به قوله لوقوع صورته للمخلوق عادة ، لكن عبارة حج على الشمائل في باب تواضعه صلى الله عليه وسلم عند قول المصنف : وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك نصها : ويفرق بينه : أي القيام للإكرام لا للرياء والإعظام حيث كان مكروها ، وبين حرمة نحو الركوع للغير إعظاما بأن صورة نحو الركوع لم تعهد إلا لعبادة الله بخلاف صورة القيام ا هـ . وهي صريحة في أن الإتيان بصورة الركوع للمخلوق حرام وبأنها لم تعهد لمخلوق ، وهي منافية لقول الشارح لوقوع صورته للمخلوق عادة ، أما ما جرت به العادة من خفض الرأس والانحناء إلى حد لا يعمل به إلى أقل الركوع فلا كفر به ولا حرمة أيضا لكن ينبغي كراهته
حاشية المغربي
[ ص: 416 - 417 ] ( قوله : وأن مماسته بشيء ) الصواب حذف التاء الفوقية من مماسته والباء الموحدة من شيء