( ومن سرق مال بيت المال ) وهو مسلم ( إن أفرز لطائفة ليس هو منهم قطع ) لانتفاء الشبهة ( وإلا ) بأن لم يفرز ( فالأصح أنه إن كان له حق في المسروق كمال مصالح ) ولو غنيا ( وكصدقة ) أي زكاة أفرزت ( وهو فقير ) أي مستحق لها بوصف فقر أو غيره ، وآثر التعبير بالأول لغلبته على مستحقيها ( فلا ) يقطع للشبهة ولو لم يوجد فيها ظفر كما يأتي ( وإلا ) بأن لم يكن له فيه حق كغني أخذ صدقة وليس غارما لإصلاح ذات البين ولا غازيا ، ومثل الغني من حرمت عليه لشرفه ( قطع ) لانتفاء الشبهة ، بخلاف أخذ [ ص: 446 ] مال المصالح ; لأنها قد تصرف لما ينتفع به كعمارة المساجد ومن ثم يقطع الذمي بمال بيت المال مطلقا إذ لا ينتفع به إلا تبعا لنا والإنفاق عليه منه عند الحاجة مضمون ، وما وقع في اللقيط من نفي ضمانه محمول على صغير لا مال له ، وقول البلقيني محل ما ذكر في طائفة لها مستحق مقدر بالأجزاء في مال مشاع بصفة ، فأما لو أفرز الإمام من سهم المصالح لطائفة من العلماء أو القضاة أو المؤذنين شيئا من ذلك فلا أثر لهذا الإفراز ، إذ لا سهم لهم مقدر يتولى الإمام إفرازه لهم ، والحكم فيه كما لو كان مشاعا يرد بأنه لا دخل لتقدير السهم وعدم تقديره في إفراز الإمام ، فما عينه لطائفة مما هو مشترك بينها وبين غيرها يتعين لها الإفراز وإن لم يكن لها سهم مقدر ، وقد علم مما قررناه أن قول المصنف رحمه الله تعالى إن كان له حق إلخ احتراز عن الذمي ، وحينئذ فيفيد أن المسلم مع عدم الإفراز لا يقطع مطلقا وإيهامه تخصيص ذلك ببعض أموال بيت المال غير مراد أيضا ، على أنه إن أول كلامه بجعله من باب ذكر النظير وإن لم يصدق عليه المقسم فلا إيهام أصلا .
حاشية الشبراملسي
[ فرع ] لو سرق مال المرتد ينبغي أن يوقف القطع ، فإن عاد إلى الإسلام قطع السارق وإن هلك مرتدا ، فإن كان له حق في مال الفيء فلا قطع وإلا قطع كذا وافق عليه م ر بحثا فليحرر ا هـ سم على منهج ( قوله : فلا قطع ) أي وإن أخذ زيادة على ما يستحقه أخذا مما تقدم عن الروض وشرحه ( قوله ولو لم يوجد فيها ظفر ) أي وإن لم يوجد فيها [ ص: 446 ] ما يجوز الأخذ بالظفر
( قوله : ; لأنها قد تصرف ) أي سواء أخذ من مال المصالح أو من غيرها
( قوله : لتقدير السهم ) أي فيقطع آخذه
( قوله : لا يقطع مطلقا ) أي غنيا كان أو فقيرا حيث أخذ من سهم المصالح ، بخلاف ما لو أخذ من مال الزكاة على ما مر .
حاشية المغربي
( قوله : وإن لم توجد شروط الظفر كما اقتضاه إطلاقهم ) كذا هو في بعض النسخ ملحقا عقب قوله بقصد ذلك ، وعليه فلا يحتاج لقوله بعد ولو ادعى جحود مديونه إلخ . ( قوله : أفرزت ) انظر ما الداعي له وكأنه لبيان [ ص: 446 ] الواقع ( قوله : احتراز عن الذمي ) لا يخفى أن هذا ليس هو الذي قرره فيما مر .
بل حاصل ما قرره أنه احتراز عن الغني مثلا إذا أخذ من المفرز للصدقات .
واعلم أن ما ذكره هنا إلى آخر السوادة تبع فيه ابن حجر إلا أنه تصرف في عبارته وأسقط منها ما أوجب الخلل ، وعبارة ابن حجر في تحفته : واعترض هذا التفصيل : أي الذي ذكره المصنف بأن المعتمد الذي دل عليه كلام الشيخين في غير هذا الكتاب وكلام غيرهما أنه لا قطع بسرقة مسلم مال بيت المال مطلقا لأن له فيه حقا في الجملة إلا إن أفرز لمن ليس هو منهم .
ويمكن حمل المتن عليه بجعل قوله إن كان له فيه حق في المسلم وقوله : وإلا في الذمي وقوله : وهو فقير للغالب فلا مفهوم له .
وقول شارح إن الذمي يقطع بلا خلاف برده حكاية غيره للخلاف فيه ولو في بعض أحواله ،
وحينئذ فيفيد المتن أن المسلم مع عدم الإفراز لا يقطع مطلقا ، وإيهامه تخصيص ذلك ببعض أموال بيت المال غير مراد ،
كما أن إيهامه أن مال الصدقة بسائر أنواعها من أموال بيت المال غير مراد أيضا ، وإن لم ينبه عليه أحد من الشراح فيما علمت ، وقد تؤول عبارته بجعله من باب ذكر النظير ، وإن لم يصدق عليه المقسم ويرتفع بهذا الإيهام من أصله انتهت