وقال ابن القيم في الهدي : إن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم كلها بلفظ الإفراد انتهى ، فقول الغزالي يستحب للإمام أن يدعو في الجلوس بين السجدتين وفي السجود والركوع بصيغة الجمع كما يستحب في القنوت مردود ، وكأن الفرق بين القنوت وغيره أن الجميع مأمورون بالدعاء ، بخلاف القنوت فإن المأموم يؤمن فقط ، ولا تتعين هذه الكلمات للقنوت ، بخلاف التشهد لأنه فرض أو من جنسه ، فلو قنت بالمروي عنعمر كان حسنا لكن الأول أحسن ، ويسن لمنفرد وإمام من مر الجمع بينهما ويؤخره حينئذ عن الأول ، ولو قلت بآية نواه بها وتضمنت دعاء أو نحوه كآخر البقرة أجزأته عنه ، وإن لم تتضمن ذلك كتبت يدا ، أو لم يقصده بها لم يجزه لما مر من كراهة القرآن في الصلاة في غير القيام ، ويشترط في بدله أن يكون دعاء وثناء كما قاله البرهان البيجوري وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى .
وتكره إطالة القنوت كالتشهد الأول كما في المجموع عن البغوي وقضيته عدم البطلان بتطويله به وهو كذلك كما أفاده الشيخ ، ولا يقال : قياس امتناع تطويل الركن القصير عمدا [ ص: 505 ] بطلانها لأنه محمول على غير محل القنوت مما لم يرد الشرع بتطويله ، إذ البغوي نفسه القائل بكراهة الإطالة قائل بأن تطويل الركن القصير يبطل عمده ( والصحيح سن الصلاة ) والسلام كما في الأذكار ( على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخره ) للأخبار الصحيحة في ذلك ، وتسن الصلاة على الآل والأصحاب أيضا قياسا على ما تقدم خلافا لمن نفى سنية ذلك ، وقد استشهد الإسنوي لسن الصلاة بالآية والزركشي لسن الآل بخبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=71000كيف نصلي عليك } ولا ينافي ذكر الصحب هنا إطباقهم على عدم ذكرها في صلاة التشهد ، لأن الفرق بينهما أنهم ثم اقتصروا على الوارد هنا ولم يقتصروا عليه ، بل زادوا ذكر الآل بحثا فقسنا بهم الأصحاب لما علمت ، وكأن الفرق أن مقابلة الآل بآل إبراهيم في أكثر الروايات ثم تقتضي عدم التعرض لغيرهم وهنا لا مقتضى لذلك ، والثاني لا تسن بل لا تجوز حتى تبطل الصلاة بفعلها على وجه لأنه نقل ركنا قوليا إلى غير موضعه ، واحترز بقوله في آخره عن عدم استحبابها فيما عداه وإن قال في العدة لا بأس بها أوله وآخره لورود أثر فيه وما ذكره العجلي في شرحه من استحباب الصلاة عليه لمن قرأ فيها آية متضمنة اسم محمد صلى الله عليه وسلم أفتى المصنف بخلافه .
حاشية الشبراملسي
( قوله : خلافا لما في الإقليد ) هو لابن الفركاح فإنه يقول لا يأتي بالذكر ( قوله : حمل الأول ) هو المنقول عن النص [ ص: 503 ] قوله : وإمام من مر ) أي من المحصورين الراضين بالتطويل ( قوله : والثاني ) هو ما في الإقليد ( قوله : ولا يجزي القنوت قبل الركوع ) أي فيقنت بعده ويسجد للسهو إن نوى بالأول القنوت ، وكذا لو قنت في الأولى بنيته أو ابتدأه فيها فقال : اللهم اهدني ثم تذكر عباب ا هـ سم على منهج .
وسيأتي ما يفيده عند قول المصنف في سجود السهو : ولو نقل ركنا قوليا إلخ ( قوله فهو أولى ) أي فالأخذ به أولى ( قوله : فإنك تقضي ) ليست الفاء فيما ذكره المحلي عن الشرح بل فيه ما يقتضي عدم ثبوتها فيه حيث قال فيما رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي في قنوت الوتر وهو ما تقدم : أي في قنوت الصبح مع زيادة فاء في إنك وواو في إنه ا هـ .
ثم رأيت في نسخ متعددة إنك بحذف الفاء وهي توافق ما ذكره المحلي ( قوله : ولا يعز ) هو بكسر العين ونظم ذلك السيوطي مع بقية معاني عز فقال :
عز المضاعف يأتي في مضارعه تثليث عين بفرق جاء مشهورا فما كقل وضد الذل مع عظم كذا كرمت علينا جاء مكسورا وما كعز علينا الحال أي صعبت فافتح مضارعه إن كنت نحريرا وهذه الخمسة الأفعال لازمة واضمم مضارع فعل ليس مقصورا عززت زيدا بمعنى قد غلبت كذا أعنته فكلا ذا جاء مأثورا وقل إذا كنت في ذكر القنوت ولا يعز يا رب من عاديت مكسورا
وقوله عززت بين به المتعدي الذي تضم عينه ( قوله : وبعده فلك الحمد ) هو شامل للخير والشر ، وعليه فقد يقال : كيف حمد على قضاء الشر وقد طلب رفعه فيما سبق بقوله وقني إلخ ؟ والجواب أن الذي طلب رفعه فيما مضى هو المقضي من المرض وغيره مما تكرهه النفس ، والمحمود عليه هنا هو القضاء الذي هو صفته تعالى وكلها جميلة يطلب الثناء عليها ( قوله : بهذه الزيادة ) هي قوله فلك الحمد إلخ ( قوله : وآخرون مستحبة ) قال حج : بل قال جمع إنها [ ص: 504 ] مستحبة لورودها في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي انتهى .
فساقها مساق الجزم واستدل عليها برواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ( قوله : { nindex.php?page=hadith&LINKID=86234فإن فعل فقد خانهم } ) أي بتفويته ما طلب لهم فكره له ذلك ، وعليه فلو فعل ذلك في القنوت فهل يطلب من المأمومين التأمين حينئذ أو القنوت ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأنه الوارد وإن قصر الإمام بتخصيصه ، ولا مانع من أن الله يثيب المؤمن بما يزيد على ما يصل إليه من دعاء الإمام ( قوله : فليكن الصحيح إلخ ) أي خلافا لحج وعبارته : والذي يتجه ويجمع به كلامهم والخبر أنه حيث اخترع دعوة كره له الإفراد وهذا هو محمل النهي ، وحيث أتى بمأثور اتبع لفظه ( قوله : اختصاص التفرقة به ) أي القنوت ( قوله : فلو قنت بالمروي عن عمر ) أي وهو اللهم إنا نستعينك إلخ ( قوله : إمام من مر الجمع بينهما ) أي في قنوت الصبح والوتر ( قوله : أو لم يقصده ) شامل لحالة الإطلاق ( قوله تكره إطالة القنوت ) التعبير بالإطالة دون قوله تكره الزيادة على القنوت ظاهر في أن المراد بالإطالة الزيادة التي يظهر بها طول في العرف لا مجرد الزيادة وإن قلت .
وعبارة الخطيب : كان nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد يقول في قنوت الصبح : اللهم لا تعقنا عن العلم بعائق ولا تمنعنا عنه بمانع انتهى .
وهو صريح فيما قلناه ، وقوله لا تعقنا بفتح التاء وضم العين [ ص: 505 ] من عاق بدليل قوله بعائق إذ لو كان من أعاق لقال بمعيق أو معوق ( قوله فقسنا بهم الأصحاب لما علمت ) لم يتقدم هنا ما يعلم منه سبب قياس الصحب على الآل ، ثم رأيت في حج ما نصه : ويسن أيضا السلام وذكر الآل ، ويظهر أن يقاس بهم الصحب لقولهم يستفاد سن الصلاة عليهم من سنها على الآل ، لأنها إذا سنت عليهم وفيهم من ليسوا أصحابه فعلى الصحابة أولى ثم رأيت شارحا صرح بذلك ( قوله : أفتى المصنف ) ظاهره اعتماد ما أفتى به ، وأنه لا فرق في عدم الاستحباب بين كون الصلاة عليه بالاسم الظاهر أو الضمير ، لكن حمله حج في شرح العباب بعد كلام ذكره على ما إذا كانت الصلاة بالاسم الظاهر دون ما لو كانت بالضمير ، وقوله بخلافه نقل سم على منهج عن الشارح طلبها .
حاشية المغربي
( قوله : بعد إتيانه بالذكر الراتب ) ، وهو إلى قوله ومهما شئت من شيء بعد كما صرح به غيره ، ومنه مع ما بعده يعلم أنهم مجمعون على عدم سن ما زاد عليه لكل أحد ( قوله : خلافا لما في الإقليد ) أي في قوله إنه [ ص: 503 ] لا يزيد على ربنا لك الحمد كما يؤخذ مما بعده ، وعليه جماعة منهم الأذرعي ، ونقل عن النص أيضا ، ومختار الشارح هو الأول ، وهو طلب الراتب من كل أحد كما هو نص عبارته ، ولا يقدح في اختياره له قوله : عقبه ويمكن إلخ كما هو ظاهر ( قوله : لشرفها ) أي في الجملة ، فلا يقتضي أنها أفضل من غيرها على الإطلاق ، وأنه جعل الحكمة مجموع هذا وما بعده ( قوله : وبالتثويب ) متعلق بيؤذن كالظرف قبله [ ص: 504 ] قوله : من أدعية الصلاة ) هل المراد بها المطلوبة في الصلاة : أي المأثورة أو المراد ما يأتي به منها في الصلاة وإن لم تكن مأثورة ظاهر السياق وإضافتها إلى الصلاة الأول ، وعليه ، فلا مخالفة بينه وبين ما ذهب إليه الشهاب حج من أن الوارد يتبع لفظه من جمع أو إفراد ، وغير الوارد يأتي فيه بلفظ الجمع فليراجع ( قوله : أو نحوه ) مثله في الروضة وغيرها ، وانظر ما المراد بنحو الدعاء فإن كان الثناء فكان المناسب العطف بالواو دون أو لما سيأتي أنه لا بد من الجمع بين الدعاء والثناء ، على أنه قد يمنع كون الثناء نحو الدعاء فليراجع ( قوله : وقضيته عدم البطلان بتطويله به ) قضيته أن محل عدم البطلان إذا أطاله بخصوص القنوت بخلاف ما إذا أطاله بغيره ، وقضية التعليل الآتي خلافه ، ويوافق ما اقتضاه التعليل [ ص: 505 ] ما سيأتي في سجود السهو فليراجع ( قوله : قياسا على ما تقدم ) يعني : الصلاة على الآل ، فالمقيس سن الصلاة على الأصحاب ، والمقيس عليه سنها على الآل ، وهو الواقع في كلام غيره ، ويدل له قوله : الآتي قريبا : بل زادوا ذكر الآل بحثا فقسنا بهم الأصحاب لما علمت وإلا ، فهو لم يتقدم له غير ذلك ، ويحتمل أن قوله ما تقدم عبارة عن قول غيره الآل ، ويكون نظره سبق إلى أنها الأول بزيادة الواو فعبر عنه بقوله ما تقدم ( قوله : عن عدم استحبابها ) لا محل لقوله عدم فيجب حذفه