وهي جمع طعام ومعرفتهما من آكد مهمات الدين لأن معرفة الحلال والحرام فرض عين ، فقد ورد الوعيد الشديد على أكل الحرام بقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=8915أي لحم نبت من حرام فالنار أولى به } والأصل فيها قوله تعالى { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } وقوله { يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } أي ما تستطيبه النفس وتشتهيه ، ولا يجوز أن يراد الحلال لأنهم سألوه عما يحل لهم فكيف يقول أحل لكم الحلال ( حيوان البحر ) وهو ما لا يعيش إلا فيه ، وإذا خرج منه صار عيشه عيش مذبوح أو حي لكنه لا يدوم ( السمك منه حلال كيف مات ) بسبب أم غيره طافيا أم راسبا لقوله تعالى { أحل لكم صيد البحر وطعامه } أي مصيده ومطعومه ، وفسر جمهور الصحابة والتابعين طعامه بما طفا على وجه الماء ، وصح خبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=39003هو الطهور ماؤه الحل ميتته } نعم إن انتفخ [ ص: 151 ] الطافي وأضر حرم ، ويحل أكل الصغير ويتسامح بما في جوفه ولا يتنجس به الدهن ويحل شيه وقليه وبلعه ولو حيا ، ولو وجدنا سمكة في جوف أخرى ولم تتقطع وتتغير حلت وإلا فلا ( وكذا ) يحل كيف مات ( غيره في الأصح ) مما لم يكن على صورة السمك المشهور فلا ينافي تصحيح الروضة أن جميع ما فيه يسمى سمكا ، ومنه القرش وهو اللخم بفتح اللام والخاء المعجمة ، ولا نظر إلا تقويه بنابه لأنه ضعيف ولا بقاء له في غير البحر ، بخلاف التمساح لقوته وحياته في البر ( وقيل لا ) يحل غير السمك لتخصيص الحل به في خبر { nindex.php?page=hadith&LINKID=87086أحل لنا ميتتان السمك والجراد } ورد بما مر من تسمية كل ما فيه سمكا ( وقيل إن أكل مثله في البر ) كالغنم ( حل وإلا ) بأن لم يؤكل مثله فيه ( فلا ) يحل ( ككلب وحمار ) لتناول الاسم له أيضا
حاشية الشبراملسي
كتاب الأطعمة
( قوله : ما يحل ويحرم ) أي وما يتبع ذلك كإطعام المضطر ( قوله : وهي جمع طعام ) أي بمعنى مطعوم ( قوله : ومعرفتهما ) أي ما يحل ويحرم ( قوله ما تستطيبه النفس وتشتهيه ) أي ولو لم يرد نص بمنعه ( قوله : ولا يجوز إلخ ) دفع به ما يرد على تفسير الطيب بقوله أي ما تستطيبه بأن التفسير بما ذكر ينافي ما جرت العادة به في القرآن من أن المراد بالطيب الحلال .
وحاصله أن محل حمل الطيب على الحلال ما لم يمنع منه مانع ( قوله : وهو ما لا يعيش إلا فيه ) تفسيره بما ذكر يشكل عليه قول المصنف بعد وما يعيش دائما في بر وبحر فإنه صريح أو ظاهر في أنه من حيوان البحر بقرينة ذكره قبل حيوان البر ، ويمكن الجواب بأن يقدر هنا منه ما لا يعيش إلخ ، وهو قسمان سمك وغيره ومنه ما يعيش في بر وبحر وسيأتي ( قوله صار عيشه عيش مذبوح ) أي أما الحيوان الذي نشأ في البحر ولكنه يعيش فيه وفي البر ، فإن كان له نظير في البر يؤكل حل إذا ذبح كنظيره وإلا حرم كالضفدع ونحوه .
قيل : ومن الأول الحيوان المسمى عندهم بفرس البحر فإن له نظيرا في البر من المأكولات وهو يعيش في البر والبحر ، فإن ذبح حل وإلا فلا وهو ظاهر ( قوله : أو حي ) عطف على مذبوح ، وعليه فالمراد أو حي حياة مستقرة وإلا فما حركته حركة مذبوح يصدق عليه أنه حي . [ ص: 151 ] فرع استطرادي ] وقع السؤال عن بئر تغير ماؤها ولم يعلم لتغيره سبب ، ثم فتش فيها فوجد فيها سمكة ميتة فأحيل التغير عليه فهل الماء طاهر أو متنجس ؟ والجواب أن الظاهر بل المتعين الطهارة لأن ميتة السمك طاهرة والمتغير بالطاهر لا يتنجس ، ثم إن لم ينفصل منها أجزاء تخالط الماء وتغيره فهو طهور لأن تغيره بمجاور وإلا فهو غير طهور إن كثر التغير بحيث يمنع إطلاق اسم الماء عليه ( قوله : حرم ) أي تناوله من حيث الضرر وهو باق على طهارته ( قوله : ويحل أكل الصغير ) وكذا الكبير إن لم يضر : أما قلي الكبير وشيه قال م ر : فمقتضى تقييدهم حل ذلك بالصغير حرمته ، وأقره سم على منهج ، وينبغي أن المراد بالصغير ما يصدق عليه عرفا أنه صغير فيدخل فيه كبار البيسارية المعروفة بمصر وإن كان قدر أصبعين مثلا ( قوله : ولا يتنجس به الدهن ) أي فهو باق على طهارته وليس الدهن بنجس معفو عنه ( قوله : ويحل شيه وقليه ) قال صاحب العباب : يحرم قلي الجراد .
وصرح في أصل الروضة بجواز ذلك قياسا على السمك ا هـ .
والأقرب عدم الجواز لأن حياته مستقرة بخلاف السمك فإن عيشه عيش مذبوح فالتحق بالميت ( قوله : كالغنم ) أي ما هو على صورته لكنه إذا خرج تكون به حياة مستمرة
حاشية المغربي
[ ص: 150 ] كتاب الأطعمة ( قوله : أو حي لكنه لا يدوم ) هذا يفيد بقرينة ما قبله أنه لا تضير هنا الحياة المستقرة ، وسيأتي محترزه في قوله [ ص: 151 ] دائما عقب قول المصنف وما يعيش ( قوله : ولو حيا ) شمل الحياة المستقرة على ما مر وفيه ما فيه ( قوله : مما لم يكن على صورة السمك المشهور ) لعل المراد مما يشتهر باسم السمك وإن كان على صورته حتى يتأتى قوله بعد ومنه القرش وإلا فهو على صورة السمك كما هو مشاهد ( قوله لأنه ضعيف ) لعل الضمير للقرش نفسه ، ويكون معنى ضعفه عدم عيشه في البر فيكون قوله ولا بقاء له إلخ عطف تفسير أو من عطف العلة على المعلول ، وإلا فالقول بضعف ناب القرش مخالف للمشاهد ، ويدل لما ذكرناه قوله في التمساح الآتي لقوته في حياته في البر .