[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم باب بالتنوين يشتمل على شروط الصلاة وموانعها ، وقد شرع في القسم الأول فقال ( شروط الصلاة ) الشروط جمع شرط بسكون الراء ، وهو لغة : العلامة ، ومنه أشراط الساعة : أي علاماتها ، هذا هو المشهور وإن قال الشيخ : الشرط بالسكون إلزام الشيء والتزامه لا العلامة ، وإن عبر بها بعضهم فإنها إنما هي معنى الشرط بالفتح . ا هـ . وقد صرح بذلك في المحكم والعباب والواعي والصحاح والقاموس والمجمل وديوان الأدب وغيرها .
واصطلاحا ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته فخرج بالقيد الأول المانع فإنه لا يلزم من عدمه شيء ، وبالثاني السبب فإنه يلزم من وجوده الوجود ، وبالثالث اقتران الشرط بالسبب كوجود الحول الذي هو شرط لوجوب الزكاة مع النصاب الذي هو سبب للوجوب أو بالمانع كالدين على القول بأنه مانع لوجوبها ، وإن [ ص: 4 ] لزم الوجود في الأول والعدم في الثاني لكن لوجود السبب والمانع لا لذات الشرط . لا يقال الشرط يتقدم على الصلاة ويجب استمراره فيها ، فكان المناسب تقديم هذا على الباب الذي قبله ; لأنا نقول لما اشتمل على موانعها ولا تكون إلا بعد انعقادها حسن تأخيره ، وإنما لم يعد من شروطها أيضا الإسلام والتمييز والعلم بفرضيتها وبكيفيتها وتمييز فرائضها من سننها ; لأنها غير مختصة بالصلاة .
فلو جهل كون أصل الصلاة أو صلاته التي شرع فيها أو الوضوء أو الطواف أو الصوم أو نحو ذلك فرضا ، أو علم أن فيها فرائض وسننا ولم يميز بينهما لم يصح ما فعله لتركه معرفة التمييز المخاطب بها . وأفتى حجة الإسلام الغزالي بأن من لم يميز من العامة فرض الصلاة من سننها صحت صلاته أي وسائر عباداته بشرط أن لا يقصد بفرض نفلا ، وكلام المصنف في مجموعه يشعر برجحانه ، والمراد بالعامي من لم يحصل من الفقه شيئا يهتدي به إلى الباقي ، ويستفاد من كلامه أن المراد به هنا من لم يميز فرائض صلاته من سننها ، وأن العالم من يميز ذلك ، وأنه لا يغتفر في حقه ما يغتفر في حق العامي ; وقد علم أيضا أن من اعتقد فرضية جميع أفعالها تصح صلاته ; لأنه ليس فيه أكثر من أدائه سنة باعتقاد الفرض وهو غير ضار . ( خمسة ) أولها ( معرفة ) [ ص: 5 ] دخول ( الوقت ) يقينا أو ظنا بالاجتهاد ، فمن صلى بدونها لم تصح صلاته ، وإن صادفت الوقت كما مر ( و ) ثانيها ( الاستقبال ) كما مر أيضا .
حاشية الشبراملسي
[ ص: 3 ] باب على شروط الصلاة ( قوله : على شروط الصلاة ) لعل الحكمة في تعقيب هذا الباب لما قبله التنبيه على أنه لا يعتد بتلك الأركان بدون شروطها حتى لو انتفى شرط منها في أثناء صلاته بطلت ، وقد يؤخذ هذا من قوله الآتي : لأنا نقول لما اشتمل على موانعها إلخ ; لأن انتفاء الشرط بعد انعقادها مانع من دوام الصحة ( قوله : وموانعها ) أي وما يتبع ذلك : كتسبيح من نابه شيء في صلاته ، وسن الصلاة للسترة وغير ذلك ( قوله : هذا هو المشهور ) أي على الألسنة ، وليس مراده أنه يقابله قول غريب لغة لقوله : ولم أره لغيره ( قوله : وإن قال الشيخ إلخ ) أي في غير شرح منهجه تبعا للإسنوي ا هـ الشيخ عميرة . وقوله أي في غير إلخ ومن الغير شرح الروض وشرح البهجة ( قوله : وقد صرح بذلك ) أي بما قدمه من أن الشرط إلخ ( قوله : فخرج بالقيد الأول ) أي ما يلزم من عدمه إلخ ( قوله : وبالثاني ) أي قوله : ولا يلزم إلخ ( قوله : فإنه يلزم من وجوده الوجود ) أي ومن عدمه العدم ( قوله : وبالثالث ) هو قوله : لذاته ( قوله : بأنه مانع لوجوبها ) [ ص: 4 ] أي وهو مرجوح في باب زكاة المال وباب زكاة الفطر ، وإن مشى في البهجة على أنه لا يمنع في زكاة المال ويمنع في زكاة الفطر .
( قوله : وبكيفيتها ) انظر ما المراد بها ولعله أراد بها تمييز فرائضها من سننها وعليه فيكون عطفه عليه عطف تفسير ، ويدل عليه عدم ذكره في المحترزات ، ويصرح بذلك كلام حج وكلام شرح المنهج ، ويحتمل أنه أراد بها الصورة التي تكون الصلاة عليها خارجا ( قوله : غير مختصة بالصلاة ) أي بل تأتي في كل عبادة ( قوله : وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=14847حجة الإسلام ) أي فهو تخصيص لكلامهم ( قوله : بأن لم يميز من العامة ) أي من العوام بدليل ما يأتي في قوله والمراد بالعامي من لم يحصل إلخ ، وقال حج إن العالم كالعامي على الأوجه ، ثم قال : لو اعتقد أن البعض فرض والبعض سنة صح ما لم يقصد بفرض معين النفلية ا هـ . وكتب عليه سم قوله : أو البعض فرض والبعض إلخ صنيعه صريح في أنه لا فرق في هذا بين العامي والعالم ، وليس كذلك بل هو خاص بالعامي كما يعلم بالمراجعة ( قوله : يشعر برجحانه ) معتمد ( قوله : من لم يحصل من الفقه شيئا إلخ ) أي من لم يحصل قدرا يتمكن به من تمييز فرائضها من سننها ; لأن المراد من العالم من ميز بالفعل ( قوله : من كلامه ) أي المجموع ( قوله : أن المراد به هنا ) أي وأما في غير ما هنا فالمراد به غير المجتهد ، ويقرب منه قوله : هنا من لم يحصل من الفقه شيئا يهتدي به لباقيه ( قوله : من لم يميز إلخ ) أي وإن كان بين أظهر العلماء ( قوله : فرضية جميع أفعالها ) أي ومنها القولية والاعتقادية ( قوله : أولها ) وقع مثله في المحلي . أقول : تعبيره بالأول يقتضي أن يكون لمعرفة الوقت تميز على غيرها من الشروط بحيث يستحق أن يكون في المرتبة الأولى وضعا ، ولعل وجهه أن الصلاة لو وقعت قبل وقتها لا يصح ولا تبرأ بها ذمته مطلقا ، بخلاف غيرها من الشروط فإنه يسقط عند العجز عنه ، وأيضا الخطاب بالصلاة إنما يكون بعد دخول الوقت وبهذا الاعتبار [ ص: 5 ] تتميز عن غيرها ، ويمكن أنه إنما أراد مجرد التقدم الذكري فهو بمعنى أحدها وبه عبر حج .
( قوله : بالاجتهاد ) راجع لقوله ظنا فقط أو ما في معنى الاجتهاد كإخبار الثقة . والمراد بالمعرفة هنا مطلق الإدراك مجازا وإلا فحقيقة المعرفة لا تشمل الظن ; لأنها حكم الذهن الجازم المطابق لموجب بكسر الجيم : أي لدليل قطعي ( قوله : لم تصح صلاته ) أي لا فرضا ولا نفلا . ( قوله : وإن صادفت الوقت ) فرع استطرادي وقع السؤال عما يقع كثيرا أن الإنسان يسأل عن مسألة علمية أو غيرها كدخول الوقت مثلا فيجيب المسئول بقوله الظاهر كذا هل يجوز له ذلك أم لا ؟ وأقول : فيه نظر ، والظاهر أن يقال : إن ظهر له أمارة ترجح عنده ما أجاب به جاز له ذلك ، وإلا امتنع عليه ; لأن قوله حينئذ الظاهر يفيد السائل أن هذا راجح عند المجيب ، والواقع خلافه ; لأن ذلك ترجيح بلا مرجح ، وهو غير جائز ، وإن وافق الواقع في نفس الأمر .
حاشية المغربي
[ ص: 3 ] فصل ( شروط الصلاة خمسة ) ( قوله : وإن قال الشيخ ) أي في شرح الروض خلافا لما في حاشية الشيخ ( قوله : وقد صرح بذلك ) يعني بما قاله شيخ الإسلام إذ عبارة الصحاح والشرط بالتحريك العلامة ، وأشراط الساعة علاماتها انتهى .
فقول الشارح فيما مر هذا هو المشهور لعل المراد به شهرته على الألسنة على ما فيه [ ص: 4 ] قوله : ولم يميز بينهما لم يصح ما فعله ) أي إن كان غير عامي بالمعنى الآتي ( قوله : أن المراد به هنا ) أي أما في غير ما هنا فهو ما قدمه في قوله والمراد بالعامي وهذا عرف الفقهاء ، أما قول الشيخ في الحاشية : إن المراد به غير المجتهد ، فهو جار على اصطلاح الأصوليين ولا يناسبه السياق أيضا ( قوله : وأن العالم من يميز ذلك وأنه لا يغتفر في حقه إلخ ) قد يقال الذي يميز ما ذكر بالفعل كيف يتأتى جهله به حتى يترتب عليه الاغتفار أو عدمه .