( أو ) رجعوا ( بعده ) أي بعد الحكم ( وقبل استيفاء مال استوفي ) لأن القضاء قد تم وليس هو مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع وإن كانت الشهادة في شيء من العقود أمضى كاستيفاء المال ( أو ) قبل استيفاء ( عقوبة ) لآدمي كقصاص وحد قذف أو لله تعالى كحد زنا وسرقة ( فلا ) يستوفى لأنها تسقط بالشبهة والرجوع شبهة بخلاف المال ( أو بعده ) أي بعد الاستيفاء ( لم ينقض ) لتأكد الأمر وجواز كذبهم في الرجوع فقط ، وليس عكس هذا أولى منه ، والثابت لا ينقض بأمر محتمل ، وبذلك سقط القول بأن بقاء الحكم بغير سبب خلاف الإجماع ، ويمتنع على الحاكم الرجوع عن حكمه كما قاله السبكي : أي بعلمه أو بينة كما قاله غيره لأن حكمه إن كان باطن الأمر فيه كظاهره نفذ ظاهرا وباطنا ، وإلا بأن لم يتبين الحال نفذ ظاهرا فلم يجز له الرجوع إلا أن يبين مستنده فيه كما علم مما مر في القضاء ، وأفاد الأذرعي قبول قوله حكمت بكذا مكرها أو بان لي فسق الشاهد لأنه أمين لا كنت فاسقا أو عدوا للمحكوم عليه أو نحو ذلك لاتهامه ، وظاهر ما ذكر عدم احتياجه في دعوى الإكراه لقرينة ، ولعل وجه خروجه عن نظائره فخامة منصب الحاكم ويتعين فرضه في مشهور بالعلم والصيانة ، ومحل ذلك في الحكم بالصحة ، بخلاف الثبوت والحكم بالموجب لأن كلا منهما لا يقتضي صحة الثابت ، ولا المحكوم به فإن الشيء قد يثبت عنده ثم ينظر في صحته ، ولأن الحكم بالصحة يتوقف على ثبوت استيفاء شروطها عنده . ومنها ثبوت ملك العاقد أو ولايته فحينئذ جاز له بل لزمه الرجوع عن حكمه بها إن ثبت عنده ما يقتضي رجوعه عنه كعدم ثبوت ملك العاقد .
حاشية الشبراملسي
( قوله : وليس عكس هذا ) أي صدقهم في الرجوع ( قول أي بعلمه أو بينة ) أي إذا كان سبب الرجوع علمه ببطلان حكمه أو شهادة بينة عليه ببطلان حكمه فليس له أن يرجع عن الحكم لأجل البينة ( قوله : لقرينة ) أي ولا لبيان من أكرهه ( قوله : ومحل ذلك ) أي امتناع رجوع الحاكم إلخ ( قوله : والحكم بالموجب ) انظر هذا مع ما تقدم في الهبة ( قوله : ومنها ) أي الشروط
حاشية المغربي
[ ص: 328 ] قوله : ومحل ذلك ) يعني جواز الرجوع عن الحكم إذا بين مستنده كما يعلم من التحفة ( قوله : لأن كلا منهما لا يقتضي صحة الثابت ولا المحكوم به ) أي فلم يكن هناك شيء يتوجه إليه الرجوع