( و ) إن ادعيا شيئا على ثالث و ( أقام كل منهما بينة أنه اشتراه ) منه وهو يملكه أو وسلمه إليه ( ووزن له ثمنه ) ( فإن اختلف تاريخ حكم للأسبق ) منهما تاريخا لأن معها زيادة علم ، ولأن الثاني اشتراه من الثالث بعد زوال ملكه عنه ، ولا نظر لاحتمال عوده إليه لأنه خلاف الأصل ، بل والظاهر ويستثنى كما قاله البلقيني ما لو ادعى صدور البيع الثاني في زمن الخيار وشهدت بينة به فتقدم ، وللأول الثمن وما لو تعرضت المتأخرة لكونه ملك البائع وقت البيع وشهدت الأولى بمجرد البيع فتقدم المتأخرة أيضا ، وخرج بقوله ووزن له ثمنه ما لو لم تذكره ، فإن ذكرته إحداهما قدمت ولو متأخرة لأنها تعرضت لموجب التسليم ( وإلا ) بأن لم يختلف تاريخهما بأن أطلقتا أو إحداهما أو أرختا بتاريخ متحد ( تعارضتا ) فتتساقطان ، ثم إن أقر لأحدهما فذاك وإلا حلف لكل يمينا ويرجعان عليه بالثمن لثبوته بالبينة ، وسقوطهما إنما هو فيما وقع فيه التعارض وهو العقد فقط ، ومحله حيث لم يتعرضا لقبض المبيع وإلا قدمت بينة ذي اليد ، ولا رجوع لواحد منهما بالثمن لأن العقد قد استقر بالقبض وعلم مما تقرر في هذه وما قبلها أن حكمها واحد في التعارض وتقدم الأسبق ، وكأن المصنف إنما خالف أسلوبهما الموهم لتخالف أحكامها لأجل .
[ ص: 371 ] الخلاف ، ويجرى ذلك في قول واحد اشتريتها من زيد ، وآخر اشتريتها من عمرو على الوجه المذكور وأقاما بينتين كذلك فيتعارضان ويصدق من العين في يده فيحلف لكل منهما أو يقر .
حاشية الشبراملسي
( قوله : في زمن الخيار ) أي للبائع أو لهما ( قوله : ومحله ) أي التعارض ( قوله : وعلم مما تقرر في هذه ) هي قول المصنف ولو ادعيا إلخ ، وما قبلها هي قول المصنف قال : أجرتك البيت إلخ
حاشية المغربي
( قوله : وإن ادعيا شيئا على ثالث ) إنما عدل عن قول المصنف في يد ثالث إلى ما قاله ليشمل ما إذا لم يكن في يد البائع كما ستأتي الإشارة إليه ( قوله : وهو يملكه أو وسلمه إليه ) هذا إنما يشترط في صحة الدعوى إذا كان المدعى به بيد غير من يدعي عليه البيع ، أما إذا كان في يده فلا حاجة إلى ذلك كما صرحوا به ، وإن أوهم صنيع الشارح اشتراطه مطلقا على أنه تقدم له في الفصل المار ما يقتضي أنه لا يشترط ذلك مطلقا كما نبهنا عليه ثم فليراجع ( قوله : في المتن حكم للأسبق ) أي ولا يأتي هنا ما قدمه في المسألة السابقة من أن محلها إن لم يتفقا على أنه لم يجر سوى عقد واحد ، إذ الصورة أن العاقد مختلف ، فلا يتأتى اتحاد العقد ، فما وقع للشهاب ابن قاسم هنا سهو ( قوله : ما لو لم تذكره ) سكت عن حكمه ، وظاهر مما بعده أن الحكم عدم صحة هذه الشهادة إذ لا إلزام فيها ( قوله : وإلا قدمت بينة ذي اليد ولا رجوع إلخ ) كان الأصوب وإلا فلا رجوع لواحد منهما ثم إن كان في يد أحدهما قدمت بينته .
واعلم أن الماوردي جعل في حالة التعارض أربع حالات . لأن العين إما أن تكون في يد البائع أو يد أحد المشتريين أو في يدهما أو في يد أجنبي ، إلى أن قال : الحالة الثانية أن تكون العين في يد أحدهما ، ثم ذكر فيها وجهين مبنيين على الوجهين في الترجيح بيد البائع إذا صدق أحدهما ، قال : فإن رجحناه بيده وبينته : أي وهو الأصح كما أشار إليه الشارح بقوله وإن أقر لأحدهما فذاك رجع الآخر بالثمن الذي شهدت بينته إلى آخر ما ذكره ، فما ذكره [ ص: 371 ] الشارح حالة من تلك الأحوال الأربعة ، ويكون محل قول الماوردي فيها رجع الآخر بالثمن ما إذا لم تتعرض بينته لقبض المبيع ، وظاهر أن مثلها في ذلك غيرها من بقية الحالات ، لكن قول الشارح وإلا من قوله وإلا قدمت بينة ذي اليد شامل لما إذا تعرض كل من البينتين لقبض المبيع ، وما إذا تعرضت له إحداهما فقط ، مع أن قوله ولا رجوع لواحد منهما بالثمن خاص بما إذا تعرض كل منهما لذلك وإلا اختص عدم الرجوع بمن تعرضت بينته لذلك كما هو ظاهر مما مر ، ومر في كلام الماوردي أن من العين في يده لا رجوع له مطلقا