( ولو ) ( مات ) شخص ( عن ابنين مسلم ونصراني فقال كل منهما : مات على ديني ) فأرثه ولا بينة ( فإن عرف أنه كان نصرانيا صدق النصراني ) بيمينه لأن الأصل بقاء كفره ( وإن أقاما بينتين مطلقتين ) بما قالاه ( قدم المسلم ) لاختصاصها بمزيد علم لأنها ناقلة من النصرانية إلى الإسلام والأخرى مستصحبة لها ، وكذا كل مستصحبة وناقلة ، ومنه تقديم بينة الجرح على بينة التعديل على ما مر ( وإن قيدت ) إحداهما ( أن آخر كلامه إسلام ) أي كلمته وهي الشهادة ( وعكسته الأخرى ) فقيدت أن آخر كلامه النصرانية كثالث ثلاثة ( تعارضتا ) وتساقطتا لتناقضهما لأنه يستحيل موته عليهما فيحلف النصراني ، وكذا لو قيدت بينته فقط ، وقيد البلقيني التعارض بما إذا قالت : كل آخر كلمة تكلم بها ومكثا عنده إلى أن مات .
وأما إذا اقتصرت على آخر كلمة تكلم بها فلا تعارض فيه لاحتمال أن كلا [ ص: 372 ] اعتمدت ما سمعته منه قبل ذهابها عنه ثم استصحب حاله بعدها ، ولو قالت بينة إسلام علمنا تنصره ثم إسلامه قدمت قطعا ، والأوجه عدم الاكتفاء هنا بمطلق الإسلام والتنصر إلا من فقيه موافق للحاكم كما مر في نظيره ، فقد قالوا : يشترط في بينة النصراني أن تفسر كلمة التنصر ، وفي وجوب تفسير بينة المسلم كلمة الإسلام وجهان : أصحهما نعم ، لا سيما إذا لم يكن الشاهد من أهل العلم أو كان مخالفا للقاضي فيما يسلم به الكافر ( وإن لم يعرف دينه وأقام كل ) منهما ( بينة أنه مات على دينه تعارضتا ) أطلقتا أم قيدتا لفظه عند الموت لاستحالة أعمالهما ، فإن قيدت واحدة وأطلقت الأخرى اتجه تعارضهما وإذا تعارضتا ولا بينة لأحدهما وحلف كل للآخر يمينا والمال بيدهما أو بيد أحدهما تقاسماه نصفين إذ لا مرجح ، أو بيد غيرهما فالقول قوله ، ثم التعارض إنما هو بالنسبة لنحو الإرث ، بخلاف نحو الصلاة عليه وتجهيزه كمسلم ودفنه في مقابر المسلمين ، ويقول المصلي عليه في النية والدعاء إن كان مسلما وظاهر كلامهم وجوب هذا القول ، ويوجه بأن التعارض هنا صيره مشكوكا في دينه فصار كالاختلاط السابق في الجنائز ، ولو قالت بينة مات في شوال وأخرى في شعبان قدمت لأنها ناقلة ما لم تقل الأولى رأيته حيا في شوال وإلا قدمت على المعتمد ، أو بريء من مرضه الذي تبرع فيه وأخرى مات منه قدمت الأولى على الأوجه خلافاnindex.php?page=showalam&ids=12795لابن الصلاح حيث ذهب إلى التعارض لأنها ناقلة .
حاشية الشبراملسي
( قوله : وقدم المسلم ) أي بينته ( قوله : فلا تعارض فيه ) أي وتقدم بينة المسلم .
[ ص: 372 ] قوله : وإن لم يعرف ) قد يقال : هذا لا يتأتى مع قوله أولا مسلم ونصراني لأنه يلزم من نصرانية أحدهما نصرانية الأب ، وقد يصور ذلك بأن يدعي كل من اثنين على شخص أنه أبوهما ويصدقهما في ذلك ( قوله : فالقول قوله : ) أي في أنه لأحد المدعيين .
حاشية المغربي
( قوله : وكذا لو قيدت بينته ) هو كذا في نسخ الشارح بهاء الضمير ، لكن عبارة الروضة بينة بلا هاء [ ص: 372 ] وهي الأصوب ( قوله : والأوجه عدم الاكتفاء هنا ) يعني في قول المصنف وإن قيدت أن آخر كلامه إلخ ( قوله : فقد قالوا إلخ ) عبارة التحفة : ثم رأيتهم قالوا يشترط في بينة النصرانية أن تفسر كلمة التنصر وفي وجوب تفسير بينة المسلم كلمة الإسلام وجهان .
ونقل ابن الرفعة والأذرعي عدم الوجوب عن جمع ، ثم رجح الوجوب سيما من شاهد جاهل أو مخالف للقاضي انتهت ( قوله وأقام كل منهما ) أي من النصراني والمسلم كما هو ظاهر السياق ، وانظر ما صورة ابن نصراني وأب لا يعرف دينه ( قوله : تقاسماه نصفين ) قال الزيادي : وإن كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى ا هـ : أي مع أنه لو ثبت مدعي الأنثى لم تأخذ سوى النصف ، وهذا نظير ما ذكروه فيما لو ادعى رجل عينا وآخر نصفها وهي في يدهما وأقاما بينتين حيث تبقى لهما نصفين ( قوله فالقول قوله ) أي في أنه لنفسه أو لأحدهما كذا في حاشية الشيخ ، وقد قيده في الأنوار بأنه يدعيه الغير لنفسه فليراجع ( قوله : بخلاف نحو الصلاة ) أي فإنه يجعل فيه كمسلم بدليل ما بعده ( قوله : ولو قالت بينة مات في شوال إلخ ) لا يظهر لوضع هذا هنا محل بل هو عين قول المصنف الآتي وتقدم بينة المسلم على بينته ، غاية الأمر أن المصنف فرضها في صورة خاصة ، على أن قوله هنا ما لم تقل الأولى رأيته حيا إلخ ناقضه في شرح المتن الذي أشرنا إليه كما سيأتي التنبيه عليه ( قوله : لأنها ناقلة ) علة للأوجه .