( فصل ) في بيان لزوم الكتابة من جانب وجوازها من آخر ، وما يترتب عليها ، وما يطرأ عليها من فسخ أو انفساخ وجناية أو الجناية عليه ، وما يصح من المكاتب وما لا يصح ( الكتابة ) الصحيحة كما يعلم من كلامه الآتي ( لازمة من جهة السيد ) لأنها عقدت لا لحظ السيد فكان فيها كالراهن لأنها حق عليه وعلم لزومها من جهته أنه ( ليس له فسخها ) لكن صرح به ليرتب عليه قوله ( إلا أن يعجز عن الأداء ) عند المحل ولو عن بعض النجم فله فسخها .
ولا يتوقف فسخه على حاكم ولا تنفسخ بمجرد عجزه من غير فسخ ، نعم لو عجز عما يجب حطه عنه امتنع فسخه ، وحينئذ فيرفع الأمر للحاكم ليلزم السيد بالإيتاء والمكاتب بالأداء ، أو يحكم بالتقاص إن رآه مصلحة ، وإنما لم يحصل التقاص بنفسه لانتفاء شرطه الآتي [ ص: 417 ] وسيأتي أن له فسخها أيضا إذا غاب وكذا لو امتنع مع القدرة على الأداء ( وجائزة للمكاتب فله ترك الأداء وإن كان معه وفاء ) لأن الحظ فيها له فأشبه المرتهن ( فإذا عجز نفسه ) بقوله أنا عاجز عن كتابتي مع تركه الأداء ولو مع القدرة عليه وهذا تصوير ، والمدار إنما هو على الامتناع فمتى امتنع من الأداء عند المحل ( فللسيد الصبر والفسخ بنفسه ) فهو على التراخي لأنه مجمع عليه لا اجتهاد فيه فلم يشترط فيه الحاكم ( وإن شاء بالحاكم ) إن ثبتت الكتابة عنده وحلول النجم والعجز بإقرار أو بينة ( وللمكاتب ) وإن لم يعجز نفسه ( الفسخ ) لها ( في الأصح ) كما يفسخ المرتهن الرهن .
فإذا عاد للرق فأكسابه جميعها لسيده إلا اللقطة على ما مر ، والثاني المنع إذ لا ضرر في بقائها ( ولو ) ( استمهل المكاتب ) السيد ( عند حلول النجم ) لعجزه عن الأداء حينئذ ( استحب ) له استحبابا مؤكدا ( إمهاله ) إعانة له على العتق ، نعم يلزمه الإمهال بقدر ما يخرج المال من محله ويزنه ونحو ذلك .
ويتجه لزومه ما ذكر لما يحتاج له من أكل وقضاء حاجة ، وأنه لا يتوسع في الأعذار هنا توسعها في الشفعة والرد بالعيب لأن الحق واجب بالطلب فلم يجز تأخيره إلا للأمر الضروري لو نحوه ، ومن ثم كان الأقرب أن المدين في الدين الحال بعد مطالبة الدائن له كالمكاتب فيما تقرر للزوم الأداء له فورا بعد الطلب ( فإن أمهل ) السيد ( ثم أراد الفسخ فله ) لأن الحال لا يتأجل ( وإن كان معه عروض أمهله ) وجوبا ( ليبيعها ) لأنها مدة قريبة ( فإن عرض كساد ) أو غيره ( فله أن لا يزيد في المهلة على ثلاثة أيام ) لتضرره وألزمناه الإمهال بأكثر منها وهذا هو الأصح .
وإن اقتضى كلام الروضة كأصلها إمهال دون يومين فقط كما لو غاب ماله لظهور الفرق بينهما بأن مانع البيع لا ضابط له فقد يزيد ثمنه وقد ينقص فأنيط الأمر فيه بما يطول عرفا وهو ما زاد على الثلاثة .
وأما الغائب فالمدار فيه على ما يجعله كالحاضر أو لا .
وقد تقرر فيما مر أن ما دون المرحلتين كالحاضر بخلاف ما فوق ذلك ( وإن كان ماله غائبا أمهله ) وجوبا ( إلى الإحضار إن كان دون مرحلتين ) لأنه بمنزلة الحاضر ( وإلا ) بأن غاب لمرحلتين فأكثر ( فلا ) يلزمه [ ص: 418 ] إمهال لطول المدة وللسيد الفسخ ( ولو ) ( حل النجم ) ثم غاب بغير إذن السيد أو حل ( وهو ) أي المكاتب ( غائب ) إلى مسافة القصر بخلاف غيبته فيما دونها كما اعتمده الزركشي وغيره قياسا على غيبة ماله ، وبحث ابن الرفعة أن غيبته في مسافة العدوى كمسافة القصر وإن عجز عن الحضور لنحو مرض أو خوف ( فللسيد الفسخ ) من غير حاكم لتعذر الوصول إلى الغرض وكان من حقه أن يحضر أو يبعث المال ، وقيده البلقيني نقلا عن جمع ونص الأم بما إذا لم ينظره قبل الحلول أو بعده ولا أذن له في السفر كذلك وإلا امتنع عليه الفسخ ، وليس لنا إنظار لازم إلا في هذه الحالة ( فلو كان له مال حاضر فليس للقاضي الأداء منه ) بل يمكن السيد من الفسخ حالا لأنه ربما لو حضر امتنع من الأداء أو عجز عنه
حاشية الشبراملسي
( فصل ) في بيان لزوم الكتابة ( قوله : لأنها حق عليه ) أي مطلوبة منه حيث توفرت الشروط ، فإذا كاتب العبد فقد فعل ما طلب منه وصار الحق في إبقائه وعدمه للمكاتب ( قوله : امتنع فسخه ) أي فلو اختلفا صدق السيد وجاز له الفسخ حيث ادعى أن الباقي أكثر مما يجب في الإيتاء وحلف عليه ( قوله : لانتفاء شرطه الآتي ) من اتفاق الدينين في الجنس والحلول [ ص: 417 ] والاستقرار ، ولعل صورة المسألة أن القيمة من غير جنس النجوم وإلا فما المانع من التقاص .
اللهم إلا أن يقال : إن ما يجب حطه في الإيتاء ليس دينا على السيد وإن وجبت دفعه رفقا بالعبد ، ومن ثم جاز للسيد أن يدفع من غير النجوم ( قوله : إلا اللقطة ) أي فالأمر فيها للقاضي ( قوله : بقدر ما يخرج المال ) أي ويعذر لمانع يطرأ كضياع المفتاح أو نحوه فيمهل لذلك أخذا مما يأتي من أنه لو غاب ماله دون مرحلتين أمهل ( قوله : ويتجه لزومه ما ذكر ) أي من الإمهال ( قوله : أمهله وجوبا ) أي فلو تبرع عنه أجنبي بالمال ليس للقاضي قبوله لجواز أن لا يرضى المكاتب بتحمل منته ( قوله : لتضرره ) أي بمنعه من الوصول إلى حقه وإن لم يكن محتاجا إليه ( قوله : وإن اقتضى كلام الروضة ) أي أولا ا هـ حج ( قوله : بأن مانع البيع لا ضابط له ) فلا ينافي ما نقله الشارح المحلي عن البغوي وغيره ( قوله : لأنه بمنزلة الحاضر ) ظاهره وإن عرض له ما يقتضي الزيادة على ثلاثة أيام ، وهو محتمل حيث كانت الزيادة [ ص: 418 ] يسيرة عرفا بحيث يقع مثلها كثيرا للمسافر في تلك الجهة ( قوله : ثم غاب بغير إذن ) أي فإن أذن له وأنظره إلى حضوره فليس له الفسخ ا هـ شيخنا الزيادي وهو معنى قوله الآتي وقيده إلخ .
فلو جعله محترز قوله بغير إذن كان أوضح ( قوله : بخلاف غيبته فيما دونها ) معتمد ، وقوله وبحث ابن الرفعة ضعيف ( قوله : فللسيد الفسخ ) وينبغي أنه لو ادعى الفسخ بعد حضور العبد وإرادة دفعه المال لم يقبل منه ذلك إلا ببينة كما لو ادعى أحد العاقدين بعد لزوم البيع الفسخ في زمن الخيار حيث صدق النافي للفسخ ( قوله وقيده البلقيني ) أي قيد جواز فسخ السيد ( قوله : ولا إذن له في السفر كذلك ) أي قبل الحلول أو بعده ( قوله : وإلا امتنع عليه ) معتمد
حاشية المغربي
( فصل ) في لزوم الكتابة من جانب وجوازها من آخر ( قوله : أو الجناية عليه ) لم يتقدم للضمير مرجع ( قوله : الصحيحة ) لعله قيد به لأجل طرف العبد ( قوله : والمكاتب بالأداء ) أي بأداء ما أوتيه وانظر هل له إلزام بالحط ( قوله : إن رآه مصلحة ) أي مع انتفاء شرطه للمصلحة التي أشار [ ص: 417 ] إليها ( قوله لأنه مجمع عليه إلخ ) تعليل لأصل المتن ( قوله : لزومه ما ذكر ) أي لزوم السيد الإمهال ( قوله : ومن فهم رجوع الضمير ) أي ضمير أراد وعبارة القوت ، وفهم شارح عن المصنف أن المريد للفسخ العبد وليس بصواب وإن كان الحكم صحيحا إذا قلنا للعبد الفسخ ، وإنما أراد المصنف ثم أراد السيد الفسخ كما قاله الأصحاب وما في المحرر ملخص من التهذيب وكلامه نص في ذلك انتهت ( قوله : لأنها مدة قريبة ) أي مدة البيع ( قوله : وإن اقتضى كلام الروضة ) هذا بالنسبة لما أفهمه المتن من لزوم إمهاله ثلاثة أيام [ ص: 418 ] قوله : وإن عجز عن الحضور لنحو مرض أو خوف ) هو غاية في أصل الفسخ الآتي ، ثم رأيت في نسخة حذف الواو من قوله وإن فهو قيد لما قبله .