صفحة جزء
الثانية : تباح الكمأة والفقع والتمرة كالإذخر . قوله ( وما زرعه الآدمي ) . ما زرعه الآدمي من البقول ، والزرع ، والرياحين لا يحرم أخذه ، ولا جزاء فيه . بلا نزاع ، ولا جزاء أيضا : فيما زرعه الآدمي من الشجر على الصحيح من المذهب . نقل المروذي ، وابن إبراهيم ، وأبو طالب وقد سئل عن الريحان والبقول في الحرم ؟ فقال : ما زرعته أنت فلا بأس ، وما نبت فلا . قال القاضي وغيره : ظاهره أن له أخذ جميع ما زرعه ، وجزم به القاضي وأصحابه في كتب الخلاف ; لأنه أنبته كالزرع ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب والخلاصة ، والهادي ، والتلخيص ، والمحرر ، والوجيز ، والحاوي ، وتجريد العناية وغيرهم . وقدمه في الفروع ، والفائق ، والرعاية ، وغيرهم وجزم ابن البنا في خصاله بالجزاء في الشجر ; للنهي عن قطع شجرها . سواء أنبته الآدمي ، أو نبت بنفسه ، ونسبه ابن منجى في شرحه إلى قول القاضي ، وأطلقهما الزركشي ، ونقل عن القاضي أنه قال : ما أنبته في الحرم أولا : ففيه الجزاء ، وإن أنبته في الحل . ثم غرسه في الحرم : فلا جزاء فيه ، واختار المصنف في المغني : إن كان ما أنبته الآدمي من جنس شجرهم كالجوز ، واللوز ، والنخل ، ونحوها لم يحرم قياسا على ما أنبتوه من الزرع ، والأهلي من الحيوان . [ ص: 554 ] تنبيه : يحتمل قول المصنف " وما زرعه الآدمي " اختصاصه بالزرع دون الشجر فيكون مفهوم كلامه : تحريم قطع الشجر الذي أنبته ، وعليه الجزاء . كما جزم به ابن البنا . قال ابن منجى في شرحه : وهو ظاهر كلام المصنف ; لأن المفهوم من إطلاق الزرع ذلك . انتهى ; ويحتمل أن يكون على إطلاقه ، فيعم الشجر ، كما هو المذهب . قلت : وهو أقرب ; لأن الأصل العمل بالعموم . حتى يقوم دليل على التخصيص . لا سيما إذا وافق الصحيح ; ولأن " ما " من ألفاظ العموم ولكن فيه تجوز ، ويحتمل أن يريد ما ينبت الآدميون جنسه . كما اختاره المصنف في المغني ، وذكر هذه الاحتمالات الشارح في كلام المصنف .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف : أنه لا يباح إلا ما استثنياه ، فلا يباح قطع الشوك والعوسج وما فيه مضرة ، وهو أحد الوجهين ، اختاره المصنف ، والشارح ، وغيرهما . قال في المحرر " وشجر الحرم ونباته محرم ، إلا اليابس ، والإذخر ، وما زرعه الإنسان ، أو غرسه " فظاهره : عدم الجواز . قلت : ثبت في الصحيحين { لا يعضد شوكه } ، وقدمه ابن رزين في شرحه ، واختار أكثر الأصحاب : جواز قطع ذلك . منهم القاضي وأصحابه ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، والرعاية الصغرى ، والحاويين وغيرهم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ; لأنه يؤذي بطبعه . أشبه السباع . قال الزركشي : عليه جمهور الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية