صفحة جزء
قوله ( ولا يصح الإجارة على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة ) . يعني : بكونه مسلما ، ولا يقع إلا قربة لفاعله . كالحج ، أي النيابة فيه ، والعمرة ، والأذان ونحوهما . كالإقامة ، وإمامة صلاة ، وتعليم القرآن . قال في الرعاية : والقضاء . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال ابن منجا وغيره : هذا أصح . وجزم به في الوجيز وغيره . وقدمه في الفروع وغيره . وعنه : يصح كأخذه بلا شرط . نص عليه . [ ص: 46 ] وقال في الرعاية قبيل صلاة المريض ويكره أخذ الأجرة على الإمامة بالناس وعنه : يحرم . انتهى . واختار ابن شاقلا الصحة في الحج ، لأنه لا يجب على أجير ، بخلاف أذان ونحوه . وذكر في الوسيلة الصحة عنه وعن الخرقي . لكن الإمام أحمد رحمه الله ، منع الإمامة بلا شرط أيضا . وقيل : يصح للحاجة . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله ، واختاره . وقال : لا يصح الاستئجار على القراءة ، وإهدائها إلى الميت ، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك . وقد قال العلماء : إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له . فأي شيء يهدى إلى الميت ؟ وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح . والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة ، وإنما تنازعوا في الاستئجار على التعليم ، والمستحب : أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج ، لا أن يحج ليأخذ . فمن أحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج . ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح ، يفرق بين من يقصد الدين فقط ، والدنيا وسيلة ، وعكسه . فالأشبه : أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق . قال : وحجه عن غيره ليستفضل ما يوفي دينه : الأفضل تركه . لم يفعله السلف . ويتوجه فعله لحاجة . قاله صاحب الفروع ، ونصره بأدلة . ونقل ابن هانئ : فيمن عليه دين ، وليس له ما يحج ، أيحج عن غيره ليقضي دينه ؟ قال : نعم .

فوائد : الأولى : تعليم الفقه والحديث ملحق بما تقدم ، على الصحيح . اختاره القاضي في الخلاف ، وابن عبدوس في تذكرته . وجزم به في المحرر ، والهداية ، والمذهب ، [ ص: 47 ] والمستوعب ، والخلاصة ، وغيرهم . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وقيل : يصح هنا ، وإن منعنا فيما تقدم . جزم به في الوجيز ، وشرح ابن رزين . واختاره المصنف ، والشارح . وهو المذهب على المصطلح . وأطلقهما في الفروع .

الثانية : لا بأس بأخذ أجرة على الرقية . نص عليه . قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وغيره .

الثالثة : يجوز أخذ الجعالة على ذلك كله ، على الصحيح من المذهب . وقطع به جماعة . وقدمه في الفروع وغيره . قال المصنف : فيه وجهان . وهو ظاهر الترغيب وغيره . وقال في المنتخب : الجعل في الحج كالأجرة .

الرابعة : يحرم أخذ أجرة وجعالة على ما لا يتعدى نفعه كصوم وصلاة خلفه ونحوهما .

الخامسة : يجوز أخذ الرزق على ما يتعدى نفعه ، على الصحيح من المذهب . وقال ابن عقيل في التذكرة : لا يجوز أخذ الرزق على الحج ، والغزو ، والصلاة ، والصيام . وذكر نحوه القاضي في الخصال ، وصاحب التلخيص . وذكره في التعليق . ونقل صالح ، وحنبل : لا يعجبني أن يأخذ ما يحج به ، إلا أن يتبرع . وتقدم كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن أخذ ليحج قريبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية