قوله (
وتعتبر في البينة العدالة ظاهرا ، وباطنا . في اختيار
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي ) وهو المذهب . قال في الفروع : تعتبر عدالة البينة ظاهرا وباطنا . أطلقه الإمام والأصحاب . قال
الزركشي : هذا المذهب عند أكثر الأصحاب :
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13439وأبي محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14209والخرقي فيما قاله
أبو البركات . انتهى .
قلت : وحكاه في الهداية عن
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المحرر ، وغيره . قال في المحرر : واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي . وأخذه من قوله " وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه " وفي الواضح والموجز : كبينة حد وقود . قال
ابن منجا في شرحه : العدالة المعتبرة في شهود الزنا : هي العدالة المعتبرة ظاهرا وباطنا وجها واحدا . وإن اختلف في ذلك في الأموال لتأكد الزنا . انتهى .
[ ص: 282 ] nindex.php?page=showalam&ids=12251وعنه : تقبل شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة اختارها
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13439المصنف في هذا الكتاب هنا . وأخذها من قوله " والعدل : من لم تظهر منه ريبة " . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وغيره . قال
الزركشي : وليس بالبين . لما تقدم له ، من أنه : إذا شهد عنده من لا يعرف سأل عنه . فدل على أن كلامه هنا فيمن عرف . انتهى . واختار هذه الرواية
أبو بكر ، وصاحب الروضة . قاله في الفروع . فعليها : إن جهل إسلامه رجع إلى قوله . وفي جهل حريته حيث اعتبرناها وجهان .
أحدهما : لا يرجع إليه . وهو المذهب . صححه في تصحيح المحرر . وقال : جزم به في المغني ، والشرح . وأورده في النظم مذهبا .
والثاني : يرجع إليه . وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والفروع ، وتجريد العناية . وإن جهل عدالته : لم يسأل عنه ، إلا أن يجرحه الخصم . وقال في الانتصار : يقبل من الغريب قوله " أنا حر عدل " للحاجة ، كما قبلنا قول المرأة " إنها ليست مزوجة ، ولا معتدة " .
فائدة جليلة
وهي أن
المسلم : هل الأصل فيه : العدالة أو الفسق ؟
[ ص: 283 ] اختلف فيها في زمننا .
فأحببت أن أنقل ما اطلعت عليه فيها من كتب الأصحاب . فأقول وبالله التوفيق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13439المصنف في المغني عند قول
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي " وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه " وتابعه
الشارح عند قول
nindex.php?page=showalam&ids=13439المصنف " ويعتبر في البينة العدالة ظاهرا وباطنا " لما نصرا أن العدالة له تعتبر ظاهرا وباطنا . وحكيا القول بأنه لا تعتبر العدالة إلا ظاهرا . وعللاه بأن قالا : ظاهر حال المسلمين : العدالة .
واحتجا له بشهادة الأعرابي برؤية الهلال وقبولها . وبقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه " المسلمون عدول بعضهم على بعض " . ولما نصرا الأول قالا : العدالة شرط . فوجب العلم بها كالإسلام . وذكرا الأدلة . وقالا : وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : فالمراد به ظاهر العدالة . وقالا : هذا بحث يدل على أنه لا يكتفى بدونه . فظاهر كلامهما : أنهما سلما . أنه ظاهر العدالة . ولكن تعتبر معرفتها باطنا . وقالا في الكلام على أنه لا يسمع الجرح إلا مفسرا لأن الجرح ينقل عن الأصل . فإن الأصل في المسلمين العدالة . والجرح ينقل عنها . فصرحا هنا بأن الأصل في المسلمين : العدالة . وقال
ابن منجا في شرحه لما نصر أنه . تعتبر العدالة ظاهرا أو باطنا : وأما دعوى أن ظاهر حال المسلمين العدالة : فممنوعة . بل الظاهر عكس ذلك . فصرح أن الأصل في ظاهر حال المسلم : عكس العدالة . وقال في قوله " ولا نسمع الجرح إلا مفسرا " والفرق بين التعديل وبين
[ ص: 284 ] الجرح : أن التعديل إذا قال " هو عدل " يوافق الظاهر . فحكم بأنه عدل في الظاهر . فخالف ما قال أولا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13168ابن رزين في شرحه في أول " كتاب النكاح " وتصح الشهادة من مستوري الحال . رواية واحدة . لأن الأصل العدالة . وقال
الطوفي في مختصره في الأصول في أواخر التقليد : والعدالة أصلية في كل مسلم . وتابع ذلك في شرحه على ذلك . فظاهر كلامه : أن الأصل العدالة . وقال في الروضة ، في هذا المكان : لأن الظاهر من حال العالم العدالة . وقال
الزركشي عند قول
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي " وإذا شهد عنده من لا يعرفه سأل عنه " ومنشأ الخلاف : أن العدالة هل هي شرط لقبول الشهادة ؟ والشرط لا بد من تحقق وجوده . وإذن لا يقبل مستور الحال ، لعدم تحقق الشرط فيه ، أو الفسق مانع ؟ فيقبل مستور الحال . إذ الأصل عدم الفسق . ثم قال بعد ذلك بأسطر فإن قيل : بأن الأصل في المسلمين العدالة . قيل : لا نسلم هذا . إذ العدالة أمر زائد على الإسلام . ولو سلم هذا فمعارض بأن الغالب ولا سيما في زمننا هذا الخروج عنها . وقد يلزم أن الفسق مانع . ويقال : المانع لا بد من تحقق ظن عدمه ، كالصبا والكفر . وقال
الشيخ تقي الدين رحمه الله : من قال " إن الأصل في الإنسان العدالة " فقد أخطأ . وإنما الأصل فيه : الجهل والظلم . قال الله تعالى {
وحملها الإنسان . إنه كان ظلوما جهولا } .
وقال
ابن القيم رحمه الله في أواخر بدائع الفوائد : إذا شك في الشاهد : هل هو عدل أم لا ؟ لم يحكم بشهادته . إذ الغالب على الناس : عدم العدالة . وقول
[ ص: 285 ] من قال " الأصل في الناس العدالة " كلام مستدرك . بل العدالة حادثة تتجدد . والأصل عدمها . فإن خلاف العدالة مستنده جهل الإنسان وظلمه . والإنسان جهول ظلوم . فالمؤمن يكمل بالعلم والعدالة . وهما جماع الخير وغيره يبقى على الأصل . وقال بعضهم : العدالة والفسق مبنيان على قبول شهادته . فإن قلنا : تقبل شهادة مستوري الحال ، فالأصل فيه : العدالة . وإن قلنا : لا تقبل . فالأصل فيه : الفسق .
قلت : الذي يظهر : أن المسلم ليس الأصل فيه الفسق . لأن الفسق قطعا يطرأ . والعدالة أيضا ظاهرا وباطنا تطرأ . لكن الظن في المسلم العدالة أولى من الظن به الفسق . ومما يستأنس به على القول بأن الأصل في المسلم العدالة قوله عليه أفضل الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34766ما من مولود يولد إلا على الفطرة . فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه } .