صفحة جزء
( و ) يستحب أن ( يدخل من قبل القبلة ) بأن يوضع من جهتها ثم يحمل فيلحد ( و ) أن ( يقول واضعه : بسم الله ، وبالله ، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوجه إليها ) [ ص: 236 ] وجوبا ، وينبغي كونه على شقه الأيمن ولا ينبش ليوجه إليها ( وتحل العقدة ) للاستغناء عنها ( ويسوى اللبن والقصب لا الآجر ) المطبوخ والخشب لو حوله ، أما فوقه فلا يكره ابن مالك .

[ فائدة ]

عدد لبنات لحد النبي عليه الصلاة والسلام تسع بهنسي ( وجاز ) ذلك حوله ( بأرض رخوة ) كالتابوت ( ويسجى ) أي يغطى ( قبرها ) ولو خنثى ( لا قبره ) إلا لعذر كمطر ( ويهال التراب عليه ، وتكره الزيادة عليه ) من التراب لأنه بمنزلة البناء ويستحب حثيه من قبل رأسه ثلاثا ، [ ص: 237 ] وجلوس ساعة بعد دفنه لدعاء وقراءة بقدر ما ينحر الجزور ويفرق لحمه .


( قوله بأن يوضع من جهتها ثم يحمل ) أي فيكون الآخذ له مستقبل القبلة حال الأخذ . وقال الشافعي وأحمد : يستحب السل ، بأن يوضع الميت عند آخر القبر ثم يسل من قبل رأسه منحدرا ، وبيان الأدلة في شرح المنية والفتح . ولا يضر عندنا كون الداخل في القبر وترا أو شفعا واختار الشافعي الوتر ، وتمامه في البحر ( قوله فيلحد ) وكذا لو كان القبر شقا غير مسقف ، أما المسقف فيتعين فيه السل ( قوله وبالله ) زاده على ما في الكنز والهداية ، وهو ثابت في لفظ للترمذي ، والأول في لفظ لابن ماجه وفي لفظ له بزيادة { وفي سبيل الله } بعد قوله بسم الله ، وذكره في البدائع عن الحسن عن أبي حنيفة ، قالوا : والمعنى بسم الله وضعناك ، وعلى ملة رسول الله سلمناك ، ثم قال الإمام أبو منصور الماتريدي : ليس هذا دعاء للميت لأنه إن مات على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يبدل حاله ، وإن مات على غير ذلك لم يبدل أيضا ، ولكن المؤمنون شهداء الله في أرضه ، فيشهدون بوفاته على الملة ، وعلى هذا جرت السنة ا هـ حلية . [ تنبيه ]

في الاقتصار على ما ذكر من الوارد إشارة إلى أنه لا يسن الأذان عند إدخال الميت في قبره كما هو المعتاد الآن ، وقد صرح ابن حجر في فتاويه بأنه بدعة . وقال : ومن ظن أنه سنة قياسا على ندبهما للمولود إلحاقا لخاتمة الأمر بابتدائه فلم يصب . ا هـ . وقد صرح بعض علمائنا وغيرهم بكراهة المصافحة المعتادة عقب الصلوات مع أن المصافحة سنة ، وما ذاك إلا لكونها لم تؤثر في خصوص هذا الموضع ، فالمواظبة عليها فيه توهم العوام بأنها سنة فيه ، ولذا منعوا عن الاجتماع لصلاة الرغائب التي أحدثها بعض المتعبدين لأنها لم تؤثر على هذه الكيفية في تلك [ ص: 236 ] الليالي المخصوصة وإن كانت الصلاة خير موضوع ( قوله : وجوبا ) أخذه من قول الهداية : بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن لم يجده المخرجون . وفي الفتح أنه غريب ، واستؤنس له بحديث أبي داود والنسائي { أن رجلا قال : يا رسول الله ما الكبائر ؟ قال : هي تسع ، فذكر منها استحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا } . ا هـ .

قلت : ووجهه أن ظاهره التسوية بين الحياة والموت في وجوب استقباله ، لكن صرح في التحفة بأنه سنة كما يأتي عقبه ( قوله : ولا ينبش ليوجه إليها ) أي لو دفن مستدبرا لها وأهالوا التراب لا ينبش لأن التوجه إلى القبلة سنة والنبش حرام ، بخلاف ما إذا كان بعد إقامة اللبن قبل إهالة التراب فإنه يزال ويوجه إلى القبلة عن يمينه حلية عن التحفة ، ولو بقي فيه متاع لإنسان فلا بأس بالنبش ظهيرية ( قوله للاستغناء عنها ) لأنها تعقد لخوف الانتشار عند الحمل ( قوله : ويسوى اللبن عليه ) أي على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه حلية عن شرح المجمع ( قوله : والقصب ) قال في الحلية : وتسد الفرج التي بين اللبن بالمدر والقصب كي لا ينزل التراب منها على الميت ، ونصوا على استحباب القصب فيها كاللبن . ا هـ . ( قوله لا الآجر ) بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف مصباح . وقوله المطبوخ صفة كاشفة . قال في البدائع : لأنه يستعمل للزينة ولا حاجة للميت إليها ولأنه مما مسته النار ، فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلا كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلا ( قوله : لو حوله إلخ ) قال في الحلية : وكرهوا الآجر وألواح الخشب . وقال الإمام التمرتاشي : هذا إذا كان حول الميت ، فلو فوقه لا يكره لأنه يكون عصمة من السبع . وقال مشايخ بخارى : لا يكره الآجر في بلدتنا للحاجة إليه لضعف الأراضي ( قوله : عدد لبنات إلخ ) نقله أيضا في الأحكام عن الشمني عن شرح مسلم بلفظ يقال عدد إلخ ( قوله : وجاز ذلك ) أي الآجر والخشب ( قوله : ويسجى قبرها ) أي بثوب ونحوه استحبابا حال إدخالها القبر حتى يسوى اللبن على اللحد ، كذا في شرح المنية والإمداد . ونقل الخير الرملي أن الزيلعي صرح في كتاب الخنثى أنه على سبيل الوجوب .

قلت : ويمكن التوفيق بحمله على ما إذا غلب على الظن ظهور شيء من بدنها تأمل ( قوله كمطر ) أي وبرد وحر وثلج قهستاني ( قوله : عليه ) أي على القبر أو على الميت ، وهو أقرب لفظا ، والأول أقرب معنى ( قوله : وتكره الزيادة عليه ) لما في صحيح مسلم عن جابر قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر ، وأن يبنى عليه } زاد أبو داود " { أو يزاد عليه } " حلية ( قوله لأنه بمنزلة البناء ) كذا في البدائع . وظاهره أن الكراهة تحريمية ، وهو مقتضى النهي المذكور ، لكن نظر صاحب الحلية في هذا التعليل وقال : وروي عن محمد أنه لا بأس بذلك ، ويؤيده ما روى الشافعي وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء } وهو مرسل صحيح ، فتحمل الكراهة على الزيادة الفاحشة ، وعدمها على القليلة المبلغة له مقدار شبر أو ما فوقه قليلا ( قوله : ويستحب حثيه ) أي بيديه جميعا جوهرة قال في المغرب : حثيت التراب حثيا وحثوته حثوا : إذا قبضته ورميته . ا هـ . ومثله في القاموس ، فهو واوي ويائي فافهم ( قوله : من قبل رأسه ثلاثا ) لما في ابن ماجه عن أبي هريرة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى القبر فحثى [ ص: 237 ] عليه من قبل رأسه ثلاثا } شرح المنية . قال في الجوهرة : ويقول في الحثية الأولى - { منها خلقناكم } - وفي الثانية - { وفيها نعيدكم } - وفي الثالثة - { ومنها نخرجكم تارة أخرى } - وقيل يقول في الأولى : اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وفي الثانية : اللهم افتح أبواب السماء لروحه ، وفي الثالثة : اللهم زوجه من الحور العين . وللمرأة : اللهم أدخلها الجنة برحمتك ا هـ ( قوله : وجلوس إلخ ) لما في سنن أبي داود " { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف على قبره وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل } وكان ابن عمر يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها . وروي أن عمرو بن العاص قال وهو في سياق الموت : إذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار ، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ، ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع رسل ربي جوهرة

التالي السابق


الخدمات العلمية