ويقرأ يس ، وفي الحديث { من قرأ الإخلاص أحد عشر [ ص: 243 ] مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات } ،
( قوله ويقرأ يس ) لما ورد [ ص: 243 ] { من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات } بحر . وفي شرح اللباب ويقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة إلى المفلحون وآية الكرسي - وآمن الرسول - وسورة يس وتبارك الملك وسورة التكاثر والإخلاص اثني عشر مرة أو إحدى عشر أو سبعا أو ثلاثا ، ثم يقول : اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم . ا هـ . مطلب في القراءة للميت وإهداء ثوابها له [ تنبيه ]
صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها كذا في الهداية ، بل في زكاة التتارخانية عن المحيط : الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء ا هـ هو مذهب أهل السنة والجماعة ، لكن استثنى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي العبادات البدنية المحضة كالصلاة والتلاوة فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما ، بخلاف غيرها كالصدقة والحج . وخالف المعتزلة في الكل ، وتمامه في فتح القدير .
أقول : ما مر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هو المشهور عنه . والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دعا له عقبها ولو غائبا لأن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة ، والدعاء عقبها أرجى للقبول ، ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة لا حصول ثوابها له ، ولهذا اختاروا في الدعاء : اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان ، وأما عندنا فالواصل إليه نفس الثواب . وفي البحر : من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز ، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة كذا في البدائع ، ثم قال : وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا . والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره ، لإطلاق كلامهم ، وأنه لا فرق بين الفرض والنفل . ا هـ . وفي جامع الفتاوى : وقيل : لا يجوز في الفرائض ا هـ .
وفي كتاب الروح للحافظ أبي عبد الله الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية ما حاصله : أنه اختلف في إهداء الثواب إلى الحي ; فقيل يصح لإطلاق قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : يفعل الخير ويجعل نصفه لأبيه أو أمه ، وقيل لا لكونه غير محتاج لأنه يمكنه العمل بنفسه ; وكذا اختلف في اشتراط نية ذلك عند الفعل ، فقيل : لا لكن الثواب له فله التبرع به وإهداؤه لمن أراد كإهداء شيء من ماله ، وقيل نعم لأنه إذا وقع له لا يقبل انتقاله عنه ، وهو الأولى . وعلى القول الأول لا يصح إهداء الواجبات لأن العامل ينوي القربة بها عن نفسه . وعلى الثاني يصح ، وتجزئ عن الفاعل . وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين ، وقالوا : نلقى الله - تعالى - بالفقر والإفلاس ، والشريعة لا تمنع من ذلك . ولا يشترط في الوصول أن يهديه بلفظه كما لو أعطى فقيرا بنية الزكاة لأن السنة لم تشترط ذلك في حديث الحج عن الغير ونحوه ، نعم إذا فعله لنفسه ثم نوى جعل ثوابه لغيره لم يكف كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق ويصح إهداء نصف الثواب أو ربعه كما نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ولا مانع منه . ويوضحه أنه لو أهدى الكل إلى أربعة يحصل لكل منهم ربعه فكذا لو أهدى الربع لواحد وأبقى الباقي لنفسه ا هـ ملخصا .
ذكر ابن حجر في الفتاوى الفقهية أن الحافظ ابن تيمية زعم منع إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن جنابه الرفيع لا يتجرأ عليه إلا بما أذن فيه ، وهو الصلاة عليه ، وسؤال الوسيلة له قال : وبالغ السبكي وغيره في الرد عليه ، بأن مثل ذلك لا يحتاج لإذن خاص ; ألا ترى أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يعتمر عنه صلى الله عليه وسلم عمرا بعد موته من غير وصية . وحج ابن الموفق وهو في طبقة الجنيد عنه سبعين حجة ، وختم ابن السراج عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف ختمة ; وضحى عنه مثل ذلك . ا هـ .
قلت : رأيت نحو ذلك بخط مفتي الحنفية الشهاب أحمد بن الشلبي شيخ صاحب البحر نقلا عن شرح الطيبة للنويري ، ومن جملة ما نقله أن nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل من الحنابلة قال : يستحب إهداؤها له صلى الله عليه وسلم ا هـ .
قلت : وقول علمائنا له أن يجعل ثواب عمله لغيره يدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحق بذلك حيث أنقذنا من الضلالة ، ففي ذلك نوع شكر وإسداء جميل له ، والكامل قابل لزيادة الكمال . وما استدل به بعض المانعين من أنه تحصيل الحاصل لأن جميع أعمال أمته في ميزانه . يجاب عنه بأنه لا مانع من ذلك ، فإن الله - تعالى - أخبرنا بأنه صلى عليه ثم أمرنا بالصلاة عليه ، بأن نقول : اللهم صل على محمد ، والله أعلم . وكذا اختلف في إطلاق قول اجعل ذلك زيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم فمنع منه شيخ الإسلام البلقيني والحافظ ابن حجر لأنه لم يرد له دليل . وأجاب ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثية بأن قوله تعالى { وقل رب زدني علما } وحديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=108095أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه : واجعل الحياة زيادة لي في كل خير } دليل على أن مقامه صلى الله عليه وسلم وكماله يقبل الزيادة في العلم والثواب وسائر المراتب والدرجات وكذا ورد في دعاء رؤية البيت : وزد من شرفه وعظمه واعتمره تشريفا إلخ فيشمل كل الأنبياء ، ويدل على أن الدعاء لهم بزيادة الشرف مندوب ، وقد استعمله الإمام النووي في خطبتي كتابيه الروضة والمنهاج ، وسبقه إليه الحليمي وصاحبه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وقد رد على البلقيني وابن حجر شيخ الإسلام القاياتي ، ووافقه صاحبه الشرف المناوي ، ووافقهما أيضا صاحبهما إمام الحنفية الكمال بن الهمام ، بل زاد عليهما بالمبالغة حيث جعل كل ما صح من الكيفيات الواردة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم موجودا في كيفية الدعاء بزيادة الشرف ، وهي : اللهم صل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم تسليما كثيرا ، وزده تشريفا وتكريما ، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة ا هـ . فانظر كيف جعل طلب هذه الزيادة من الأسباب المقتضية لفضل هذه الكيفية على غيرها من الوارد كصلاة التشهد وغيرها ، وهذا تصريح من هذا الإمام المحقق بفضل طلب الزيادة له صلى الله عليه وسلم فكيف مع هذا يتوهم أن في ذلك محذورا ، ووافقهم أيضا صاحبهم شيخ الإسلام زكريا ا هـ ملخصا