( ولا في ثياب البدن ) [ ص: 265 ] المحتاج إليها لدفع الحر والبرد ابن ملك ( وأثاث المنزل ودور السكنى ونحوها ) وكذا الكتب وإن لم تكن لأهلها إذا لم تنو للتجارة ، غير أن الأهل له أخذ الزكاة ، وإن ساوت نصبا ، إلا أن تكون غير فقه وحديث وتفسير ، أو تزيد على نسختين منها هو المختار : وكذلك آلات المحترفين إلا ما يبقى أثر عينه [ ص: 266 ] كالعصفر لدبغ الجلد ففيه الزكاة ، بخلاف ما لا يبقى كصابون يساوي نصبا وإن حال الحول . وفي الأشباه : الفقيه لا يكون غنيا بكتبه المحتاج إليها إلا في دين العباد فتباع له
( قوله : المحتاج إليها إلخ ) إنما قيد ابن ملك بذلك لأنه أراد بيان الحوائج الأصلية كما قدمناه عنه . أما كلام المصنف هنا فلا حاجة إلى تقييده بذلك ، وكأن الشارح أراد أن قوله : ولا في ثياب البدن محترز قوله عن حاجته الأصلية لتقدمه ، فقيد بذلك وجعل المحتاج إليها من محترزات القيد الذي تعده وهو قوله نام ، ولو تقديرا مراعاة لترتيب القيود تأمل ( قوله وأثاث المنزل إلخ ) محترز قوله نام ولو تقديرا ، وقوله ونحوها : أي كثياب البدن الغير المحتاج إليها وكالحوانيت والعقارات ( قوله وإن لم تكن لأهلها ) أشار إلى أن تقييد الهداية بقوله لأهلها غير معتبر المفهوم هنا ، لكن قد يقال : أراد إخراجها بقوله : وعن حاجته الأصلية ، وجعل التي لغير أهلها خارجة بقوله : نام كما قررناه في ثياب البذلة ، والمراد بأهلها من يحتاج إليها لتدريس وحفظ وتصحيح كما يعلم مما يأتي عن الفتح ( قوله : غير أن الأهل إلخ ) استدراك على التعميم المأخوذ من قوله : وإن لم تكن لأهلها : أي أن الكتب لا زكاة فيها على الأهل وغيرهم من أي علم كانت لكونها غير نامية ، وإنما الفرق بين الأهل وغيرهم في جواز أخذ الزكاة والمنع عنه ، فمن كان من أهلها إذا كان محتاجا إليها للتدريس والحفظ والتصحيح فإنه لا يخرج بها عن الفقر ، فله أخذ الزكاة إن كانت فقها أو حديثا أو تفسيرا ولم يفضل عن حاجته نسخ تساوي نصابا ، كأن يكون عنده من كل تصنيف نسختان ، وقيل ثلاث لأن النسختين يحتاج إليهما لتصحيح كل من الأخرى والمختار الأول : أي كون الزائد على الواحدة فاضلا عن الحاجة ، وأما غير الأهل فإنهم يحرمون بالكتب من أخذ الزكاة لتعلق الحرمان بملك قدر نصاب غير محتاج إليه ، وإن لم يكن ناميا . وأما كتب الطب والنحو والنجوم فمعتبرة في المنع مطلقا ونص في الخلاصة على أن كتب الأدب والمصحف الواحد ككتب الفقه ، لكن اضطرب كلامه في كتب الأدب فصرح في باب صدقة الفطر بأنها كالتعبير والطب والنجوم . والذي يقتضيه النظر أن نسخة من النحو أو نسختين على الخلاف لا تعتبر من النصاب ، وكذا من أصول الفقه ، والكلام غير المخلوط بالآراء بل مقصور على تحقيق الحق من مذهب أهل السنة إلا أن لا يوجد غير المخلوط لأن هذه من الحوائج الأصلية أفاده في فتح القدير .
قلت : والذي يقتضيه النظر أيضا أنه إن أريد بالأدب الظرافة كما في القاموس وذلك ككتب الشعر والعروض والتاريخ ونحوه تمنع الأخذ ، وإن أريد به آداب النفس كما في المغرب وهو المسمى بعلم الأخلاق كالإحياء للغزالي ونحوه فهو كالفقه لا يمنع ، وإن كتب الطب لطبيب يحتاج إلى مطالعتها ومراجعتها لا تمنع لأنها من الحوائج الأصلية كآلات المحترفين ، وإن الأهل إذا كان غير محتاج إليها فهو كغير الأهل كما يعلم مما مر ، وكذا حافظ قرآن له مصحف لا يحتاجه لأن المناط هو الحاجة ( قوله أو تزيد على نسختين ) صوابه على نسخة لأن المختار هو كون الزائد على نسخة واحدة فاضلا عن الحاجة كما قدمناه عن الفتح : ومثله في النهر ( قوله : وكذلك آلات المحترفين ) أي سواء كانت مما لا تستهلك عينه في الانتفاع كالقدوم والمبرد أو تستهلك ، لكن هذا منه ما لا يبقى أثر عينه ، كصابون وجرض الغسال ، ومنه ما يبقى كعصفر وزعفران لصباغ ودهن وعفص لدباغ فلا زكاة في الأولين لأن ما يأخذه من الأجرة بمقابلة العمل . وفي الأخير الزكاة إذا حال عليه الحول لأن المأخوذ بمقابلة العين كما في الفتح . قال : وقوارير العطارين ، ولحم الخيل والحمير المشتراة للتجارة ومقاودها وجلالها إن كان من غرض [ ص: 266 ] المشتري بيعها بها ففيها الزكاة ، وإلا فلا ( قوله : كالعصفر ) الأولى كالعفص كما في بعض النسخ لأنه المناسب لقوله لدبغ الجلد ( قوله : وإن حال الحول ) أي ولم ينو بها التجارة بل أمسكه لحرفته ( قوله فتباع له ) أي يجبره القاضي على بيعها لقضاء الدين ، وإن أبى باعها عليه