وأنواعه ثلاثة عشر : سبعة متتابعة رمضان وكفارة ظهار وقتل ويمين وإفطار رمضان ونذر معين واعتكاف [ ص: 377 ] واجب . وستة يخير فيها : نفل وقضاء رمضان وصوم متعة وفدية حلق وجزاء صيد ونذر مطلق . إذا تقرر هذا ( فيصح ) أداء ( صوم رمضان والنذر المعين والنفل بنية من الليل ) فلا تصح قبل الغروب ولا عنده ( إلى الضحوة الكبرى لا ) بعدها ولا ( عندها ) اعتبارا لأكثر اليوم ( وبمطلق النية ) أي نية الصوم [ ص: 378 ] فأل بدل عن المضاف إليه ( وبنية نفل ) لعدم المزاحم ( وبخطأ في وصف ) كنية واجب آخر ( في أداء رمضان ) فقط لتعينه بتعيين الشارع ( إلا ) إذا وقعت النية ( من مريض أو مسافر ) حيث يحتاج إلى التعيين لعدم تعينه في حقهما فلا يقع عن رمضان ( بل يقع عما نوى ) من نفل أو واجب ( على ما عليه الأكثر ) بحر وهو الأصح سراج ، وقيل بأنه ظاهر الرواية فلذا اختاره المصنف تبعا للدرر لكن في أوائل الأشباه الصحيح وقوع الكل عن رمضان سوى مسافر نوى واجبا آخر واختاره ابن الكمال وفي الشرنبلالي عن البرهان [ ص: 379 ] أنه الأصح ( والنذر المعين ) ولا يصح بنية واجب آخر بل ( يقع عن واجب نواه ) مطلقا فرقا بين تعيين الشارع والعبد ( ولو صام مقيم عن غير رمضان ) ولو ( لجهله به ) أي برمضان ( فهو عنه ) لا عما نوى لحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=108124إذا جاء رمضان فلا صوم إلا عن رمضان } .
( قوله : وأنواعه ) أي أنواع الصيام اللازم ( قوله : سبعة متتابعة ) عدها في البحر سبعة أيضا لكن أسقط صوم الاعتكاف وذكر بدله صوم اليمين المعين كأن يقول : والله لأصومن رجبا مثلا وكأن الشارح أدخله تحت النذر المعين بجامع الإيجاب قولا ثم قال في البحر : ويلحق به النذر المطلق إذا ذكر فيه التتابع أو نواه وذكر أنه إذا أفطر يوما فيما يجب فيه التتابع لا يلزمه الاستقبال إن كان التتابع مأمورا به لأجل الوقت وهو رمضان والنذر المعين واليمين بصوم معين وإن كان مأمورا به لأجل الفعل وهو الصوم يلزمه الاستقبال كالستة الباقية .
[ ص: 377 ] قلت : ومن الأول ما زاده الشارح وهو صوم الاعتكاف تأمل ( قوله : وستة يخير فيها ) كذا عدها في البحر ستة أيضا لكن أسقط النفل ; لأن الكلام في أنواع الصيام اللازم وذكر بدله صوم اليمين المطلق مثل : والله لأصومن شهرا وكان الشارح أدخله تحت النذر المطلق نظير ما مر .
( قوله : وصوم متعة ) أي وقران إذا لم يجد ما يذبح لهما فإنه يصوم ثلاثا قبل الحج وسبعا إذا رجع ط ( قوله : وفدية حلق وجزاء صيد ) أي إذا اختار الصيام فيهما ط ( قوله : ونذر مطلق ) أي عن التقييد بشهر كذا وعن ذكر التتابع أو نيته ( قوله : فيصح أداء صوم رمضان إلخ ) قيد بالأداء ; لأن قضاء رمضان وقضاء النذر المعين أو النفل الذي أفسده يشترط فيه التبييت والتعين كما يأتي في قول المصنف والشرط للباقي إلخ ( قوله : والنذر المعين ) فهو في حكم رمضان لتعين الوقت فيهما ( قوله : والنفل ) المراد به ما عدا الفرض ، والواجب أعم من أن يكون سنة أو مندوبا أو مكروها بحر ونهر ( قوله : بنية ) قال في الاختيار النية شرط في الصوم وهي أن يعلم بقلبه أنه يصوم ولا يخلو مسلم عن هذا في ليالي شهر رمضان ، وليست النية باللسان شرطا ولا خلاف في أول وقتها وهو غروب الشمس واختلفوا في آخره كما يأتي . ا هـ .
وسيأتي بيان ما يبطلها وفي البحر عن الظهيرية أن التسحر نية ( قوله : فلا تصح قبل الغروب ) فلو نوى قبل أن تغيب الشمس أن يكون صائما غدا ثم نام أو أغمي عليه أو غفل حتى زالت الشمس من الغد لم يجز وإن نوى بعد غروب الشمس جاز خانية وفيها وإن نوى مع طلوع الفجر جاز ; لأن الواجب قران النية بالصوم لا تقدمها ( قوله : إلى الضحوة الكبرى ) المراد بها نصف النهار الشرعي والنهار الشرعي من استطارة الضوء في أفق المشرق إلى غروب الشمس والغاية غير داخلة في المغيا كما أشار إليه المصنف بقوله لا عندها . ا هـ .
ح وعدل عن تعبير nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري والمجمع وغيرهما بالزوال لضعفه ; لأن الزوال نصف النهار من طلوع الشمس ووقت الصوم من طلوع الفجر كما في البحر عن المبسوط قال في الهداية وفي الجامع الصغير قبل نصف النهار وهو الأصح ; لأنه لا بد من وجود النية في أكثر النهار ونصفه من وقت طلوع الفجر إلى وقت الضحوة الكبرى لا وقت الزوال فتشترط النية قبلها لتتحقق في الأكثر . ا هـ .
وفي شرح الشيخ إسماعيل وممن صرح بأنه الأصح في العتابية والوقاية وعزاه في المحيط إلى السرخسي وهو الصحيح كما في الكافي والتبيين ا هـ وتظهر ثمرة الاختلاف فيما إذا نوى عند قرب الزوال كما في التتارخانية عن المحيط وبه ظهر أن قول البحر والظاهر أن الاختلاف في العبارة لا في الحكم غير ظاهر .
[ تنبيه ] قد علمت أن النهار الشرعي من طلوع الفجر إلى الغروب واعلم أن كل قطر نصف نهاره قبل زواله بنصف حصة فجره فمتى كان الباقي للزوال أكثر من هذا النصف صح وإلا فلا تصح النية في مصر والشام قبل الزوال بخمس عشرة درجة لوجود النية في أكثر النهار ; لأن نصف حصة الفجر لا تزيد على ثلاث عشرة درجة في مصر وأربع عشرة ونصف في الشام فإذا كان الباقي إلى الزوال أكثر من نصف هذه الحصة ولو بنصف درجة صح الصوم كذا حرره شيخ مشايخنا السائحاني رحمه الله تعالى . [ تتمة ]
قال في السراج : وإذا نوى الصوم من النهار ينوي أنه صائم من أوله حتى لو نوى قبل الزوال أنه صائم في حين نوى لا من أوله لا يصير صائما ( قوله : وبمطلق النية ) أي من غير تقييد بوصف الفرض أو الواجب أو السنة [ ص: 378 ] ; لأن رمضان معيار لم يشرع فيه صوم آخر فكان متعينا للفرض والمتعين لا يحتاج إلى التعيين والنذر المعين معتبر بإيجاب الله تعالى فيصام كل بمطلق النية إمداد ( قوله : فأل بدل عن المضاف إليه ) كذا في بعض النسخ قال ط فلا يقال : إن مطلق النية يصدق بنية أي عبادة كانت كما توهمه البعض فاعترض ( قوله : لعدم المزاحم ) إشارة إلى ما ذكرناه عن الإمداد ( قوله : وبخطأ في وصف ) كذا وقع في عباراتهم أصولا وفروعا أن رمضان يصح مع الخطأ في الوصف ; فذهب جماعة من المشايخ إلى أن نية النفل فيه مصورة في يوم الشك بأن شرع بهذه النية ثم ظهر أنه من رمضان ليكون هذا الظن معفوا وإلا يخشى عليه الكفر كذا في التقرير وفي النهاية ما يرده وهو أنه لما لغا نية النفل لم تتحقق نية الإعراض .
والحاصل أنه لا ملازمة بين نية النفل واعتقاد عدم الفرضية أو ظنه إلا إذا انضم إليها اعتقاد النفلية فيكفر أو ظنها فيخشى عليه الكفر بحر ملخصا وبهذا ظهر لك أن المراد بالخطأ بالوصف وصف رمضان بنية نفل أو واجب آخر خطأ ; لأنه يبعد من المسلم أن يتعمده وليس المراد به نية الواجب فقط فقول المصنف تبعا للدرر وبنية نفل وبخطأ في وصف فيه نظر فإنه كان عليه الاقتصار على الثاني أو إبداله بواجب آخر ; لأن فائدة التعبير بالخطأ في الوصف التباعد عن تعمد نية النفل وبعد التصريح بقوله وبنية نفل لم تبق فائدة للتعبير بالخطأ في الوصف وإن أريد به الواجب كما فسره الشارح هذا ما ظهر لي ولم أر من نبه عليه .
( قوله : فقط ) أي دون النفل والنذر المعين فلا يصحان بنية واجب آخر بل يقع عما نوى كما يأتي ط ( قوله بتعيين الشارع ) أي في قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=85583إذا انسلخ شعبان فلا صوم إلا رمضان } بخلاف النذر فإنما جعل بولاية الناذر وله إبطال صلاحية ماله ط عن المنح ( قوله : إلا إذا وقعت النية ) أي نية النفل أو الواجب الآخر في رمضان فهو استثناء من قوله وبنية نفل وخطأ في وصف ( قوله : حيث يحتاج ) أي المريض أو المسافر وأفرد الضمير للعطف بأو التي لأحد الشيئين أو الضمير للصوم ، ويؤيده عود الضمير عليه في قوله : تعيينه وفي يقع ( قوله : لعدم تعينه في حقهما ) ; لأنه لما سقط عنهما وجوب الأداء صار رمضان في حق الأداء كشعبان ( قوله : من نفل أو واجب ) أما لو أطلق النية كان عن رمضان على جميع الروايات ح عن الإمداد ( قوله على ما عليه الأكثر بحر ) أقول : الذي في البحر نسبة ذلك إلى الأكثر في حق المريض وهو أحد ثلاثة أقوال كما يأتي أما في حق المسافر فإن نوى واجبا آخر يقع عنه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام وإن نوى النفل أو أطلق فعنه روايتان أصحهما وقوعه عن رمضان ; لأن فائدة النفل الثواب وهو فرض الوقت أكثر وقال وينبغي وقوعه من المريض عن رمضان في النفل على الصحيح كالمسافر . ا هـ .
وحاصله أن المريض والمسافر لو نويا واجبا آخر وقع عنه ولو نويا نفلا أو أطلقا فعن رمضان نعم في السراج صحح رواية وقوعه عن النفل فيهما وعليه يتمشى كلام المصنف والدرر ( قوله : الصحيح وقوع الكل عن رمضان إلخ ) المراد بالكل هو ما إذا نوى المريض النفل أو أطلق أو نوى واجبا آخر وما إذا نوى المسافر كذلك إلا إذا نوى واجبا آخر فإنه يقع عنه لا عن رمضان ; لأن المسافر له أن يصوم فله أن يصرفه إلى واجب آخر ; لأن الرخصة متعلقة [ ص: 379 ] بمظنة العجز وهو السفر وذلك موجود بخلاف المريض فإنها متعلقة بحقيقة العجز فإذا صام تبين أنه غير عاجز . واستشكله صدر الشريعة في التوضيح بأن المرخص هو المرض الذي يزداد بالصوم لا المرض الذي لا يقدر به على الصوم ، فلا نسلم أنه إذا صام ظهر فوات شرط الرخصة . قال في التلويح : وجوابه أن الكلام في المريض الذي لا يطيق الصوم وتتعلق الرخصة بحقيقة العجز ، وأما الذي يخاف فيه ازدياد المرض فهو كالمسافر بلا خلاف على ما يشعر به كلام شمس الأئمة في المبسوط من أن قول nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي بعدم الفرق بين المسافر والمريض سهو أو مؤول بالمريض الذي يطيق الصوم وكان منه ازدياد المرض . ا هـ .
[ تنبيه ] تلخص من كلام البحر أن في المريض ثلاثة أقوال : أحدها ما في الأشباه المذكور هنا واختاره فخر الإسلام وشمس الأئمة وجمع وصححه في المجمع . ثانيها : ما مر في المتن أنه يقع عما نوى واختاره في الهداية وأكثر المشايخ وقيل إنه ظاهر الرواية وينبغي وقوعه عن رمضان في النفل كالمسافر كما مر .
ثالثها : التفصيل بين أن يضره الصوم فتتعلق الرخصة بخوف الزيادة فيصير كالمسافر يقع عما نوى وبين أن لا يضره الصوم كفساد الهضم فتتعلق الرخصة بحقيقته فيقع عن فرض الوقت واختاره في الكشف والتحرير . ا هـ .
وهذا القول هو ما مر عن التلويح وجعله في شرح التحرير محمل القولين وقال : إنه تحقيق يحصل به التوفيق بحمل ما اختاره فخر الإسلام وغيره على من لا يضره الصوم ، وحمل ما اختاره في الهداية على من يضره وتعقب الأكمل في التقرير هذا القول بأن من لا يضره الصوم لا يرخص له الفطر ; لأنه صحيح ، وليس الكلام فيه .
قلت : وأجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله : أن العموم تارة يزداد به المرض مع القدرة عليه كمرض العين مثلا وتارة لا يضره كمريض بفساد الهضم فإن الصوم لا يضره بل ينفعه فالأول تتعلق الرخصة فيه بخوف الزيادة والثاني بحقيقة العجز بأن يصل إلى حالة لا يمكنه معها الصوم ، فإذا صام ظهر عدم عجزه فيقع عن رمضان وإن نوى غيره ; لأنه إذا قدر عليه مع كونه لا يضره لا يقول عاقل بأنه يرخص له الفطر هذا ما ظهر لي والله أعلم .
( قوله والنذر المعين إلخ ) تصريح بما فهم من قوله في رمضان فقط ( قوله : بنية واجب آخر ) كقضاء رمضان أو الكفارة أما لو نوى النفل فإنه يقع عن النذر المعين سراج ، ثم نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا قال يقع عن النفل nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبا يوسف عن النذر ( قوله عن واجب نواه مطلقا ) أي سواء كان صحيحا أو مريضا مقيما أو مسافرا وإذا وقع عما نوى وجب عليه قضاء المنذور في الأصح كما في البحر عن الظهيرية ( قوله : ولو لجهله ) زاد لفظة ولو ليدخل غير الجاهل لكن الأولى إسقاطها ; لأن العالم تقدم قريبا في قوله وبخطأ في وصف ط .
وأفاد أن الصوم واقع في رمضان ولم يذكر ما إذا جهل شهر رمضان كالأسير في دار الحرب فتحرى وصام عنه شهرا وبيانه في البحر . وفيه أيضا لو صام بالتحري سنين كثيرة ثم تبين أنه صام في كل سنة قبل شهر رمضان فهل يجوز صومه في الثانية عن الأولى وفي الثالثة عن الثانية وهكذا قيل يجوز وقيل لا وصحح في المحيط أنه إن نوى صوم رمضان مبهما يجوز عن القضاء ، وإن نوى عن السنة الثانية مفسرا لا يجوز . ا هـ .