لما ذكر النكاح وألفاظه ومحله شرع في بيان عاقده وأخره لأنه ليس من شروط صحته في جميع الصور والولي فعيل بمعنى فاعل ط ( قوله وعرفا ) أي في عرف أهل أصول الدين . قال في البحر : وفي أصول الدين هو العارف بالله تعالى بأسمائه وصفاته حسبما يمكن المواظب على الطاعات المجتنب عن المعاصي الغير المنهمك في الشهوات واللذات كما في شرح العقائد ح ( قوله الوارث ) كذا في الفتح وغيره قال الرملي : وذكره مما لا ينبغي إذ الحاكم ولي وليس بوارث . ا هـ .
قلت : وكذا سيد العبد فالتعريف خاص بالولي من جهة القرابة ( قوله على المذهب ) وما في البزازية من أن الأب أو الجد إذا كان فاسقا ، فللقاضي أن يزوج من الكفء . قال في الفتح إنه غير معروف في المذهب ( قوله ما لم يكن متهتكا ) في القاموس : رجل منهتك ومتهتك ومستهتك لا يبالي أن يتهتك ستره ا هـ قال في الفتح عقب ما نقلنا عنه آنفا ، نعم إذا كان متهتكا لا ينفذ تزويجه إياها بنقص عن مهر المثل ومن غير كفء وسيأتي هذا . ا هـ . وحاصله أن الفسق وإن كان لا يسلب الأهلية عندنا ، لكن إذا كان الأب متهتكا لا ينفذ تزويجه إلا بشرط المصلحة ومثله ما سيأتي من قول المصنف ولزم ولو بغبن فاحش أو بغير كفء إن كان الولي أبا أو جدا لم يعرف منهما سوء الاختيار وإن عرف لا ا هـ وبه ظهر أن الفاسق المتهتك وهو بمعنى سيئ الاختيار لا تسقط ولايته مطلقا لأنه لو زوج من كفء بمهر المثل صح كما سيأتي بيانه ، وهذا خلاف ما مر على البزازية ، ولا يمكن التوفيق بحمل ما مر على هذا لأن قوله فللقاضي أن يزوج من الكفء يقتضي سقوط ولاية الأب أصلا فافهم ( قوله نحو صبي ) أي كمجنون ومعتوه غير أن الصبي خرج بقوله البالغ والمجنون والمعتوه بالعاقل ط .
( قوله ووصي ) أي ونحو وصي ممن ليس بوارث كعبد وككافر له بنت مسلمة ومسلم له بنت كافرة كما سيأتي ، نعم لو كان الوصي قريبا أو حاكما يملك [ ص: 55 ] التزويج بالولاية كما سيأتي في الشرح عند بيان الأولياء ( قوله مطلقا على المذهب ) أي سواء أوصى إليه الأب بذلك أم لا ، وفي رواية يجوز وكذا سواء عين له الموصى رجلا في حياته أو لا خلافا لما في فتح القدير كما سيأتي ( قوله والولاية إلخ ) بفتح الواو ، وما ذكره تعريفها الفقهي كما في البحر وإلا فمعناها اللغوي المحبة والنصرة كما في المغرب ، لكن ما ذكره تعريف لأحد نوعيها وهو ولاية الإجبار بقرينة قوله وهي هنا نوعان . وأفاد أن المذكور في المتن غير خاص بهذا الباب بل منه ولاية الوصي وقيم الوقف وولاية وجوب صدقة الفطر بناء على أن المراد بتنفيذ القول ما يكون في النفس أو في المال أو فيهما معا ، والمراد في هذا الباب ما يشمل الأول والثالث دون الثاني ( قوله تثبت ) أي الولاية المذكورة والمراد هنا ولاية الإجبار في هذا الباب فقط ففيه شبه الاستخدام ، وإلا فالولاية المعرفة أعم كما علمت ، وحيث كانت أعم فليس المراد بها الثابتة لخصوص الولي المعروف بالبالغ العاقل الوارث حتى يرد أنه ليس في الملك والإمامة إرث ، وحينئذ فلا حاجة إلى التكلف في الجواب بأن المراد بالإرث المأخوذ في تعريف الولي هو أخذ المال بعد الموت من باب عموم المجاز ; فالإمام يأخذ مال من لا وارث له ليضعه في بيت المال ، والولي يأخذ كسب عبده المأذون في التجارة بعد موته وإن لم يكن ذلك إرثا حقيقة فإنه كما قال ط لا دليل على هذا المجاز والتعريف يصان عن مثل هذا فافهم .
( قوله قرابة ) دخل فيها العصبات والأرحام ( قوله وملك ) أي ملك السيد لعبده أو أمته ( قوله وولاء ) أي ولاء العتاقة والموالاة كما سيأتي ( قوله وإمامة ) دخل فيها القاضي المأذون بالتزويج لأنه نائب عن الإمام ( قوله شاء أو أبى ) احترز به عن ولاية الوكيل ( قوله وهي هنا ) فيه شبه الاستخدام لأن الولاية المعرفة خاصة بولاية الإجبار ، وقيد بقوله هنا احترازا عن الولاية في غير النكاح كما قدمناه ( قوله ولاية ندب ) أي يستحب للمرأة تفويض أمرها إلى وليها كي لا تنسب إلى الوقاحة بحر وللخروج من خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في البكر ، وهذه في الحقيقة ولاية وكالة ( قوله على المكلفة ) أي البالغة العاقلة ( قوله ولو بكرا ) الأولى أن يقول : ولو ثيبا ليفيد أن تفويض البكر إلى وليها يندب بالأولى لما علمته من علة الندب ، إلا أن يكون مراده الإشارة إلى خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بقرينة ما بعده أي أنها تندب لا تجب ولو بكرا عندنا خلافا . ا هـ . ( قوله ولو ثيبا ) أشار إلى خلاف nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فإنه يقول : إن ولاية الإجبار منوطة بالبكارة فيزوجها بلا إذنها ولو بالغة لا إن كانت ثيبا ولو صغيرة ، فالثيب الصغيرة لا تزوج عنده ما لم تبلغ لسقوط ولاية الأب ( قوله ومعتوهة ومرقوقة ) بالجر فيهما عطفا على قوله الصغيرة لعدم تقييدهما بالصغر ، والأولى تعريفهما بأل لئلا يتوهم عطفهما على ثيبا ( قوله صغير إلخ ) الموصوف محذوف أي شخص صغير إلخ فيشمل الذكر والأنثى ( قوله لا مكلفة ) الأولى زيادة حرة ليقابل الرقيق ط .
وهذا تصريح بمفهوم المتن ذكره ليفيد أن قوله فنفذ مفرع عليه ( قوله فنفذ إلخ ) أراد بالنفاذ الصحة وترتب الأحكام من طلاق وتوارث وغيرهما لا اللزوم ، إذ هو أخص منها لأنه ما لا يمكن نقضه وهذا يمكن رفعه إذا كان من غير كفء ، فقوله في الشرنبلالية أي ينعقد لازما في إطلاقه نظر . واحترز بالحرة عن المرقوقة ولو مكاتبة أو أم ولد وبالمكلفة عن الصغيرة والمجنونة ، فلا يصح إلا بولي كما قدمه ، وأما حديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=8986أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل } " وحسنه الترمذي وحديث " { nindex.php?page=hadith&LINKID=31084لا نكاح إلا بولي } " رواه أبو داود وغيره ، فمعارض بقوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=13824الأيم أحق بنفسها من وليها } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في الموطأ ، [ ص: 56 ] والأيم من لا زوج لها بكرا أو لا فإنه ليس للولي إلا مباشرة العقد إذا رضيت وقد جعلها أحق منه به .
ويترجح هذا بقوة السند والاتفاق على صحته ، بخلاف الحديثين الأولين فإنهما ضعيفان أو حسنان ، أو يجمع بالتخصيص ، أو بأن النفي للكمال ، أو بأن يراد بالولي من يتوقف على إذنه أي لا نكاح إلا بمن له ولاية لينفي نكاح الكافر للمسلمة والمعتوهة والعبد والأمة ، والمراد بالباطل حقيقته على قول من لم يصحح ما باشرته من غير كفء ، أو حكمه على قول من يصححه أي للولي أن يبطله وكل ذلك سائغ في إطلاقات النصوص ويجب ارتكابه لدفع المعارضة ; وتمام الكلام على ذلك مبسوط في الفتح ( قوله والأصل إلخ ) عبارة البحر : والأصل هنا أن كل من يجوز تصرفه في ماله بولاية نفسه إلخ فإنه يخرج الصبي المأذون ، فإنه وإن جاز تصرفه في ماله لكن لا بولاية نفسه ، لكن يرد على العكس المحجورة فإنها تملك النكاح وإن لم تملك التصرف في مالها على قولهما بالحجر على الحر فالأصل مبني على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام تأمل