[ ص: 114 ] ( والخلوة ) مبتدأ خبره قوله الآتي كالوطء ( بلا مانع حسي ) كمرض لأحدهما يمنع الوطء ( وطبعي ) كوجود ثالث عاقل ذكره ابن الكمال ، وجعله في الأسرار من الحسي ، وعليه فليس للطبعي مثال مستقل ( وشرعي ) كإحرام لفرض أو نفل . ( و ) من الحسي ( رتق ) بفتحتين : التلاحم ( وقرن ) بالسكون : عظم ( وعفل ) بفتحتين : غدة ( وصغر ) ولو بزوج ( لا يطاق معه الجماع [ ص: 115 ] و ) بلا ( وجود ثالث معهما ) ولو نائما أو أعمى ( إلا أن يكون ) الثالث ( صغيرا لا يعقل ) بأن لا يعبر عما يكون بينهما ( أو مجنونا أو مغمى عليه ) لكن في . البزازية : إن في الليل صحت لا في النهار ، وكذا الأعمى في الأصح ( أو جارية أحدهما ) فلا تمنع به يفتى مبتغى
[ ص: 114 ] قوله كمرض لأحدهما يمنع الوطء ) أي أو يلحقه به ضرر . قال الزيلعي : وقيل هذا التفصيل في مرضها ، وأما مرضه فمانع مطلقا لأنه لا يعرى عن تكسر وفتور عادة وهو الصحيح ا هـ ومثله في الفتح والبحر والنهر .
قلت : إن كان التكسر والفتور منه مانعا من الوطء أو مضرا له كان مثل المرأة في اشتراط المنع أو الضرر وإلا فهو كالصحيح ، فما وجه كون مرضه مانعا من صحة الخلو ، إلا أن يقال المراد أن مرضه في العادة يكون مانعا من وطئه فلا فائدة في ذكر التفصيل فيه بخلاف مرضها فتأمل .
مطلب في أحكام الخلوة
( قوله وجعله في الأسرار من الحسي ) قلت : وجعله في البحر مانعا لتحقق الخلوة حيث ذكر أن لإقامة الخلوة مقام الوطء شروطا أربعة : الخلوة الحقيقية ، وعدم المانع الحسي أو الطبعي أو الشرعي ، فالأول للاحتراز عما إذا كان هناك ثالث فليست بخلوة وعن مكان لا يصلح للخلوة كالمسجد والطريق العام والحمام إلخ . ثم ذكر عن الأسرار أن هذين من المانع الحسي ، وعليه فالمانع الحسي ما يمنعها من أصلها أو ما يمنع صحتها بعد تحققها كالمرض فافهم ( قوله فليس للطبعي مثال مستقل ) فإنهم مثلوا للطبعي بوجود ثالث وبالحيض أو النفاس مع أن الأولى منهي شرعا وينفر الطبع عنه فهو مانع حسي طبعي شرعي ، والثاني طبعي شرعي ، نعم سيأتي عن السرخسي أن جارية أحدهما تمنع بناء على أنه يمتنع من وطء الزوجة بحضرتها طبعا مع أنه لا بأس به شرعا ، فهو مانع طبعي لا شرعي ، لكنه حسي أيضا فافهم ( قوله كإحرام لفرض أو نفل ) لحج أو عمرة قبل وقوف عرفة أو بعده قبل طواف . وأطلق في إحرام النفل فعم ما إذا كان بإذنه أو بغير إذنه ، وقد نصوا على أنه له أن يحللها إن كان بغير إذنه ط .
قلت : فالظاهر التعميم الأخير غير مراد لأن العلة الحرمة وهي مفقودة ( قوله ومن الحسي إلخ ) لما كان ظاهر العطف يقتضي أن الرتق وما عطف عليه يخرج عن الموانع الثلاثة مع أنها من الحسي قدره الشارح ط ( قوله بالسكون ) نقل الخير الرملي عن شرح الروض للقاضي زكريا أن القرن بفتح رائه أرجح من إسكانها ( قوله عظم ) في البحر عن المغرب : القرن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما غدة غليظة أو لحم أو عظم وامرأة رتقاء بها ذلك ا هـ ومقتضاه ترادف القرن والرتق ( قوله وعفل ) بالعين المهملة والفاء ، وقوله غدة بالغين المعجمة : أي في خارج الفرج . ففي القاموس إنه شيء يخرج من قبل المرأة شبيه بالأدرة للرجال ( قوله ولو بزوج ) الباء للمصاحبة : أي ولو كان الصغر مصاحب الزوج ، يعني لا فرق بين أن يكون الزوج أو الزوجة أو كل منهما صغيرا . ا هـ . قال في البحر : وفي خلوة الصغير الذي لا يقدر على الجماع قولان وجزم قاضي خان بعدم الصحة فكان هو المعتمد ولذا قيد في الذخيرة بالمراهق ا هـ وتجب العدة بخلوته وإن كانت فاسدة لأن تصريحهم بوجوبها بالخلوة الفاسدة شامل لخلوة الصبي كذا في البحر من باب العدة ( قوله لا يطاق معه الجماع ) وقدرت الإطاقة بالبلوغ ، وقيل بالتسع والأولى عدم التقدير كما قدمناه : ولو قال الزوج تطيقه وأراد الدخول وأنكر الأب [ ص: 115 ] فالقاضي يريها لنساء ولم يعتبر السن كذا في الخلاصة بحر ( قوله وبلا وجود ثالث ) قدر قوله بلا ليكون عطفا على قوله بلا مانع حسي بناء على أنه طبعي فقط ، لكن علمت ما فيه . قال ط : ولا يتكرر مع ما تقدم لأن ذاك تمثيل من الشارح وهذا من المصنف تقييد ( قوله ولو نائما أو أعمى ) لأن الأعمى يحس ، والنائم يستيقظ ويتناوم فتح ، ودخل فيه الزوجة الأخرى وهو المذهب ، بناء على كراهة وطئها بحضرة ضرتها بحر .
قلت : وفي البزازية من الحظر والإباحة . ولا بأس بأن يجامع زوجته وأمته بحضرة النائمين إذا كانوا لا يعلمون به ، فإن علموه كره ا هـ ومقتضاه صحة الخلوة عند تحقق النوم تأمل .
وفي البحر : وفصل في المبتغى في الأعمى ، فإن لم يقف على حالة تصح ، وإن كان أصم إن كان نهارا لا تصح وإن كان ليلا تصح ا هـ .
قلت : الظاهر أنه أراد بالأصم غير الأعمى ، أما لو كان أعمى أيضا فلا فرق في حقه بين النهار والليل تأمل ( قوله والمجنون والمغمى عليه ) وقيل يمنعان فتح قلت : يظهر لي المنع في المجنون لأنه أقوى حالا من الكلب العقور تأمل ( قوله وكذا الأعمى ) قد علمت ما فيه من أنه لا يظهر الفرق بين الليل والنهار في حقه تأمل ( قوله به يفتى ) زاد في البحر عن الخلاصة أنه المختار ، ثم قال : وجزم الإمام السرخسي في المبسوط بأن كلا منهما يمنع ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه لأنه يمتنع من غشيانها بين يدي أمته طبعا ا هـ أي وكذا بين يدي أمتها بالأولى لأنها أجنبية لا تحل له . قلت : وجزم به أيضا الإمام قاضي خان في شرح الجامع . وفي البدائع : لو كان الثالث جارية له ، روي أن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا كان يقول أولا تصح خلوته ثم رجع وقال لا تصح ا هـ ولعل وجه الأول ما صرحوا به من أنه لا بأس بوطء المنكوحة بمعاينة الأمة دون عكسه ، لكن هذا يظهر في أمته دون أمتها ، على أن نفي البأس شرعا لا يلزم منه عدم نفرة الطباع السليمة عنه ، وحيث كان هو المنقول عن أئمتنا الثلاثة كما مر ، وعزاه أيضا في الفتاوى الهندية إلى الذخيرة والمحيط والخانية : لا ينبغي العدول عنه لموافقته الدراية والرواية ، ولذا قال الرحمتي : العجب كيف يجعل المذهب المفتى به ما هو خلاف قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام وصاحبيه مع عدم اتجاهه في المعنى