[ ص: 143 ] ( ولها منعه من الوطء ) ودواعيه شرح مجمع ( والسفر بها ولو بعد وطء وخلوة رضيتهما ) لأن كل وطأة معقود عليها ، فتسليم البعض لا يوجب تسليم الباقي [ ص: 144 ] ( لأخذ ما بين تعجيله ) من المهر كله أو بعضه ( أو ) أخذ ( قدر ما يعجل لمثلها عرفا ) به يفتى ، لأن المعروف كالمشروط ( إن لم يؤجل ) أو يعجل ( كله ) فكما شرط لأن الصريح يفوق الدلالة إلا إذا جهل الأجل جهالة فاحشة فيجب حالا غاية ، إلا التأجيل لطلاق أو موت فيصح للعرف بزازية . وعن الثاني لها منعه إن أجله كله ، [ ص: 145 ] وبه يفتى استحسانا ولوالجية وفي النهر : لو تزوجها على مائة على حكم الحلول على أن يعجل أربعين لها منعه حتى تقبضه . ( و ) لها ( النفقة ) بعد المنع ( و ) لها ( السفر والخروج من بيت زوجها للحاجة ; و ) لها ( زيارة أهلها بلا إذنه ما لم تقبضه ) أي المعجل ، فلا تخرج إلا لحق لها أو عليها [ ص: 146 ] أو لزيارة أبويها كل جمعة مرة أو المحارم كل سنة ، ولكونها قابلة أو غاسلة لا فيما عدا ذلك ، وإن أذن كانا عاصيين والمعتمد جواز الحمام بلا تزين أشباه وسيجيء في النفقة
( قوله ولها منعه إلخ ) وكذا لولي الصغيرة المنع المذكور حتى يقبض مهرها وتسليمها نفسها غير صحيح فله استردادها ، وليس لغير الأب والجد تسليمها قبل قبض المهر ممن له ولاية قبضه ، فإن سلمها فهو فاسد ، وأشار إلى أنه لا يحل له وطؤها على كره منها إن كان امتناعها لطلب المهر عنده . وعندهما يحل كما في المحيط . بحر . وينبغي تقييد الخلاف بما إذا كان وطئها أو لا برضاها ، أما إذا لم يطأها ولم يخل بها كذلك فلا يحل اتفاقا نهر ( قوله ودواعيه إلخ ) لم يصرح به في شرح المجمع ، وإنما قال لها أن تمنعه من الاستمتاع بها ، فقال في النهر إنه يعم الدواعي ط .
( قوله والسفر ) الأولى التعبير بالإخراج كما عبر في الكنز ليعم الإخراج من بيتها كما قاله شارحوه ط ( قوله وخلوة ) يعلم حكمها من الوطء بالأولى وإنما تظهر فائدة ذكرها على قولهما الآتي ( قوله رضيتهما ) وكذا لو كانت مكرهة أو صغيرة أو مجنونة بالأولى وهو بالاتفاق . أما مع الرضا ، فعندهما ليس لها المنع وتكون به ناشزة لا نفقة لها أي إلا أن تمنعه من الوطء وهي في بيته بحر بحثا ، أخذا مما صرحوا به في النفقات أن ذلك ليس بنشوز بعد أخذ المهر [ ص: 144 ] قوله لأخذ ما بين تعجيله ) علة لقوله ولها منعه ، أو غاية له واللام بمعنى إلى ، فلو أعطاها المهر درهما واحدا فلها المنع ، وليس له استرجاع ما قبضت هندية من السراج . وفي البحر عن المحيط : لو أحالت به رجلا على زوجها لها الامتناع إلى أن يقبض المحتال لا لو أحالها به الزوج ا هـ وأشار إلى أن تسليم المهر مقدم سواء كان عينا أو دينا ، بخلاف البيع والثمن عين فإنهما يسلمان معا لأن القبض والتسليم معا متعذر هنا ، بخلاف البيع كما في النهر عن البدائع ، وتمامه فيه ; لكن في الفيض : لو خاف الزوج أن يأخذ الأب المهر ولا يسلم البنت يؤمر الأب بجعلها مهيأة للتسليم ثم يقبض المهر ( قوله أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها عرفا ) أي إن لم يبين تعجيله أو تعجيل بعضه فلها المنع لأخذ ما يعجل لها منه عرفا . وفي الصيرفية : الفتوى على اعتبار عرف بلدهما من غير اعتبار الثلث أو النصف . وفي الخانية : يعتبر التعارف لأن الثابت عرفا كالثابت شرطا .
قلت : والمتعارف في زماننا في مصر والشام تعجيل الثلثين وتأجيل الثلث ، ولا تنس ما قدمناه عن الملتقط من أن لها المنع أيضا للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر كما هو عادة سمرقند ، فإنه يلزم دفعه على من صدق العرف من غير تردد في إعطاء مثلها من مثله ما لم يشرطا عدم دفعه ; والعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط ( قوله إن لم يؤجل ) شرط في قوله أو أخذ قدر ما يعجل لمثلها ، يعني أن محل ذلك إذا لم يشترطا تأجيل الكل وتعجيله ط وكذا البعض كما قدمه في قوله كلا أو بعضا . وفي الفتح : حكم التأجيل بعد العقد كحكمه فيه ( قوله فكما شرطا ) جواب شرط محذوف تقديره فإن أجل كله أو عجل كله ح . وفي مسألة التأجيل خلاف يأتي ( قوله لأن الصريح إلخ ) أي يعتبر ما شرطا وإن تعورف تعجيل البعض لأن الشرط صريح والعرف دلالة ، والصريح أقوى ( قوله إلا إذا جهل الأجل ) إذا هنا ظرفية فهو استثناء من أعم الظرف : أي كما شرطا في كل وقت إلا في وقت جهل الأجل فافهم .
قال في البحر : فإن كانت جهالة متقاربة كالحصاد والدياس ونحوه فهو كالمعلوم على الصحيح كما في الظهيرية بخلاف البيع فإنه لا يجوز بهذا الشرط ، وإن كانت متفاحشة كإلى الميسرة أو إلى هبوب الريح ، أو إلى أن تمطر السماء فالأجل لا يثبت ويجب المهر حالا ، وكذا في غاية البيان . ا هـ . ( قوله إلا التأجيل ) استثناء من المستثنى ح ( قوله فيصح للعرف ) قال في البحر : وذكر في الخلاصة والبزازية اختلافا فيه وصحح أنه صحيح . وفي الخلاصة : وبالطلاق ، ويتعجل المؤجل ، ولو راجعها ولا يتأجل ا هـ يعني إذا كان التأجيل إلى الطلاق . أما لو إلى مدة معينة لا يتعجل بالطلاق ، كما قد يقع في مصر من جعل بعضه حالا وبعضه مؤجلا إلى الطلاق ، أو الموت وبعضه منجما ، فإذا طلقها تعجل البعض المؤجل لا المنجم ، فتأخذه بعد الطلاق على نجومه كما تأخذه قبله . واختلف هل يتعجل المؤجل بالطلاق الرجعي مطلقا أو إلى انقضاء العدة وجزم في القنية بالثاني ، وعزاه إلى عامة المشايخ . ولو ارتدت ولحقت ثم أسلمت وتزوجها فالمختار أنه لا يطالب بالمهر المؤجل إلى الطلاق كما في الصيرفية لأن [ ص: 145 ] الردة فسخ لا طلاق ا هـ ملخصا ( قوله وبه يفتى استحسانا ) لأنه لما طلب تأجيله كله فقد رضي بإسقاط حقه في الاستمتاع .
وفي الخلاصة أن الأستاذ ظهير الدين كان يفتي بأنه ليس لها الامتناع والصدر الشهيد كان يفتي بأن لها ذلك ا هـ فقد اختلف الإفتاء بحر . قلت : والاستحسان مقدم ، فلذا جزم به الشارح .
وفي البحر عن الفتح : وهذا كله إذا لم يشترط الدخول قبل حلول الأجل ، فلو شرطه ورضيت به ليس لها الامتناع اتفاقا ا هـ .
[ تنبيه ] يفهم من قول الشارح إن أجله كله أنه لو أجل البعض ودفع المعجل ليس لها الامتناع على قول الثاني مع أنه في شرح الجامع لقاضي خان ذكر أولا أنه لو كان المهر مؤجلا ليس لها المنع قبل حلول الأجل ولا بعده ، وكذا لو كان المؤجل بعضه واستوفت العاجل ، وكذا لو أجلته بعد العقد .
ثم قال : وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لها المنع إلى استيفاء الأجل في جميع هذه الفصول إذا لم يكن دخل بها إلخ وهذا مخالف لقول المصنف لأخذ ما بين تعجيله إلخ لكن رأيت في الذخيرة عن الصدر الشهيد أنه قال في مسألة تأجيل البعض أن له الدخول بها في ديارنا بلا خلاف . لأن الدخول عند أداء المعجل مشروط عرفا فصار كالمشروط نصا ; أما في تأجيل الكل فغير مشروط لا عرفا ولا نصا فلم يكن له الدخول على قول الثاني استحسانا ا هـ فافهم ( قوله على أن يعجل أربعين ) أي قبل الدخول ( قوله لها منعه حتى تقبضه ) أي تقبض الباقي بعد الأربعين ، إذ ليس في اشتراط تعجيل البعض مع نص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق أو الموت بوجه من وجوه الدلالات . والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير إلى اختيار المطالبة بحر عن فتاوى العلامة قاسم .
[ فرع ] في الهندية عن الخانية : تزوجها بألف على أن ينقدها ما تيسر له والبقية إلى سنة فالألف كله إلى سنة ما لم تبرهن أنه تيسر له منه شيء أو كله فتأخذه ( قوله ولها النفقة بعد المنع ) أي المنع لأجل قبض المهر ، ويشمل المنع من الوطء وهي في بيته وهو ظاهر ، وكذا لو امتنعت من النقلة إلى بيته فلها النفقة كما يأتي في بابها ، وكذا لو سافرت . ويشكل عليه أن النفقة جزاء الاحتباس ، ولهذا لو كانت مغصوبة أو حاجة وهو ليس معها لا نفقة لها مع أنها لم تحتبس بعذر .
وقد يجاب بأن التقصير جاء من جهته بعدم دفع المهر فكانت محتبسة حكما كما لو أخرجها من منزله فلها النفقة بخلاف المغصوبة والحاجة فإن ذلك ليس من جهته ، هذا ما ظهر لي .
( قوله فلا تخرج إلخ ) جواب شرط مقدر : أي فإن قبضته فلا تخرج إلخ ، وأفاد به تقييد كلام المتن فإن مقتضاه أنها إن قبضته ليس لها الخروج للحاجة وزيارة أهلها بلا إذنه مع أن لها الخروج وإن لم يأذن في المسائل التي ذكرها الشارح كما هو صريح عبارته في شرحه على الملتقى عن الأشباه ، وكذا فيما لو أرادت حج الفرض بمحرم أو كان أبوها زمنا مثلا يحتاج إلى خدمتها [ ص: 146 ] ولو كان كافرا أو كانت لها نازلة ولم يسأل لها الزوج عنها من عالم فتخرج بلا إذنه كله كما بسطه في نفقات الفتح : خلافا لما في القهستاني وإن تبعه ح حيث قال بعد الأخذ ليس لها أن تخرج بلا إذنه أصلا فافهم ( قوله أو لزيارة أبويها ) سيأتي في باب النفقات عن الاختيار تقييده بما إذا لم يقدرا على إتيانها ، وفي الفتح أنه الحق . قال : وإن لم يكونا كذلك ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في الحين بعد الحين على قدر متعارف ، أما في كل جمعة فهو بعيد ، فإن في كثرة الخروج فتح باب الفتنة خصوصا إن كانت شابة والرجل من ذوي الهيآت ( قوله أو لكونها قابلة أو غاسلة ) أي تغسل الموتى كما في الخانية : وسيذكر الشارح في النفقات عن البحر أنه له منعها لتقدم حقه على فرض الكفاية ، وكذا بحثه الحموي . وقال ط : أنه لا يعارض المنقول . وقال الرحمتي : ولعله محمول على ما إذا تعين عليها ذلك . ا هـ .
قلت : لكن المتبادر من كلامهم الإطلاق ، ولا مانع من أن يكون تزوجه بها مع علمه بحالها رضا بإسقاط حقه تأمل . ثم رأيت في نفقات البحر ذكر عن النوازل أنها تخرج بإذنه وبدونه ثم نقل عن الخانية تقييده بإذن الزوج ( قوله فيما عدا ذلك ) عبارة الفتح : وأما عدا ذلك من زيارة الأجانب وعيادتهم والوليمة لا يأذن لها ولا تخرج إلخ ( قوله والمعتمد إلخ ) عبارته فيما سيجيء في النفقة : وله منعها من الحمام إلا النفساء وإن جاز بلا تزين وكشف عورة أحد . قال الباقاني : وعليه فلا خلاف في منعهن للعلم بكشف بعضهن ، وكذا في الشرنبلالية معزيا للكمال ا هـ وليس عدم التزيين خاصا بالحمام لما قاله الكمال . وحيث أبحنا لها الخروج فبشرط عدم الزينة في الكل ، وتغيير الهيئة إلى ما لا يكون داعية إلى نظر الرجال واستمالتهم