( ولو بعث إلى امرأته شيئا ولم يذكر جهة عند الدفع غير ) جهة ( المهر ) كقوله لشمع أو حناء ثم قال إنه من المهر لم يقبل قنية لوقوعه هدية فلا ينقلب مهرا ( فقالت هو ) أي المبعوث ( هدية وقال هو من المهر ) أو من الكسوة أو عارية ( فالقول له ) بيمينه والبينة لها ، فإن حلف والمبعوث قائم فلها أن ترده - [ ص: 152 ] وترجع بباقي المهر ذكره ابن الكمال . ولو عوضته ثم ادعاه عارية فلها أن تسترد العوض من جنسه زيلعي ( في غير المهيإ للأكل ) كثياب وشاة حية وسمن وعسل وما يبقى شهرا أخي زاده ( و ) القول ( لها ) بيمينها ( في المهيإ له ) [ ص: 153 ] كخبز ولحم مشوي لأن الظاهر يكذبه ، ولذا قال الفقيه : المختار أنه يصدق فيما لا يجب عليه كخف وملاءة لا فيما يجب كخمار ودرع ، يعني ما لم يدع أنه كسوة لأن الظاهر معه .
مطلب فيما يرسله إلى الزوجة
( قوله ولو بعث إلى امرأته شيئا ) أي من النقدين أو العروض أو مما يؤكل قبل الزفاف أو بعد ما بنى بها نهر ( قوله ولم يذكر إلخ ) المراد أنه لم يذكر المهر ولا غيره ط ( قوله كقوله إلخ ) تمثيل للمنفي وهو يذكر ( قوله والبينة لها ) أي إذا أقام كل منهما بينة تقدم بينتها ط ( قوله فلها أن ترده ) لأنها لم ترض بكونه مهرا بحر [ ص: 152 ] قوله وترجع بباقي المهر ) أو كله إن لم يكن دفع لها شيئا منه قال في النهر : وإن هلك وقد بقي لأحدهما شيء رجع به ا هـ أما لو كانت قيمة الهالك قدر المهر فلا رجوع لأحد .
وفي البزازية : اتخذ لها ثيابا ولبستها حتى تحرقت ثم قال هو من المهر وقالت هو من النفقة أعني الكسوة الواجبة عليه فالقول لها ، ولو الثوب قائما له فالقول له لأنه أعرف بجهة التمليك ، وبخلاف الهالك لأنه يدعي سقوط بعض المهر والمرأة تنكر ، وبالهلاك خرج عن المملوكية وحيث لا ملك بحال فالاختلاف في جهة التمليك باطل ، فيكون اختلافا في ضمان الهالك وبدله ، فالقول لمن يملك البدل والضمان ا هـ ملخصا . واستشكله في النهر وقال هذا يقتضي أن القول لها في الهالك في مسألة المتن ، وهو مخالف لما قدمناه ، والفرق يعسر فتدبره ا هـ .
قلت : بل الفرق يسير إن شاء الله تعالى ، وذلك أن مسألة المتن في دعواها أنه هدية فلا تصدق ويكون القول له في حالتي الهلاك وعدمه لأنه المملك ولا شيء يخالف دعواه ، وأما هنا فقد ادعت الكسوة الواجبة عليه فيكون القول له في القائم لما ذكرنا وتطلب منه مهرها وكسوتها .
أما الهالك فالقول لها في أمرين : أحدهما أن الظاهر يصدقها فيه كما يأتي في المهيأ للأكل وما ينقلهالشارح عن الفقيه . ثانيهما أنه لو كان القول له فيه لزم ضياع حقها في الكسوة الواجبة عليه لأنها من النفقة والنفقة تسقط بمضي المدة فلا يمكنها المطالبة عما مضى ويلزم بذلك فتح باب الدعاوى الباطلة ، بأن يدعي كل زوج بعد عشرين سنة أن جميع ما دفع لها من كسوة ونفقة من المهر فيرجع عليها بقيمته ، وفي ذلك ما لا يرضاه الشرع من الإضرار بالنساء مع أن الظاهر والعادة تكذبه . وأما في القائم فلا ضرر لأنها تطالبه بكسوة أخرى إذا لم يرض بكونه كسوة ، ولا تقتضي العادة أن يكون المدفوع كسوتها لأن له أن يقول أعطيها كسوة غيرها ، هذا ما ظهر لي ، والله الميسر لكل عسير ( قوله ولو عوضته ) وكذا لو عوضه أبوها من مالها بإذنها أو من ماله فله الرجوع أيضا كما في الفتح وكأنه في البحر لم يره ، فاستشكل ما قاله في الفتح قبل ذلك من أنه لو بعث أبوها من ماله فله الرجوع لو قائما وإلا فلا ولو من مالها بإذنها فلا رجوع لأنه هبة منها ، والمرأة لا ترجع في هبة زوجها . ا هـ .
قلت : وهذا محمول على ما إذا كان لا على جهة التعويض ، فلا ينافي قول الشارح ولو عوضته إلخ بقرينة ما نقلناه أولا عن الفتح . هذا ، وقد ذكر مسألة التعويض في الفتح وغيره مطلقة وكذا في الخانية ، لكنه قال فيها : وقال أبو بكر الإسكاف : إن صرحت حين بعثت أنها عوض فكذلك وإلا كان هبة منها وبطلت نيتها ا هـ ومثله في الهندية ، وهذا يحتمل أن يكون بيانا لمرادهم أو حكاية لقول الآخر تأمل . وينبغي اعتبار العرف فيما يقصد به التعويض فيكون كالملفوظ تأمل ، وما في ط من أن المعتمد خلاف ما قاله الإسكاف وعزاه إلى الهندية لم أره فيها ، نعم سيذكر الشارح في آخر كتاب الهبة أنه لا فرق بين تصريحها بالعوض وعدمه ( قوله من جنسه ) لم يذكر الزيلعي هذه الزيادة ط ، ولم أر أحدا ذكرها ، وفعل المراد بها أن العوض لو كان هالكا وهو مثلي ترجع عليه وبمثله فأراد بالجنس المثل [ ص: 153 ] تأمل ( قوله مشوي ) لا مفهوم له ط ( قوله لأن الظاهر يكذبه ) قال في الفتح : والذي يجب اعتباره في ديارنا أن جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيها قول المرأة لأن المتعارف في ذلك كله أن يرسله هدية والظاهر معها لا معه ، ولا يكون القول إلا في نحو الثياب والجارية ا هـ .
قال في البحر : وهذا البحث موافق لما في الجامع الصغير ، فإنه قال إلا في الطعام الذي يؤكل فإنه أعم من المهيأ للأكل وغيره ا هـ .
قال في النهر : وأقول وينبغي أن لا يقبل قوله أيضا في الثياب المحمولة مع السكر ونحوه للعرف . ا هـ . قلت : ومن ذلك ما يبعثه إليها قبل الزفاف في الأعياد والمواسم من نحو ثياب وحلي ، وكذا ما يعطيها من ذلك أو من دراهم أو دنانير صبيحة ليلة العرس ويسمى في العرف صبحة ، فإن كل ذلك تعورف في زماننا كونه هدية لا من المهر ولا سيما المسمى صبحة ، فإن الزوجة تعوضه عنها ثيابها ونحوها صبيحة العرس أيضا ( قوله ولذا قال الفقيه ) أي nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث ( قوله كخف وملاءة ) لأنه لا يجب عليه تمكينها من الخروج بل يجب منعها إلا فيما سنذكره فتح .
قلت : ينبغي تقييد ذلك بما لم تجر به العادة ، لما حررناه من أن ذلك في عرفنا يلزم الزوج وأنه من جملة المهر كما قدمناه عن الملتقط أن لها منع نفسها للمشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر إلخ ومثله في عرفنا مناشف الحمام ونحوها ، فإن ذلك بمنزلة المشروط في المهر فيلزمه دفعه ولا ينافيه وجوب منعها من الخروج والحمام كما لا يخفى ( قوله كخمار ودرع ) ومتاع البيت بحر ، فمتاع البيت واجب عليه ; فهذا محل ذكره فافهم ، وسيذكر المصنف في النفقة أنه يجب عليه الطحن آلة الطحن وآنية شراب وطبخ ككوز وجرة وقدر ومغرفة . قال الشارح : وكذا سائر أدوات البيت كحصير ولبد وطنفسة إلخ ( قوله ما لم يدع أنه كسوة ) هذا تقييد من عند صاحب الفتح وأقره في البحر : أي أن ما يجب عليه لو ادعاه مهرا لا يصدق لأن الظاهر يكذبه ، أما لو ادعى أنه كسوة وادعت أنه هدية فالقول له لأن الظاهر معه