( قوله أنفق على معتدة الغير إلخ ) حكى في البزازية في هذه المسألة ثلاثة أقوال مصححة . حاصل الأول أنه يرجع مطلقا شرط التزوج أو لا ، تزوجته أو لا لأنه رشوة . وحاصل الثاني أنه إن لم يشرط لا يرجع . وحاصل الثالث وقد نقله عن فصول العمادي أنه إن تزوجته لا يرجع ، وإن أبت رجع شرط الرجوع أو لا إن دفع إليها الدراهم لتنفق على نفسها وإن أكل معها لا يرجع بشيء أصلا ا هـ .
وحاصل ما في فتح القدير حكاية الأول والأخير . وحكى في البحر الأول أيضا ثم قال : وقيل لا يرجع إذا زوجت نفسها وقد كان شرطه وصحح أيضا ، وإن أبت ولم يكن شرطه لا يرجع على الصحيح ا هـ فقوله لا يرجع إذا تزوجت نفسها إلخ يفهم منه عدم الرجوع بالأولى إذا تزوجته ولم يشترط ، وقوله وإن أبت إلخ يفهم منه أنه إن أبت وقد شرطه يرجع ، فصار حاصل هذا القول الثاني أنه يرجع في صورة واحدة ، وهي ما إذا أبت وكان شرط التزوج . ولا يرجع في ثلاث : وهي ما إذا أبت ولم يشترطه ، أو تزوجته وشرطه ، أو لم يشرط ، فهذه أربعة أقوال كلها مصححة .
وذكر المصنف في شرحه أن المعتمد ما في فصول العمادي أعني القول الثالث وأن شيخه صاحب البحر أفتى به ا هـ .
قلت والذي اعتمده ففيه النفس الإمام قاضي خان هو القول الأول ، فإنه ذكر أنه إن شرط التزوج رجع لأنه شرط فاسد ، وإلا فإن كان معروفا فقيل يرجع وقيل لا ثم قال : وينبغي أن يرجع لأنه إذا علم أنه لو لم تتزوج لا ينفق عليها كان بمنزلة الشرط كالمستقرض إذا أهدى إلى المقرض شيئا لم يكن أهدى إليه قبل الإقراض كان حراما ، وكذا القاضي لا يجيب الدعوة الخاصة ، ولا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضيا لا يهدي إليه ، فيكون ذلك بمنزلة الشرط وإن لم يكن مشروطا ا هـ وأيده في الخيرية في كتاب النفقات . وأفتى به حيث سئل فيمن خطب امرأة وأنفق عليها وعلمت أنه ينفق ليتزوجها فتزوجت غيره ، فأجاب بأنه يرجع واستشهد له بكلام قاضي خان المذكور وغيره وقال إنه ظاهر الوجه فلا ينبغي أن يعدل عنه ا هـ . [ تنبيه ]
أفاد ما في الخيرية حيث استشهد على مسألة المخطوبة بعبارة الخانية أن الخلاف الجاري هنا جار في مسألة المخطوبة المارة وأن ما مر فيها من أن له استرداد القائم دون الهالك والمستهلك خاص بالهدية دون النفقة والكسوة ، [ ص: 155 ] إذ لا شك أن المعتدة مخطوبة أيضا ، ولا تأثير لكونها معتدة يحرم التصريح بخطبتها ، بل التأثير للشرط وعدمه ، وكونه شرطا فاسدا ، وكون ذلك رشوة كما علمته من تعليل الأقوال . وعلى هذا فما يقع في قرى دمشق من أن الرجل يخطب المرأة ويصير يكسوها ويهدي إليها في الأعياد ويعطيها دراهم للنفقة والمهر إلى أن يكمل لها المهر فيعقد عليها ليلة الزفاف ، فإذا أبت أن تتزوجه ينبغي أن يرجع عليها بغير الهدية الهالكة على الأقوال الأربعة المارة لأن ذلك مشروط بالتزوج كما حققه قاضي خان فيما مر .
وبقي ما إذا ماتت فعلى القول لا كلام في أن له الرجوع ، أما على الثالث فهل يلحق بالإباء ؟ لم أره . وينبغي الرجوع لأن الظاهر أن علة القول الثالث أنه كالهبة المشروط بالعوض وهو التزوج كما يفيده ما في حاوي الزاهدي برمز البرهان صاحب المحيط : بعثت الصهرة إلى بيت الختن ثيابا لا رجوع لها بعده ولو قائمة ثم سئل ، فقال لها الرجوع لو قائما . قال الزاهدي : والتوفيق أن البعث الأول قبل الزفاف ثم حصل الزفاف فهو كالهبة بشرط العوض وقد حصل فلا ترجع ، والثاني بعد الزفاف فترجع ا هـ وكذا لم أر ما لو مات هو أو أبي فليراجع .
[ تتمة ] لم يذكر ما لو أنفق على زوجته ثم تبين فساد النكاح ، بأن شهدوا بالرضاع وفرق بينهما . ففي الذخيرة له الرجوع بما أنفق بفرض القاضي لأنه تبين أنها أخذت بغير حق ، ولو أنفق بلا فرض لا يرجع بشيء ( قوله بشرط أن يتزوجها ) الأولى أن يقول بطمع أن يتزوجها كما عبر في البحر ( قوله مطلقا ) تفسير الإطلاق في الموضعين كما دل عليه كلام المصنف في شرحه شرط التزوج أو لم يشرطه ، ولذا قلنا الأولى أن يقول بطمع أن يتزوجها ليتأتى الإطلاق المذكور ، وهذا القول هو الثالث قد اعتمده المصنف في متنه وشرحه . وقال في الفيض : وبه يفتى ( قوله وإن أكلت معه فلا ) أي أنه إباحة لا تمليك ، أو لأنه مجهول لا يعلم قدره تأمل ، ولينظر وجه عدم الرجوع في الهدية الهالكة أو المستهلكة على ما قلناه من عدم الفرق بين المخطوبة والمعتدة ( قوله بحر عن العمادية ) صوابه منح عن العمادية ، فإن ما في المتن عزاه في المنح إلى الفصول العمادية ، وهو القول الثالث من الأقوال الأربعة التي قدمناها . وأما ما في البحر فهو القول الأول ، والقول الرابع ، ولم يذكر القول الثالث أصلا ولا وقع فيه العزو إلى العمادية