ولو قيل له : طلقت امرأتك فقال : نعم أو بلى بالهجاء طلقت بحر ( واحدة رجعية ، [ ص: 250 ] وإن نوى خلافها ) من البائن أو أكثر خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ( أو لم ينو شيئا ) ولو نوى به الطلاق [ ص: 251 ] عن وثاق دين إن لم يقرنه بعدد ; ولو مكرها صدق قضاء أيضا كما لو صرح بالوثاق أو القيد ، وكذا لو نوى طلاقها من زوجها الأول على الصحيح خانية ; ولو نوى عن العمل لم يصدق أصلا ; ولو صرح به دين ، فقط .
( قوله طلقت امرأتك ) وكذا تطلق لو قيل له ألست طلقت امرأتك على ما بحثه في الفتح من عدم الفرق في العرف بين الجواب بنعم أو بلى كما سيأتي في الفروع آخر هذا الباب . ( قوله طلقت ) أي بلا نية على ما قررناه آنفا ( قوله واحدة ) بالرفع فاعل قوله ويقع وهو صفة لموصوف محذوف أي طلقة واحدة ، أفاده القهستاني ( قوله رجعية ) أي عند عدم ما يجعل بائنا . [ ص: 250 ] مطلب الصريح نوعان رجعي وبائن ففي البدائع أن الصريح نوعان : صريح رجعي ، وصريح بائن . فالأول أن يكون بحروف الطلاق بعد الدخول حقيقة غير مقرون بعوض ولا بعدد الثلاث لا نصا ولا إشارة ولا موصوف بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف ولا مشبه بعدد أو صفة تدل عليها . وأما الثاني فبخلافه ، وهو أن يكون بحروف الإبانة بحروف الطلاق ، لكن قبل الدخول حقيقة أو بعده ، لكن مقرونا بعدد الثلاث نصا أو إشارة أو موصوفا بصفة تنبئ عن البينونة أو تدل عليها من غير حرف العطف ، أو مشبها بعدد أو صفة تدل عليها . ا هـ . ويعلم محترز القيود مما يذكره المصنف آخر الباب من وقوع الثلاث في أنت هكذا مشيرا بأصابعه . ووقوع البائن في أنت طالق بائن بخلاف وبائن وبأنت طالق كألف أو تطليقة طويلة واختار في الفتح أن القسم الثاني ليس من الصريح ، فلا حاجة لاحتراز عنه . واستظهر في البحر ما في البدائع معللا بأن حد الصريح يشمل الكل . قال في النهر : للقطع بأنه قبل الدخول أو على مال ونحوه ذلك ليس كناية ، وإلا لاحتاج إلى النية أو دلالة الحال ، فتعين أن يكون صريحا إذ لا واسطة بينهما . ا هـ . وفيه عن الصيرفية : لو قال لها أنت طالق ولا رجعة لي عليك فرجعية ، ولو قال : على أن لا رجعة لي عليك فبائن . ا هـ . وسيأتي آخر الباب تمام الكلام على الفرع الأخير . ( قوله وإن نوى خلافا ) قيد بنيته لأنه لو قال جعلتها بائنة أو ثلاثا كانت كذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام ، ومعنى جعل الواحدة ثلاثا على قوله أنه ألحق بها اثنتين لا أنه جعل الواحدة ثلاثا ، كذا في البدائع . ووافقه الثاني في البينونة دون الثلاث ونفاهما الثالث نهر ، وتمامه فيه . وفي البحر : وسيذكره المصنف في باب الكنايات . وعلم مما ذكرنا أنه لو قرنه بالعدد ابتداء فقال : أنت طالق ثنتين ، أو قال ثلاثا يقع لما سيأتي في الباب الآتي أنه متى قرن بالعدد كان الوقوع به وسنذكر في الكنايات ما لو ألحق العدد بعدما سكت ( قوله من البائن أو أكثر ) بيان لقوله خلافها فإن الضمير فيه للواحدة الرجعية فخلاف الواحدة الأكثر رجعيا أو بائنا ، وخلاف الرجعية البائن ففي كلامه لف ونشر مشوش . وفيه أيضا إشارة إلى أنه لا يشمل نية المكره الطلاق عن وثاق ، فلا يرد أنه تصح نيته قضاء كما يأتي قريبا فافهم ( قوله خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ) راجع إلى قوله أو أكثر فقط ، والأولى أن يقول خلافا للأئمة الثلاثة كما يفاد من البحر ، وهو القول الأول nindex.php?page=showalam&ids=11990للإمام لأنه نوى محتمل لفظه ط . مطلب في قول البحر : إن الصريح يحتاج في وقوعه ديانة إلى النية ( قوله أو لم ينو شيئا ) لما مر أن الصريح لا يحتاج إلى النية ، ولكن لا بد في وقوعه قضاء وديانة من قصد إضافة لفظ الطلاق إليها عالما بمعناه ولم يصرفه إلى ما يحتمله كما أفاده في الفتح ، وحققه في النهر ، احترازا عما لو كرر مسائل الطلاق بحضرتها ، أو كتب ناقلا من كتاب امرأتي طالق مع التلفظ ، أو حكى يمين غيره فإنه لا يقع أصلا ما لم يقصد زوجته ، وعما لو لقنته لفظ الطلاق فتلفظ به غير عالم بمعناه فلا يقع أصلا على ما أفتى به مشايخ أوزجند صيانة عن التلبيس وغيرهم من الوقوع قضاء فقط . وعما لو سبق لسانه من قول أنت حائض مثلا إلى أنت طالق فإنه يقع قضاء فقط ، وعما لو نوى بأنت طالق الطلاق من وثاق فإنه قضاء فقط أيضا . وأما الهازل فيقع طلاقه قضاء وديانة لأنه قصد السبب عالما بأنه سبب فرتب الشرع حكمه عليه أراده أو لم يرده [ ص: 251 ] كما مر ، وبهذا ظهر عدم صحة ما في البحر والأشباه من أن قولهم إن الصريح لا يحتاج إلى النية إنما هو القضاء . أما في الديانة فمحتاج إليها أخذا من قولهم : ولو نوى الطلاق عن وثاق أو سبق لسانه إلى لفظ الطلاق يقع قضاء فقط أي لا ديانة لأنه لم ينوه . وفيه نظر لأن عدم وقوعه ديانة في الأول لأنه صرف اللفظ إلى ما يحتمله ، وفي الثاني لعدم قصد اللفظ ، واللازم من هذا أنه يشترط في وقوعه ديانة قصد اللفظ وعدم التأويل الصحيح . أما اشتراط نية الطلاق فلا بدليل أنه لو نوى الطلاق عن العمل لا يصدق ويقع ديانة أيضا كما يأتي مع أنه لم ينو معنى الطلاق وكذا لو طلق هازلا . ( قوله عن وثاق ) بفتح الواو وكسرها القيد وجمعه وثق كرباط وربط مصباح وعلم أنه لو نوى الطلاق عن قيد دين أيضا ( قوله دين ) أي تصح نيته فيما بينه وبين ربه تعالى لأنه نوى ما يحتمله لفظه فيفتيه المفتي بعدم الوقوع . أما القاضي فلا يصدقه ويقضي عليه بالوقوع لأنه خلاف الظاهر بلا قرينة ( قوله إن لم يقرنه بعدد ) هذا الشرط ذكره في البحر وغيره فيما لو صرح بالوثاق أو القيد ، بأن قال : أنت طالق ثلاثا من هذا القيد فيقع قضاء وديانة كما في البزازية ، وعلله في المحيط بأنه لا يتصور رفع القيد ثلاث مرات فانصرف إلى قيد النكاح كي لا يلغو . ا هـ . قال في النهر : وهذا التعليل يفيد اتحاد الحكم فيما لو قال مرتين ا هـ ولذا أطلق الشارح العدد . ولا يخفى أنه إذا انصرف إلى قيد النكاح بسبب العدد مع التصريح بالقيد فمع عدمه بالأولى ( قوله صدق قضاء أيضا ) أي كما يصدق ديانة لوجود القرينة الدالة على عدم إرادة الإيقاع ، وهي الإكراه ط . ( قوله كما لو صرح إلخ ) أي فإنه يصدق قضاء وديانة إلا إذا قرنه بالعدد فلا يصدق أصلا كما مر ( قوله وكذا لو نوى إلخ ) قال في البحر : ومنه أي من الصريح : يا طالق أو يا مطلقة بالتشديد ، ولو قال : أردت الشتم لم يصدق قضاء ودين خلاصة ، ولو كان لها زوج طلقها قبل فقال : أردت ذلك الطلاق صدق ديانة باتفاق الروايات وقضاء في رواية أبي سليمان ، وهو حسن كما في الفتح ، وهو الصحيح كما في الخانية . ولو لم يكن لها زوج لا يصدق ، وكذا لو كان لها زوج قد مات . ا هـ . قلت : وقد ذكروا هذا التفصيل في صورة النداء كما سمعت ، ولم أر من ذكره في الإخبار كأنت طالق فتأمل ( قوله لم يصدق أصلا ) أي لا قضاء ولا ديانة قال في الفتح : لأن الطلاق لرفع القيد وهي ليست مقيدة بالعمل فلا يكون محتمل اللفظ وعنه أنه يدين لأنه يستعمل للتخلص ( قوله دين فقط ) أي ولا يصدق قضاء لأنه يظن أنه طلق ثم وصل لفظ العمل استدراكا بخلاف ما لو وصل لفظ الوثاق لأنه يستعمل فيه قليلا فتح . والحاصل كما في البحر أن كلا من الوثاق والقيد والعمل إما أن يذكر أو ينوى ; فإن ذكر فإما أن يقرن بالعدد أو لا ، فإن قرن به بلا نية وإلا ففي ذكر العمل وقع قضاء فقط ، وفي لفظي الوثاق والقيد لا يقع أصلا ، وإن لم يذكر بل نوى لا يدين في لفظ العمل ودين في الوثاق والقيد ، ويقع قضاء إلا أن يكون مكرها والمرأة كالقاضي إذا سمعته أو أخبرها عدل لا يحل له تمكينه . والفتوى على أنه ليس لها قتله ، ولا تقتل نفسها بل تفدي نفسها بمال أو تهرب ، كما أنه ليس له قتلها إذا حرمت عليه وكلما هرب ردته بالسحر . وفي البزازية عن الأوزجندي أنها ترفع الأمر للقاضي ، فإنه حلف ولا بينة لها فالإثم عليه . ا هـ . قلت : أي إذا لم تقدر على الفداء أو الهرب ولا على منعه عنها فلا ينافي ما قبله .