[ ص: 211 ] فصل في البئر ( إذا وقعت نجاسة ) ليست بحيوان ولو مخففة أو قطرة بول أو دم أو ذنب فأرة لم يشمع ، فلو شمع ففيه ما في الفأرة ( في بئر دون القدر الكثير ) على ما مر ، ولا عبرة للعمق على المعتمد ( أو مات فيها ) أو خارجها وألقي فيها ولو فأرة يابسة على المعتمد إلا الشهيد النظيف والمسلم المغسول ، أما الكافر فينجسها [ ص: 212 ] مطلقا كسقط ( حيوان دموي ) غير مائي لما مر ( وانتفخ ) أو تمعط ( أو تفسخ ) ولو تفسخه خارجها ثم وقع فيها ذكره الوالي ( ينزح كل مائها ) الذي كان فيها وقت الوقوع ذكره ابن الكمال ( بعد إخراجه ) لا إذا تعذر كخشبة أو خرقة متنجسة فبنزح الماء إلى حد لا يملأ نصف الدلو يطهر الكل تبعا ; ولو نزح بعضه ثم زاد في الغد نزح قدر الباقي [ ص: 213 ] في الصحيح خلاصة ، قيد بالموت ; لأنه لو أخرج حيا وليس بنجس العين ولا به حدث أو خبث لم ينزح شيء إلا أن يدخل فمه الماء فيعتبر بسؤره ، فإن نجسا نزح الكل وإلا لا هو الصحيح ، نعم يندب عشرة من المشكوك لأجل الطهورية كذا في الخانية ، زاد التتارخانية : وعشرين في الفأرة ، وأربعين في سنور ودجاجة مخلاة كآدمي محدث ، [ ص: 214 ] ثم هذا إن لم تكن الفأرة هاربة من هر ، ولا الهر هاربا من كلب ، ولا الشاة من سبع ، فإن كان نزح كله مطلقا كما في الجوهرة ، لكن في النهر عن المجتبى الفتوى على خلافه ; لأن في بولها شكا ( وإن تعذر ) نزح كلها لكونها معينا ( فبقدر ما فيها ) وقت ابتداء النزح قاله الحلبي ( يؤخذ ذلك بقول رجلين عدلين لهما بصارة بالماء ) به يفتى ، [ ص: 215 ] وقيل يفتى بمائة إلى ثلثمائة وهذا أيسر ، وذاك أحوط .
[ ص: 211 ] فصل في البئر
لما ذكر تنجس الماء القليل بوقوع نجس فيه حتى يراق كله أردفه ببيان مسائل الآبار ; لأن منها ما يخالف ذلك لابتنائها على متابعة الآثار دون القياس . قال في الفتح : فإن القياس إما أن لا تطهر أصلا كما قال شر لعدم الإمكان لاختلاط النجاسة بالأوحال والجدران والماء ينبع شيئا فشيئا ، وإما أن لا تتنجس حيث تعذر الاحتراز أو التطهير ، كما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه قال : اجتمع رأيي ورأي nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن ماء البئر في حكم الجاري ; لأنه ينبع من أسفل ويؤخذ من أعلاه فلا ينجس كحوض الحمام .
قلنا : وما علينا أن ننزح منها دلاء أخذا بالآثار ، ومن الطريق أن يكون الإنسان في يد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كالأعمى في يد القائد . ا هـ ثم ذكر بعده الآثار الواردة بأسانيدها فراجعه . وفي البحر عن النووي : البئر مؤنثة مهموزة ، ويجوز تخفيفها من بأرت أي حفرت وجمعها في القلة أبؤر وأبآر بهمزة بعد الباء فيهما ، ومن العرب من يقلب الهمزة في أبآر وينقلها فيقول آبار وجمعها في الكثرة بئر بكسر فهمزة .
( قوله ليست بحيوان ) قيد بذلك ; لأن المصنف بين أحكام الحيوان بخصوصه وفصلها ( قوله ولو مخففة ) ; لأن أثر التخفيف وهو العفو عما دون الربع لا يظهر في الماء ، وأفاد ط أنه لو أصاب هذا الماء ثوبا فالظاهر أنه لا تعتبر هذه النجاسة بالمخففة ( قوله أو قطرة بول ) أي ولو بول مأكول اللحم كما مر وسيأتي استثناء ما لا يمكن الاحتراز عنه كبول الفأرة ( قوله لم يشمع ) أي لم يجعل في محل القطع منه الذي لا ينفك عن بلة نجسة ما يمنع إصابة الماء كشمع ونحوه .
( قوله ففيه ما في الفأرة ) نقله في البحر عن السراج ، أي فالواجب فيه نزح عشرين دلوا ما لم ينتفخ أو يتفسخ ( قوله على ما مر ) أي من أن المعتبر فيه أكبر رأي المبتلى به أو ما كان عشرا في عشر ( قوله على المعتمد ) مقابله ما مر من أنه لو كان عمقها عشرة في عشرة فهي في حكم الكثير ، وقدمنا أن تصحيح هذا القول غريب مخالف لما أطلقه الجمهور ، ولذا قال في البحر : لا يخفى أن هذا التصحيح لو ثبت لانهدمت مسائل أصحابنا المذكورة في كتبهم .
. ا هـ وما قواه به المقدسي رده نوح أفندي ( قوله ولو فأرة يابسة على المعتمد ) وما في خزانة الفتاوى من أنها لا تنجس البئر ; لأن اليبس دباغة ضعيف كما في البحر وأوضحه في الحلية ( قوله النظيف ) أي من نجاسة ودم سائل كما في الحلية وسيأتي في النجاسات أنه يعفى عن دم الشهيد مادام عليه ، ومفاده أنه لو كان عليه دم لا ينجس الماء ، ولذا قال في الخانية : ولو وقع الشهيد في الماء القليل لا يفسده إلا إذا سال منه الدم .
. ا هـ . لكن الظاهر أن معناه أنه لو خرج منه دم سائل ينجس الماء احترازا عما إذا كان ما خرج منه ليس فيه قوة السيلان ، وليس معناه أنه سال منه الدم في الماء تأمل ، نعم ينبغي تقييد التنجيس بما عليه مما فيه قوة السيلان بما إذا تحلل في الماء ، أما لو لم ينفصل عنه فلا ينجس تأمل ( قوله والمسلم المغسول ) أما قبل غسله فنصوا على أنه يفسد الماء القليل ولا تصح صلاة حامله ، وبذلك استدل في المحيط على أن نجاسة الميت نجاسة خبث ; لأنه حيوان دموي فينجس بالموت كغيره من الحيوانات لا نجاسة حدث وصححه في الكافي ، ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ كما في جنائز البحر .
أقول : وهذا يؤيد ما حملنا عليه كلام nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الأصل من أن غسالة الميت نجسة ; ويضعف ما مر من تصحيح [ ص: 212 ] أنها مستعملة فافهم ( قوله مطلقا ) أي غسل أو لا . وفي جنائز البحر : واتفقوا على أن الكافر لا يطهر بالغسل ، أنه لا تصح صلاة حامله بعده . ا هـ .
أقول : وهذا مؤيد أيضا للقول بأن نجاسة الميت للخبث لا للحدث ، ومؤيد لما قلناه آنفا فافهم ( قوله كسقط ) أطلقه تبعا للبحر والقهستاني . وقيده في الخانية بما إذا لم يستهل قال : فإنه يفسد الماء القليل وإن غسل ، أما إذا استهل فحكمه حكم الكبير إن وقع بعدما غسل لا يفسد ا هـ وعلى هذا حكم صلاة حامله كما في الخانية أيضا ، وفيها أيضا البيضة الرطبة أو السخلة إذا وقعت من الدجاجة أو الشاة في الماء لا تفسده . ا هـ فافهم ( قوله لما مر ) أي في باب المياه من أن غير الدموي كزنبور وعقرب لا يفسد الماء وكذا مائي المولد كسمك وسرطان فهو تعليل للقيدين فافهم ( قوله وانتفخ ) أي تورم وتغير عن صفة الحيوان قهستاني ، وقوله أو تمعط : أي سقط شعره ، وقوله أو تفسخ : أي تفرقت أعضاؤه عضوا عضوا ، ولا فرق بين الصغير والكبير كالفأرة والآدمي والفيل ; لأنه تنفصل بلته وهي نجسة مائعة ، فصارت كقطرة خمر ، ولهذا لو وقع ذنب فأرة ينزح الماء كله بحر ، وبه ظهر أنه لو جرح الحيوان بلا تفسخ ونحوه ينزح الجميع كما في الفتح وإن قطعة منه كتفسخه ، ولهذا قال في الخانية : قطعة من لحم الميتة تفسده ( قوله ينزح كل مائها ) أي دون الطين لورود الآثار بنزح الماء ، لكن لا يطين المسجد بطينها احتياطا بحر ( قوله الذي كان فيها وقت الوقوع ) فلو زاد بعده قبل النزح لا يجب نزح الزائد وهو أحد قولين وسيأتي اعتبار وقت النزح ، وعليه فيجب نزح الزائد ويأتي تمامه .
بقي لو لم يكن فيه القدر الواجب وقت الوقوع ثم زاد وبلغه هل يعتبر وقت الوقوع أيضا ؟ ظاهر كلامه نعم ، وقد ذكر في البحر أنه لو بلغه بعد النزح لا ينزح منه شيء ( قوله بعد إخراجه ) إذ النزح قبله لا يفيد ; لأن الواقع سبب للنجاسة ومع بقائه لا يمكن الحكم بالطهارة بحر ( قوله إلا إذا تعذر إلخ ) كذا في السراج . واعترضه في البحر بأن هذا إنما يستقيم فيما إذا كانت البئر معينا لا تنزح وأخرج منها المقدار المعروف ، أما إذا كانت غير معين فإنه لا بد من إخراجها لوجوب نزح جميع الماء . ا هـ
أقول : قد يتعذر الإخراج وإن كان الواجب نزح الجميع ; لأن الواجب الإخراج قبل النزح لا بعده كما علمته ( قوله متنجسة ) نعت لكل من الخشبة والخرقة ، وإنما أفرده للعطف بأو التي هي لأحد الشيئين ، وأشار بقوله متنجسة إلى أنه لا بد من إخراج عين النجاسة كلحم ميتة وخنزير . ا هـ ح . قلت : فلو تعذر أيضا ففي القهستاني عن الجواهر : لو وقع عصفور فيها فعجزوا عن إخراجه فمادام فيها فنجسة فتترك مدة يعلم أنه استحال وصار حمأة ، وقبل مدة ستة أشهر . ا هـ ( قوله فبنزح ) بالباء الموحدة متعلق بيطهر بعده ط ( قوله يطهر الكل ) أي من الدلو والرشاء والبكرة ويد المستقي تبعا ; لأن نجاسة هذه الأشياء بنجاسة البئر فتطهر بطهارتها للحرج كدن الخمر يطهر تبعا إذا صار خلا وكيد المستنجي تطهر بطهارة المحل وكعروة الإبريق إذا كان في يد المستنجي نجاسة رطبة [ ص: 213 ]
فجعل يده عليها كلما صب على اليد فإذا غسل اليد ثلاثا طهرت العروة بطهارة اليد بحر ( قوله خلاصة ) ومثله في الخانية ، وهو مبني على أنه لا يشترط التوالي وهو المختار كما في البحر والقهستاني ( قوله وليس بنجس العين إلخ ) أي بخلاف الخنزير ، وكذا الكلب على القول الآخر فإنه ينجس البئر مطلقا ، وبخلاف المحدث فإنه يندب فيه نزح أربعين كما يذكره ، وبخلاف ما إذا كان على الحيوان خبث أي نجاسة وعلم بها فإنه ينجس مطلقا . قال في البحر : وقيدنا بالعلم ; لأنهم قالوا في البقر ونحوه يخرج حيا لا يجب نزح شيء وإن كان الظاهر اشتمال بولها على أفخاذها ، لكن يحتمل طهارتها بأن سقطت عقب دخولها ماء كثير مع أن الأصل الطهارة . ا هـ .
ومثله في الفتح ( قوله لم ينزح شيء ) أي وجوبا ; لما في الخانية : لو وقعت الشاة وخرجت حية ينزح عشرون دلوا لتسكين القلب لا للتطهير ، حتى لو لم ينزح وتوضأ جاز ، وكذا الحمار والبغل لو خرج حيا ولم يصب فمه الماء ، وكذا ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم والطيور والدجاجة المحبوسة ا هـ ومثله في مختارات النوازل ( قوله كذا في الخانية ) أقول : لم أره في الخانية ، وإنما الذي فيها أنه ينزح في البغل والحمار جميع الماء إذا أصاب فمه الماء ، وكذا في البحر معزيا إليها وإلى غيرها ; ومثله في الدرر ، وعزاه شارحها إلى المبتغى ، وكذا في البدائع والقهستاني والإمداد والحاوي القدسي ومختارات النوازل والبزازية وغيرها .
وقال في المنية : كذا روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وقال شارحها الحلبي : ولم يرو عن غيره خلافه . ا هـ . وفي الفتح : وإن أدخل فمه الماء نزح الكل في النجس ، وكذا تظافر كلامهم في المشكوك . ا هـ . وفي الجوهرة : وكذا كل ما سؤره نجس أو مشكوك يجب نزح الكل . وفي السراج : وسؤر البغل والحمار ينزح كل الماء ; لأنه لم يبق طهورا ، وكذا علله في الحلية بقوله لصيرورة الماء مشكوكا ، وهو غير محكوم بطهوريته على ما هو الأصح ، بخلاف المكروه فإنه غير مسلوب الطهورية .
ومثله في الفتح ، لكن في البحر عن المحيط : لو وقع سؤر الحمار في الماء يجوز التوضؤ به ما لم يغلب عليه ; لأنه طاهر غير طهور كالماء المستعمل عند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد . ا هـ . قلت : لكنه خلاف ما تظافر عليه كلامهم كما علمت وإن مشى عليه الشارح فيما سيأتي في الأسآر وسننبه عليه . والحاصل أنه إذا أصاب فم الحمار الماء صار مشكوكا فينزح الكل كالذي سؤره نجس . قال في شرح المنية لاشتراكهما في عدم الطهورية وإن افترقا من حيث الطهارة ، فإذا لم ينزح ربما يتطهر به أحد ، والصلاة به وحده غير مجزئة فينزح كله . ا هـ .
قال في الحلية : وهذا بخلاف ما إذا لم يصب فمه الماء ، فإن الصحيح أنه لا يصير الماء مشكوكا فيه كما في التحفة ، وإنما ينزح منه عشرون دلوا كالشاة كما في الخانية . ا هـ .
أقول : وبه يظهر أن قول النهر لكن في الخانية الصحيح أنه في البغل والحمار لا يصير مشكوكا ، فلا يجب نزح شيء ، نعم يندب نزح عشرة ، وقيل نزح عشرين منشؤه اشتباه حالة وصول فمه الماء بحالة عدم الوصول ، وتبعه الشارح فتنبه ، ثم رأيت شيخ مشايخنا الرحمتي نبه على ذلك كما ذكرته .
( قوله كآدمي محدث ) أي أنه ينزح فيه أربعون كما عزاه في التتارخانية إلى فتاوى الحجة ، ثم عزا إلى الغياثية أنه ينزح فيه الجميع . وفي شرح الوهبانية : والتحقيق النزح للجميع عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام ، والثاني على القول بنجاسة الماء المستعمل ; وقيل أربعون عنده . ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه يسلبه الطهورية ، وهو الصحيح عند الشيخين ، فينزح منه عشرون ليصير طهورا ، وتمامه فيه ، والمراد بالمحدث ما يشمل الجنب .
[ ص: 214 ] واستشكل في البدائع نزح العشرين بأن الماء المستعمل طاهر فلم يضر ما لم يغلب على المطلق كسائر المائعات ، ثم قال : ويحتمل أن يقال طهارته غير مقطوع بها للخلاف فيها ، بخلاف سائر المائعات فينزح أدنى ما ورد به الشرع وذلك عشرون احتياطا . ا هـ .
قلت : وهذه المسألة تؤيد القول بعدم الفرق بين الملقي والملاقي في الماء المستعمل ، وأن المستعمل ما لاقى الأعضاء فقط ولا يشيع في جميع ماء البئر ، وإلا لوجب نزح الجميع ; لأنه إذا وجب نزحه في المشكوك في طهوريته ففي المستعمل المحقق عدم طهوريته بالأولى ، وتؤيد ما قاله صاحب البحر من أن الفروع التي استدل بها القائلون باستعمال كل الماء مبنية على رواية نجاسة الماء المستعمل ، والله أعلم .
[ تتمة ] نقل في الذخيرة عن كتاب الصلاة nindex.php?page=showalam&ids=14111للحسن أن الكافر إذا وقع في البئر وهو حي نزح الماء . وفي البدائع أنه رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام ; لأنه لا يخلو من نجاسة حقيقية أو حكمية ، حتى لو اغتسل فوقع فيها من ساعته لا ينزح منها شيء : أقول : ولعل نزحها للاحتياط تأمل ( قوله ; لأن في بولها شكا ) وقد مر أنهم لم يعتبروا احتمال النجاسة في الشاة ونحوها ، ثم هذا الجواب بناء على القول بأن بول الهرة والفأرة ينجس البئر ، وفيه كلام يأتي ( قوله وإن تعذر ) كذا عبر في الهداية وغيرها . وقال في شرح المنية : أي بحيث لا يمكن إلا بحرج عظيم ا هـ فالمراد به التعسر ، وبه عبر في الدرر ( قوله لكونها معينا ) القياس معينة ; لأن البئر مؤنث سماعي إلا أنهم ذكروها حملا على اللفظ ، أو ; لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث .
أو على تقدير ذات معين وهو الماء يجري على وجه الأرض . ا هـ حلية ، وليس المراد أنها جارية لما يأتي ، بل كما قال في البحر إنهم كلما نزحوا نبع منها مثل ما نزحوا أو أكثر ( قوله وقت ابتداء النزح قاله الحلبي ) أي في شرح المنية معزيا إلى الكافي ، وقيل وقت وقوع النجاسة وهو ما قدمه الشارح عن ابن الكمال ، وعليه جرى ابن الكمال هنا أيضا ومثله في الإمداد ويشير إليه قول الهداية ينزح مقدار ما كان فيها .
وفي التتارخانية عن المحيط : لو زاد قبل النزح ، فقيل ينزح مقدار ما كان فيها وقت الوقوع ، وقيل وقت النزح : قال في الخانية : وثمرة ذلك فيما إذا نزح البعض ثم وجده في الغد أكثر مما ترك ، فقيل ينزح الكل ، وقيل مقدار ما بقي عند الترك هو الصحيح . قال في شرح المنية : هذه الثمرة بناء على اعتبار وقت النزح لا وقت الوقوع ، فعلم أن الصحيح ما في الكافي . ا هـ .
أقول : فيه بحث ، بل الثمرة على القولين ; لأن المراد أنها ثمرة الخلاف فالظاهر أن ما في الخانية تصحيح للقول باعتبار وقت الوقوع ; لأن حاصل الخلاف أنه هل يجب نزح الزائد على ما كان وقت الوقوع أو لا ، فالقائل بأن المعتبر وقت النزح أراد أنه يجب نزح ما زاد سواء كانت الزيادة قبل ابتداء النزح أو قبل انتهائه فنبه في الخانية على صورة الزيادة قبل انتهاء النزح لخفائها ، وصرح بأن الصحيح نزح مقدار ما بقي وقت الترك : أي فلا يجب نزح الزائد ، فهذا تصحيح للقول باعتبار وقت الوقوع ، وأنه لا يجب نزح ما زاد بعده ، فعلم أنه تصحيح لخلاف ما في الكافي .
هذا ما ظهر لي فتدبره ( قوله بقول رجلين إلخ ) فإن قالا إن ما فيها ألف دلو مثلا نزح كذا في شرح المنية ( قوله به يفتى ) وهو الأصح كافي ودرر ، وهو الصحيح ; وعليه الفتوى . ابن كمال : وهو المختار معراج ، [ ص: 215 ] وهو الأشبه بالفقه هداية ، أي الأشبه بالمعنى المستنبط من الكتاب والسنة ; لأن الأخذ بقول الغير فيما لم يشتهر من الشرع فيه تقدير : قال تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } كما في أجزاء الصيد والشهادة عناية .
( قوله وقيل إلخ ) جزم به في الكنز والملتقى ، وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد وعليه الفتوى خلاصة وتتارخانية عن النصاب وهو المختار معراج عن العتابية ، وجعله في العناية رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام وهو المختار والأيسر كما في الاختيار ، وأفاد في النهر أن المائتين واجبتان والمائة الثالثة مندوبة ، فقد اختلف التصحيح والفتوى . وضعف هذا القول في الحلية وتبعه في البحر بأنه إذا كان الحكم الشرعي نزح الجميع فالاقتصار على عدد مخصوص يتوقف على دليل سمعي يفيده .
وأين ذلك بل المأثور عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير خلافه حين أفتيا بنزح الماء كله حين مات زنجي في بئر زمزم وأسانيد ذلك الأثر مع دفع ما أورد عليها مبسوطة في البحر وغيره . قال في النهر : وكأن المشايخ إنما اختاروا ما عن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لانضباطه كالعشر تيسيرا كما مر . ا هـ . قلت : لكن مروياتي أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار ، على أنهم قالوا : إن nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا أفتى بما شاهد في آبار بغداد فإنها كثيرة الماء وكذا ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام من نزح مائه في مثل آبار الكوفة لقلة مائها فيرجع إلى القول الأول ; لأنه تقدير ممن له بصارة وخبرة بالماء في تلك النواحي لا لكون ذلك لازما في آبار كل جهة ، والله أعلم .
( قوله وذاك ) أي ما في المتن أحوط للخروج عن الخلاف ولموافقته للآثار ( قوله طهرت ) أي إذا لم يظهر أثر النجاسة ( قوله كما مر ) أي في قوله ويجوز بجار وقعت فيه نجاسة ( قوله وسيجيء ) أي بعد أسطر .