صفحة جزء
( فإن أخرج الحيوان غير منتفخ ولا متفسخ ) ولا متمعط ( فإن ) كان ( كآدمي ) وكذا سقط [ ص: 216 ] وسخلة وجدي وإوز كبير ( نزح كله ، وإن ) كان ( كحمامة ) وهرة ( نزح أربعون من الدلاء ) وجوبا إلى ستين ندبا ( وإن ) كان ( كعصفور ) وفأرة ( فعشرون ) إلى ثلاثين كما مر ، وهذا يعم المعين وغيرها ، بخلاف نحو صهريج وحب حيث يهراق الماء كله لتخصيص الآبار بالآثار بحر ونهر . قال المصنف في حواشيه على الكنز : ونحوه في النتف ; ونقل عن القنية أن حكم الركية كالبئر . وعن الفوائد أن الحب المطمور أكثره في الأرض كالبئر ، [ ص: 217 ] وعليه فالصهريج والزير الكبير ينزح منه كالبئر فاغتنم هذا التحرير . ا هـ ( بدلو وسط ) وهو دلو تلك البئر ، فإن لم يكن فما يسع صاعا وغيره تحتسب به ويكفي ملء أكثر الدلو ونزح ما وجد وإن قل وجريان بعضه وغوران قدر الواجب

( وما بين حمامة وفأرة ) في الجثة ( كفأرة ) في الحكم ( كما أن ما بين دجاجة وشاة كدجاجة ) فألحق بطريق الدلالة بالأصغر كما أدخل الأقل في الأكثر كفأرة مع هرة ، ونحو الهرتين كشاة اتفاقا ونحو الفأرتين كفأرة ، والثلاث إلى الخمس كهرة ، والست كشاة على الظاهر .


( قوله فإن أخرج الحيوان ) أي الميت ( قوله كآدمي ) أي مما عادله في الجثة كالشاة والكلب كما في البحر ( قوله وكذا سقط إلخ ) أفاد أن ما ذكروا فيه نزحا مقدرا لا فرق بين كبيرة وصغيرة ، لكن قال الشيخ إسماعيل : وأما ولد الشاة إذا كان صغيرا فكالسنور كما تشعر به عباراتهم كما في البرجندي . ا هـ وكذا قال ولده سيدي عبد الغني . الظاهر أن الآدمي إذا خرج من أمة صغيرا أو كان سقطا فهو كالسنور ; لأن العبرة بالمقدار في الجثة لا في الاسم . ا هـ . قلت : لكن قدمنا عن الخانية أن السقط إن استهل فحكمه كالكبير إن وقع في الماء بعدما غسل لا يفسده ، وإن لم يستهل أفسد وإن غسل ، وتقدم أيضا أن ذنب الفأرة لو شمع ففيه ما في الفأرة ، ثم رأيت في القهستاني قال : فلو وقع فيها سقط ينزح كل الماء . وعن أبي حنيفة أن الجدي كالشاة . وعنه أنه والسخلة كالدجاجة كما في الزاهدي . ا هـ .

فعلم أن في الجدي روايتين : والظاهر أن مثله السخلة وهي ولد الشاة ، وإلحاق السقط بالكبير يؤيد الأولى منهما ، وتقييد الشارح الإوز بالكبير تبعا للخلاصة وقال فيها : أما الصغير فكالحمامة يؤيد الثانية . وفي السراج أن الإوزة عند الإمام كالشاة في رواية وكالسنور في أخرى . ا هـ .

أقول : وهذا المقام يحتاج إلى تحرير وتدبر ، فاعلم أن المأثور كما ذكره أئمتنا هو نزح الكل في الآدمي والأربعين في الدجاجة والعشرين في الفأرة فلذا كانت المراتب ثلاثة كما سنذكره . وعن هذا أورد في المستصفى أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار ، والنص ورد في الفأرة والدجاجة والآدمي فكيف يقاس ما عدلها بها ، ثم أجاب بأنه بعدما استحكم هذا الأصل صار كالذي ثبت على وفق القياس في حق التفريع عليه . واعترضه في البحر بأنه ظاهر [ ص: 216 ] في أن فيه للرأي مدخلا وليس كذلك . وقال : فالأولى أن يقال إنه إلحاق بطريق الدلالة لا بالقياس كما اختاره في المعراج . ا هـ .

إذا علمت ذلك ظهر لك أن ما ورد بالنص من الثلاثة المذكورة لم يفرق بين صغيره وكبيره في ظاهر الرواية وقوفا مع النص ، ولهذا لم يختلفوا في السقط بخلاف ما ألحق بذلك كالشاة والإوزة ، فإنه قد يقال إن صغيره ككبيره أيضا تبعا للملحق به : وقد يقال بالفرق اعتبارا للجثة ، فلذا وقع فيه الاختلاف ، هذا ما ظهر لي من فيض الفتاح العليم فاغتنمه ( قوله كما مر ) أي بأن يقال العشرون للوجوب والزائد للندب . [ تنبيه ]

ظاهر اقتصار المصنف على ما ذكره يفيد أن المراتب ثلاث ; لأنها الواردة في النص كما قدمناه . وروى الحسن عن الإمام أن في القراد الكبير والفأرة الصغيرة عشر دلاء ، وأن في الحمامة ثلاثين بخلاف الهرة فالمراتب خمس ، لكن الذي في المتون هو الأول وهو ظاهر الرواية كما في البحر والقهستاني ( قوله وهذا ) أي نزح الأربعين أو العشرين لتطهير البئر ( قوله بخلاف نحو صهريج وحب إلخ ) الصهريج : الحوض الكبير يجتمع فيه الماء قاموس . والحب : أي بضم الحاء المهملة الخابية الكبيرة صحاح ، وأراد بذلك الرد على من أفتى بنزح عشرين في فأرة وقعت في صهريج ، كما نقله في النهر عن بعض أهل عصره متمسكا بما اقتضاه إطلاقهم من عدم الفرق بين المعين وغيرها : ورده في النهر تبعا للبحر بما في البدائع والكافي وغيرهما من أن الفأرة لو وقعت في الحب يهراق الماء كله . قال : ووجهه أن الاكتفاء بنزح البعض في الآبار على خلاف القياس بالآثار فلا يلحق بها غيرها ، ثم قال : وهذا الرد إنما يتم بناء على أن الصهريج ليس من مسمى البئر في شيء ا هـ أي فإذا ادعى دخوله في مسمى البئر لا يكون مخالفا للآثار ، ويؤيده ما قدمناه من أن البئر مشتقة من بأرت : أي حفرت . والصهريج : حفرة في الأرض لا تصل اليد إلى مائها ، بخلاف العين والحب والحوض ، وإليه مال العلامة المقدسي فقال : ما استدل به في البحر لا يخفى بعده ، وأين الحب من الصهريج لا سيما الذي يسع ألوفا من الدلاء . ا هـ . لكنه خلاف ما في النتف ( قوله يهراق الماء كله ) أقول : وهل يطهر بمجرد ذلك أم لا بد من غسله بعده ثلاثا : والظاهر الثاني ، ثم رأيته في التتارخانية قال ما نصه : وفي فتاوى الحجة سئل عبد الله بن المبارك عن الحب المركب في الأرض تنجس ، قال : يغسل ثلاثا ، ويخرج الماء منه كل مرة فيطهر ، ولا يقلع الحب . ا هـ ( قوله ونحوه في النتف ) مقول القول : أي نحو ما في البحر والنهر . قال ابن عبد الرزاق : ولم أره في كتاب النتف . ا هـ . أقول : رأيت في النتف ما نصه : وأما البئر فهي التي لها مواد من أسفلها . ا هـ أي لها مياه تمدها وتنبع من أسفلها ، ولا يخفى أنه على هذا التعريف يخرج الصهريج والحب والآبار التي تملأ من المطر أو من الأنهار ، فهو مثل ما في البحر والنهر .

( قوله ونقل ) أي المصنف ، وهو تأييد لما أفتى به ذلك العصري ( قوله أن حكم الركية إلخ ) الركية على وزن عطية قال ح : هي البئر كما في القاموس ، لكن في العرف هي بئر يجتمع ماؤها من المطر . ا هـ : أي [ ص: 217 ] فهي بمعنى الصهريج ( قوله عليه ) أي وبناء على ما نقله عن القنية والفوائد ( قوله والزير الكبير ) أي الذي هو بمعنى الحب المذكور في الفوائد . قال في القاموس : الزير بالكسر الدن . والدن بالفتح : الراقود العظيم أو أطول من الحب أو أصغر ، له عسعس أي ذنب لا يقعد إلا أن يحفر له ( قوله ينزح ، منه كالبئر ) أي فيقتصر في الحمامة على أربعين ، وفي الفأرة على عشرين .

أقول : وهذا مسلم في الصهريج دون الزير لخروجه عن مسمى البئر ، وكون أكثره مطمورا : أي مدفونا في الأرض لا يدخله فيه لا عرفا ولا لغة كما قدمناه ; وما في الفوائد معارض بإطلاق ما مر عن البدائع والكافي وغيرهما ، وفرق ظاهر بينه وبين الصهريج كما قدمناه عن المقدسي فافهم . وقال المصنف في منظومته [ تحفة الأقران ] : مطمورة أكثرها في الأرض كالبئر في النزح وهذا مرضي     قال به بعض أولي الأبصار
وليس مرضيا لدى الكبار     فإن نزح البعض مخصوص بما
في البئر عند جمع جل العلما ( قوله وهو دلو تلك البئر ) هذا هو ظاهر الرواية كما في البحر ، وقيده محشيه الرملي بما إذا لم يكن دلوها المعتاد كبيرا جدا فلا يجب العدد المذكور .

قال : وهو الذي يقتضيه نظر الفقيه . ا هـ ثم إن الشارح قد تبع صاحب البحر في تفسيره الوسط بذلك ، وفيه نظر ; لأنه قول آخر وبه يشعر كلام الزيلعي وغيره . وفي البدائع : اختلف في الدلو ، فقيل المعتبر دلو كل بئر يستقي به منها صغيرا كان أو كبيرا ، وروي عن أبي حنيفة أنه قدر صاع ، وقيل المعتبر هو المتوسط بين الصغير والكبير . ا هـ . وقوله صغيرا كان أو كبيرا ربما يخالف ما بحثه الرملي تأمل ( قوله فإن لم يكن إلخ ) أي هذا إن كان لها دلو ، فإن لم يكن فالمعتبر دلو يسع صاعا ، وهذا التفصيل استظهره في البحر .

وقال هو ظاهر ما في الخلاصة وشرح الطحاوي والسراج ( قوله وغيره ) أي غير الدلو المذكور بأن كان أصغر أو أكبر يحتسب به ، فلو نزح القدر الواجب بدلو واحد كبير أجزأ ، وهو ظاهر المذهب لحصول المقصود بحر ( قوله ويكفي ملء أكثر الدلو ) فلو كان منحرفا ، فإن كان يبقى أكثر ما فيه كفى وإلا لا بزازية وقهستاني ( قوله ونزح ما وجد ) أي ويكفي أيضا نزح ما وجد فيها وهو دون القدر الواجب ، حتى لو زاد بعد النزح لا يجب نزح شيء ; كما قدمناه عن البحر .

( قوله وجريان بعضه ) أي يكفي أيضا بأن حفر لها منفذ يخرج منه بعض الماء كما في الفتح ( قوله وغوران قدر الواجب ) وإذا عاد لا يعود نجسا إن جف أسفله في الأصح ، وإلا عاد كما في البحر عن السراج ( قوله بطريق الدلالة ) أي دلالة النص ، وهي دلالة منطوقه على ما سكت عنه بالأولى أو بالمساواة كدلالة حرمة التأفيف وأكل مال اليتيم على حرمة الضرب والإتلاف كما أوضحناه في حواشينا على شرح المنار للشارح ، وأشار بذلك إلى الجواب عما قدمناه على المستصفى .

( قوله كفأرة مع هرة ) أي فإن ماتتا نزح أربعون وإلا فلا نزح ، وإن ماتت الفأرة فقط أو جرحت أو بالت فيه نزح الكل سراج ، وبقي من الأقسام موت الهرة فقط ، ولا شك أن فيه أربعين نهر ( قوله ونحو الهرتين ) أي ما كان مقدارهما في الجثة ( قوله ونحو الفأرتين ) أي لو كانتا كهيئة الدجاجة إلا في رواية عن محمد أن فيهما حينئذ أربعين بحر ( قوله على الظاهر ) أي [ ص: 218 ] ظاهر الرواية كما في البحر ، وهو قول محمد . وعند أبي يوسف : الخمس إلى التسع كهرة ، والعشر كشاة ، وجزم في المواهب بقول محمد ونفى الثاني فأفاد ضعفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية