( وإن قالت شئت إن كان الأمر قد مضى ) أراد بالماضي المحقق وجوده كإن كان أبي في الدار وهو فيها ، أو إن كان هذا ليلا وهي فيه مثلا ( طلقت ) لأنه تنجيز ( قال لها أنت طالق متى شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت [ ص: 336 ] أو إذا ما شئت فردت الأمر لا يرتد ولا يتقيد بالمجلس ولا تطلق ) نفسها ( إلا واحدة ) لأنها تعم الأزمان لا الأفعال فتملك التطليق في كل زمان لا تطليق بعد تطليق ( ولها تفريق الثلاث في كلما شئت ولا تجمع ) ولا تثني [ ص: 337 ] لأنها لعموم الإفراد .
( قوله أي لم يوجد بعد ) لما كان قوله لمعدوم صادقا على ما مضى وانقطع مع أن التعليق به تنجيز خصصه بقوله أي لم يوجد بعد ح ، وإنما أطلقه المصنف اعتمادا على ما ذكره في مقابله ( قوله كإن شاء إلخ ) مثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون المعدوم محقق المجيء أو محتمله ح ( قوله بطل الأمر إلخ ) أي حال الطلاق . قال في البحر : لأنه علق الطلاق بمشيئتها المنجزة وهي أنت بالمعلقة فلم يوجد الشرط ، قيد بقوله شئت مقتصرة عليه لأنها لو قالت شئت طلاقي إلخ وقع لأنها إذا لم تذكر الطلاق لا تعتبر النية بلا لفظ صالح للإيقاع .
ويستفاد منه أنه لو قال شئت طلاقك وقع بالنية لأن المشيئة تنبئ عن الوجود لأنها من الشيء وهو الموجود بخلاف أردت طلاقك لأنه لا ينبئ عن الوجود ، فقد فرق الفقهاء بين المشيئة والإرادة في صفات العبد وإن كانا مترادفين في صفاته تعالى كما هو اللغة فيهما ، وأحببت ورضيت مثل أردت . ا هـ . ( قوله وإن قالت ) أي في المجلس ( قوله أراد بالماضي المحقق وجوده ) أي سواء وجد وانقضى ، مثل إن كان فلان قد جاء وقد جاء أو كان حاضرا كما مثل الشارح ( قوله مثلا ) راجع إلى قوله ليلا ( قوله لأنه تنجيز ) أي لأن التعليق بكائن تنجيز ، ولذا صح تعليق الإبراء بكائن ، ولا يرد أنه لو قال هو كافر إن كنت كذا وهو يعلم أنه قد فعله مع أن المختار أنه لا يكفر ، [ ص: 336 ] لأن الكفر يبتني على تبدل الاعتقاد وتبدله غير واقع مع ذلك الفعل ، وتمامه في البحر ( قوله فردت الأمر ) بأن قالت لا أشاء نهر ( قوله لا يرتد ) فلها بعد ذلك أن تشاء لأنه لم يملكها في الحال شيئا بل أضافه إلى وقت مشيئتها فلا يكون تمليكا قبله فلا يرتد بالرد كذا في الهداية
وقد يقال : إنه ليس تمليكا في حال أصلا بل هو تعليق للطلاق على مشيئتها وقولها طلقت إيجاد للشرط الذي هو مشيئتها ، وليس الواقع إلا طلاقه المعلق ، نعم هذا صحيح في قوله طلقي نفسك إن شئت فتح
وأجاب في البحر بما في المحيط من أنه يتضمن معنى التعليق وهو لازم لا يقبل الإبطال ومعنى التمليك . لأن المالك هو الذي يتصرف عن مشيئته وإرادته وهي عاملة في التطليق لنفسها والمالك هو الذي يعمل لنفسه ، وجواب التمليك يقتصر على المجلس
وفي الجامع : أنت طالق إن شئت أو أحببت أو هويت ليس بيمين لأنه تمليك معنى تعليق صورة ، ولهذا يقتصر على المجلس والعبرة للمعنى دون الصورة ا هـ وفائدته أنه لا يحنث في يمينه لا يحلف ا هـ . أقول : وقوله وجواب التمليك يقتصر على المجلس خاص بما إذا علق بأداة لا تفيد عموم الوقت كإن وكيف وحيث وكم وأين بخلاف ما يدل على العموم وهو المذكور هنا وتقدم أيضا أول الفصل ( قوله ولا يتقيد بالمجلس ) أما في كلمة متى ومتى ما فلأنها للتوقيت وهي عامة في الأوقات كلها ، كأنه قال في أي وقت شئت وأما إذا وإذا فكمتى عندهما وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام وإن كانت تستعمل للشرط ، فكما تستعمل له تستعمل للوقت لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالقيام عن المجلس بالشك ، نعم لو قال أردت مجرد الشرط لنا أن نقول يتقيد بالمجلس ويحلف لنفي التهمة نهر ، وتمامه في الفتح ( قوله لأنها تعم الأزمان ) تعليل لعدم التقييد بالمجلس ، كما أن قوله لا الأفعال ، علة لقوله ولا تطلق إلا واحدة ط .
( قوله لا تطليقا ) كذا في بعض النسخ بالنصب عطفا على التطليق ، وفي أكثر النسخ لا تطليق ويمكن تأويله بجعل لا نافية للجنس والخبر محذوف دل عليه ما قبله ، والتقدير : لا تطليق بعد تطليق مملوك لها فافهم ( قوله ولا تجمع ولا تثني ) عبارة الهداية : فلا تملك الإيقاع جملة وجمعا قال في العناية : قيل معناهما واحد ، وقيل الجملة أن تقول طلقت نفسي ثلاثا ، والجمع أن تقول طلقت واحدة وواحدة وواحدة هذا هو الظاهر ا هـ يعني في تفسير الجمع ، فكأنه يشير إلى ما في الدراية حيث فسر الجمع بأن تقول طلقت وطلقت وطلقت قال : والأول أصح ، يعني كونهما بمعنى واحد كذا في النهر ويمكن أن يراد بالجملة الثنتان وبالجمع الثلاث ، ويكون قوله ولا تجمع ولا تثني إشارة إلى ذلك ثم اعلم أن ما في الدراية من تفسير الجمع ، بأن تقول طلقت وطلقت وطلقت وأن الأصح خلافه ، يفيد أن لها أن تطلق ثلاثا متفرقة في مجلس واحد على الأصح ، وإليه يشير ما في العناية أيضا حيث فسره بطلقة واحدة وواحدة وواحدة فإنه جمع لاتحاد العامل ، بخلاف ما في الدراية فإنه تفريق لا جمع لتكرار الفعل .
وعلى هذا فما في القهستاني من قوله تطلق ثلاثا متفرقة أي في ثلاثة مجالس ، فلا تطلق نفسها في كل مجلس أكثر من واحدة لأن كلما لعموم الأفراد فلا تطلق ثلاثا مجتمعة ا هـ مبني على خلاف الأصح إلا أن يحمل قوله أكثر من واحدة على المجتمعة بقرينة قوله فلا تطلق ثلاثة مجتمعة تأمل . ويدل على ما قلنا ما في جامع الفصولين : أمرك بيدك كلما شئت فلها أن تختار نفسها كلما شاءت في المجلس أو بعده حتى تبين بثلاث إلا أنها لا تطلق نفسها في دفعة واحدة أكثر من واحدة . ا هـ . [ ص: 337 ] فإن مقتضاه أن لها أن تطلق في مجلس واحد ثلاثا متفرقة إلا أن يفرق بين أنت طالق وأمرك بيدك ، لكن في غاية البيان قال : وهذه من مسائل الجامع الصغير وصورتها : محمد عن يعقوب عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في رجل قال لامرأته أنت طالق كلما شئت قال لها أن تطلق نفسها وإن قامت من مجلسها وأخذت في عمل آخر واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثا إلخ . قال في غاية البيان : لأن كلمة كلما لتعميم الفعل فلها مشيئة به إلى أن تستوفي الثلاث فإذا قامت من المجلس أو أخذت في عمل آخر بطلت مشيئتها المملوكة لها في ذلك المجلس بوجود دليل الإعراض ولكن لها مشيئة أخرى بحكم كلما ا هـ فهذا صريح في أن لها تفريق الثلاث في مجلس واحد ا هـ وأصرح منه ما في التتارخانية عن المحيط ، ولو قال لها أنت طالق كلما شئت فلها ذلك أبدا كلما شاءت في المجلس وغيره واحدة بعد واحدة حتى تطلق ثلاثا ا هـ فافهم .
[ تنبيه ] قال في الفتح : فلو طلقت ثلاثا أو ثنتين وقع عندهما واحدة nindex.php?page=showalam&ids=11990وعنده لا يقع شيء . ا هـ . وفي البحر عن المبسوط : كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فقالت شئت واحدة فهذا باطل لأن معنى كلامه كلما شئت الثلاث ا هـ .
قلت : فأفاد أن تفريق الثلاث إنما هو فيما إذا لم يصرح بالعدد . وفي كافي الحاكم : كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فشاءت واحدة فذلك باطل ، وكذا فأنت طالق واحدة فشاءت ثلاثا ، وكذا لو قال فأنت طالق ولم يقل ثلاثا فشاءت ثلاثا ا هـ أي جملة ، فلو متفرقة ولو في مجلس جاز كما علمت ( قوله لأنها لعموم الإفراد ) بكسر الهمزة أي الانفراد ، كذا ضبطه الشارح في شرحه على المنار ، وكذا ضبطه ح وقال هو مصدر فيوافق تعبيره بالانفراد ويجوز فتحها . ا هـ .
وفي شرح العيني : لأن كلما تعم الأوقات والأفعال عموم الانفراد لا عموم الاجتماع فيقتضي إيقاع الواحدة في كل مرة إلى ما لا يتناهى إلا أن اليمين تصرف إلى الملك القائم ا هـ .