( قوله وعلى مضي العدة ) قيد به ليظهر خلاف الصاحبين حيث قالا بجواز إقراره ووصيته لانتفاء التهمة بانتفاء العدة كما في التبيين ، فيفهم منه أنه لو تصادقا على الثلاث في الصحة ولم يتصادقا على انقضاء العدة يكون لها الأقل اتفاقا . ا هـ . ح ( قوله فلها الأقل منه ومن الميراث ) من في الموضعين بيان للأقل والواو بمعنى أو ، وصلة الأقل محذوفة تقديرها من الآخر . والمعنى فلها الموصى به الذي هو أقل من الميراث أو الميراث الذي هو أقل من الموصى به ، ولا يجوز أن تكون الواو للجمع ، إذ يصير المعنى حينئذ فلها الميراث والموصى به اللذان هما الأقل وهو فاسد كما لا يجوز أن تكون في الموضعين صلة الأقل سواء كانت الواو للجمع أو بمعنى أو إذ يصير المعنى على الأول فلها الأقل من كل واحد منهما . وعلى الثاني فلها الأقل من أحدهما وكلاهما فاسد . ا هـ . ح أي لأنه يصير الأقل شيئا خارجا عن الميراث والموصى به مع أن المراد بالأقل واحد منهما هو الأقل من الآخر ( قوله للتهمة ) أي تهمة مواضعة الزوجين على الإقرار بالفرقة وانقضاء العدة ليعطيها الزوج زيادة على ميراثها ، وهذه التهمة في الزيادة فقط فرددناها وقالا بجواز الإقرار والوصية لأنها صارت أجنبية عنه لعدم العدة ، بدليل قبول شهادته لها ، ودفع زكاته لها وتزوجها بآخر . والجواب أنه لا مواضعة عادة في حق الزكاة والشهادة والتزوج فلا تهمة بحر ملخصا عن الهداية وشروحها ( قوله وتعتد من وقت إقراره إلخ ) كذا ذكر في الهداية والخانية في باب العدة أن الفتوى عليه ، وحينئذ فلا يثبت شيء من هذه الأحكام المذكورة آنفا ولا تزوجه بأختها وأربع سواها وهو خلاف ما صرحوا به هنا ، وبه اندفع ما في غاية السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال فإن كان جرى بينهما خصومة وتركت خدمته في مرضه فهو دليل عدم المواضعة فلا تهمة وإلا فلا تصح للتهمة بحر ملخصا ، وأقره في النهر .
وحاصله أن ما قرروه هنا من قبول شهادته لها ونحوه من الأحكام يقتضي أن ابتداء العدة يستند إلى وقت الطلاق وما صححوه في باب العدة من وجوبها من وقت الإقرار يقتضي انتفاء هذه الأحكام .
أقول : لا يخفى أن العدة إنما تجب من وقت الطلاق وإذا أقر الزوجان بمضيها صدقا فيما لا تهمة فيه ، ولذا صرحوا [ ص: 393 ] بأنه لا تجب لها نفقة ولا سكنى عملا بتصديقها له ، والشهادة ونحوها مما مر لا تهمة فيها إذ لا مواضعة عادة فيها كما تقدم ، بخلاف الوصية بما زاد على قدر الميراث فلم يصدقا في حقها عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقدر أن العدة لم تنقض لإبطال الزيادة لأنها موضع تهمة فليس المراد عدم انقضاء العدة في سائر الأحكام بل في موضع التهمة فقط ، وبه علم أن كلا من القول باعتبارها من وقت الطلاق والقول باعتبارها من وقت الإقرار ليس على عمومه ، ولذا قال في فتح القدير في باب العدة : إن فتوى المتأخرين أي بوجوبها من وقت الإقرار مخالفة للأئمة الأربعة وجمهور الصحابة والتابعين ، وحيث كانت مخالفتهم للتهمة فينبغي أن يتحرى به محالها والناس الذين هم مظانها ، ولهذا فصل الإمام السعدي بحمل كلام nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في المبسوط من أن ابتداء العدة من وقت الطلاق على ما إذا كانا متفرقين من الوقت الذي أسند الطلاق إليه ، أما إذا كانا مجتمعين فالكذب في كلامهما ظاهر فلا يصدقان في الإسناد . قال في البحر هناك : وهذا هو التوفيق ا هـ أي بين كلام المتقدمين والمتأخرين ، وبه ظهر صحة ما قاله السروجي من أنه ينبغي تحكيم الحال ، لكن ما قاله من أن الخصوصة وترك الخدمة دليل عدم المواضعة رده في الفتح بأنه غير ظاهر لأن وصيته لها بأكثر من الميراث ظاهرة في أن تلك الخصوصة حيلة ليست على حقيقتها ا هـ نعم ما ذكره الإمام السعدي من التفرق ظاهر في عدم المواضعة لتصح وصيته لها وتزوجه أختها وأربعا سواها ، والله سبحانه أعلم .
[ تنبيه ] اعلم أن ما تأخذه له شبه بالميراث ، فلو توى شيء من التركة قبل القسمة كان على الكل ، ولو طلبت أخذ الدرهم والتركة عروض لم يكن لها ذلك وشبه بالدين ، حتى كان للورثة أن يعطوها من غير التركة مؤاخذة لها بزعمها أن ما تأخذه دين كذا أفاده في فتح القدير والبحر وغيرهما ( قوله بعد مضيها ) أي مضي العدة من وقت الإقرار ( قوله فلها جميع ما أقر أو أوصى ) لأنها صارت أجنبية فانتفت التهمة ، ومقتضاه أن ما تأخذه لم يبق له شبه بالميراث أصلا فلا يأتي فيه ما مر آنفا لأنها قبل مضي العدة لم تعط الزائد على الميراث للتهمة فكان ما تأخذه إرثا نظرا للورثة ووصية نظرا لزعمها فاعتبر فيه الشبهان ، وبعد مضي العدة لم تبق التهمة فلذا استحقت جميع ما أقر أو أوصى به وتمحض كونه دينا أو وصية وبه علم أن من ذكر الشبهين هنا تبعا لظاهر عبارة النهر لم يصب فافهم ( قوله ولو لم يكن بمرض موته ) الباء بمعنى في : أي ولو لم يكن هذا التصادق في مرض موته بأن صح منه أو كان غير مريض أصلا ثم مات في عدتها صح إقراره ووصيته لعدم التهمة .
( قوله ولو كذبته ) محترز قوله تصادقا ط ( قوله لم يصح إقراره ) أي ولا وصيته معاملة لها بزعمها أنها زوجة وهي وارثة ، ولا وصية للوارث ولا إقرار له ط وينبغي تقييده بما إذا مات في مرضه قبل مضي عدتها من وقت الإقرار لأنه لما أقر بطلاقها ثلاثا بانت منه عملا بإقراره ، وإن كذبته وصار فارا فإذا صح من مرضه ثم مات في العدة أو لم يصح ومات بعد العدة لم ترث منه فتصح وصيته وإقراره لها بالمال ، وليس تكذيبها له في الطلاق السابق رضا بالطلاق الواقع الآن كما لا يخفى هذا ما ظهر لي ( قوله لا لو بعده ) أقول هذا إنما يظهر لو ادعت أن الإبانة كانت في الصحة لأن دعواها تتضمن اعترافها بأنها لا ترث معه لكونه غير فار ، أما لو ادعت أن الإبانة في ذلك المرض الذي مات فيه فلا ، لأنها ادعت [ ص: 394 ] عليه طلاقا ترث منه غير أنها لما زعمت أنها بانت منه وجب عليها مفارقته ، فإذا ادعت عليه ذلك الواجب لا يلزم منه أن تكون راضية بطلاقها كما لا يخفى ، فيجب أن ترث سواء أصرت على دعواها أو صدقته قبل موته أو بعده كما لو أقر لها بما ادعت عليه ، ولم أر من تعرض لذلك ، وكأنهم سكتوا عنه لظهوره فافهم ( قوله كمن طلقت إلخ ) جعل حكم المسألة الأولى مشبها بهذه لأنه لا خلاف فيها ، بخلاف الأولى كما علمت ( قوله بأمرها ) الأولى برضاها ليشمل اختيارها نفسها في التفويض أفاده الحموي عن البرجندي ط ( قوله فإن لها الأقل ) أي مما أقر أو أوصى به ومن الإرث ، وهذا تصريح بوجه الشبه المفاد بالكاف