[ ص: 229 ] باب التيمم ثلث به تأسيا بالكتاب وهو من خصائص هذه الأمة بلا ارتياب . ( هو ) لغة : القصد . وشرعا ( قصد صعيد ) شرط القصد ; لأنه النية ( مطهر ) خرج الأرض المتنجسة إذا جفت فإنها كالماء المستعمل ( واستعماله ) [ ص: 230 ] حقيقة أو حكما ليعم التيمم بالحجر الأملس ( بصفة مخصوصة ) هذا يفيد أن الضربتين ركن ، وهو الأصح الأحوط ( ل ) أجل ( إقامة القربة ) خرج التيمم للتعليم فإنه لا يصلى به . وركنه شيئان : الضربتان ، والاستيعاب . وشرطه ستة : النية ، والمسح ، وكونه بثلاث أصابع فأكثر ، والصعيد ، وكونه مطهرا ، وفقد الماء .
، فلذا قال الشارح بلا ارتياب ، وفيه رمز إلى ما في اختصاص هذه الأمة بالوضوء كما قدمنا في محله ( قوله هو لغة القصد ) أي مطلق القصد ، ومنه قوله تعالى { ولا تيمموا الخبيث } بخلاف الحج فإنه القصد إلى معظم كما في البحر ( قوله وشرعا إلخ ) قال في البحر : واصطلاحا على ما في شروح الهداية القصد إلى الصعيد الطاهر للتطهير ، وعلى ما في البدائع وغيره استعمال الصعيد في عضوين مخصوصين على قصد التطهير بشرائط مخصوصة .
وزيف الأول بأن القصد شرط لا ركن . والثاني بأنه لا يشترط استعمال جزء من الأرض حتى يجوز بالحجر الأملس ، فالحق أنه اسم لمسح الوجه واليدين عن الصعيد الطاهر ، والقصد شرط ; لأنه النية . ا هـ وهذا ما حققه في الفتح ( قوله شرط القصد إلخ ) بالبناء للمجهول ، وفيه تورك على المصنف ; لأن تركيبه يقتضي أن حقيقته القصد فنبه على أنه شرط ، وكذا الصعيد ، وكونه مطهرا كما أفاده ح فافهم .
( قوله خرج إلخ ) ولذا لم يقل طاهر كما مر عن شروح الهداية ; لأن هذه الأرض طاهرة غير مطهرة ( قوله واستعماله إلخ ) هذا هو التعريف الثاني الذي قدمناه عن البدائع ; وأراد بالصفة المخصوصة ما سيأتي ، أو ما مر من كونه في عضوين مخصوصين بشرائط مخصوصة ، وقوله لأجل إقامة القربة هو معنى ما مر عن البدائع من قوله على قصد التطهير ، وقول الشارح حقيقة أو حكما إلخ جواب عن الإيراد المار على هذا التعريف ، إذ لا يخفى أن الحجر الأملس جزء من الأرض استعمل في العضوين للتطهير ، إذ ليس المراد بالاستعمال أخذ جزء منها بل جعله آلة للتطهير .
، وعليه فهو استعمال حقيقة وهو ظاهر كلام النهر ، فلا حاجة إلى قوله أو حكما كما أفاده ط ، وبما قررنا ظهر لك أن المصنف ذكر التعريفين المنقولين عن المشايخ . والظاهر أنه قصد جعلهما تعريفا واحدا إذ لا بد في الألفاظ الاصطلاحية المنقولة عن اللغوية أن يوجد فيها المعنى اللغوي غالبا ، ويكون المعنى الاصطلاحي أخص من اللغوي ، ولذا عرف المشايخ الحج بأنه قصد خاص بزيادة أوصاف مخصوصة ، وما مر من الإيراد على ذلك بأن القصد شرط يظهر لي أنه غير وارد ; لأن الشرط هو قصد عبادة مقصودة إلى آخر ما يأتي لا قصد نفس الصعيد ، على أن المعاني الشرعية لا توجد بدون شروطها ; فمن صلى بلا طهارة مثلا [ ص: 230 ] لم توجد منه صلاة شرعا فلا بد من ذكر الشروط حتى يتحقق المعنى الشرعي فلذا قالوا بشرائط مخصوصة كما مر .
ولما كان الاستعمال وهو المسح المخصوص للوجه واليدين من تمام الحقيقة الشرعية ذكره مع القصد تتميما للتعريف فاغتنم هذا التحرير المنيف ( قوله بصفة مخصوصة ) وهي ما في البدائع عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة عن التيمم ، فقال : التيمم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ، فقلت : كيف هو ؟ فضرب بيديه على الصعيد فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بهما وجهه ثم أعاد كفيه على الصعيد ثانيا فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بذلك ظاهر الذراعين وباطنهما إلى المرفقين ، ثم قال في البدائع : وقال بعض مشايخنا : ينبغي أن يمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رءوس الأصابع إلى المرفق ، ثم يمسح بكفه اليسرى دون الأصابع باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ ، ثم يمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى ، ثم يفعل باليد اليسرى كذلك ، وهذا الأقرب إلى الاحتياط لما فيه من الاحتراز عن استعمال التراب المستعمل بالقدر الممكن .
ا هـ ملخصا ، ومثله في الحلية عن التحفة والمحيط وزاد الفقهاء ( قوله وهو الأصح الأحوط ) هذا ما ذهب إليه السيد أبو شجاع وصححه الحلواني ، وفي النصاب : وهذا استحسان وبه نأخذ ، وهو الأحوط . وقيل ليسا بركن ، وإليه ذهب الإسبيجابي وقاضي خان ، وإليه مال في البحر والبزازية والإمداد . وقال في الفتح إنه الذي يقتضيه النظر ولأن المأمور به في الآية المسح ليس غير ، ويحمل قوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=13988التيمم ضربتان } إما على إرادة الضربة أعم من كونها على الأرض أو على العضو مسحا أو أنه خرج مخرج الغالب . ا هـ .
وأقره في الحلية ورجحه في شرح الوهبانية . وقال العلامة ابن الكمال : والمراد بيان كفاية الضربتين لا أنه لا بد منهما ، كيف وقد ذكر في كتاب الصلاة : لو كنس دارا أو هدم حائطا أو كال حنطة فأصاب وجهه وذراعيه غبار لم يجزه ذلك عن التيمم حتى يمر يده عليه ا هـ أي أو يحرك وجهه ويديه بنيته كما سيأتي عن الخلاصة . وقال في النهر : المراد الضرب أو ما يقوم مقامه ، وعليه مشى الشارح فيما سيأتي ، وتظهر ثمرة الخلاف كما في البحر فيما لو ضرب يديه فقبل أن يمسح أحدث ، وفيما إذا نوى بعد الضرب ، وفيما إذا ألقت الريح الغبار على وجهه ويديه فمسح بنية التيمم أجزأه على الثاني دون الأول .
( قوله لأجل إقامة القربة ) أي لأجل عبادة مقصودة لا تصح بدون الطهارة كما سيأتي بيانه ( قوله فإنه لا يصلي به ) ; لأن التعليم يحصل بالقول فلا يتوقف على الطهارة ( قوله والاستيعاب ) الذي يظهر لي أن الركن هو المسح ; لأنه حقيقة التيمم كما مر ، والاستيعاب شرط ; لأنه مكمل له والشارح عكس ذلك ، ثم رأيت التصريح في كلامهم بما ذكرته ( قوله وشرطه ستة ) بل تسعة كما سيأتي .
( قوله بثلاث أصابع فأكثر ) هو معنى قوله في البحر باليد أو بأكثرها ، فلو مسح بأصبعين لا يجوز ولو كرر حتى استوعب ، بخلاف مسح الرأس فإنه إذا مسحها مرارا بأصبع أو أصبعين بماء جديد لكل حتى صار قدر ربع الرأس صح . ا هـ إمداد وبحر قلت : لكن في التتارخانية : ولو تمعك بالتراب بنية التيمم فأصاب التراب وجهه ويديه أجزأه ; لأن المقصود قد حصل . ا هـ فعلم أن اشتراط أكثر الأصابع محله حيث مسح بيده تأمل ( قوله والصعيد ) كونه شرطا لا ينافي عدم تحقق الحقيقة الشرعية بدونه كما علم مما قررناه سابقا فافهم ( قوله وفقد الماء ) أي ولو حكما ليشمل نحو المرض [ ص: 231 ] فافهم .