باب الظهار : هو لغة مصدر ظاهر من امرأته : إذا قال لها أنت علي كظهر أمي . - . [ ص: 466 ] وشرعا ( تشبيه المسلم ) فلا ظهار لذمي عندنا ( زوجته ) ولو كتابية ، أو صغيرة ، أو مجنونة ( أو ) تشبيه ما يعبر به عنها من أعضائها ، أو تشبيه ( جزء شائع منها بمحرم عليه تأبيدا ) بوصف لا يمكن زواله ، [ ص: 467 ] فخرج تشبيهه بأخت امرأته ، أو بمطلقته ثلاثا وكذا بمجوسية لجواز إسلامها ، وقوله بمحرم صفة لشخص المتناول للذكر والأنثى ، فلو شبهها بفرج أبيه أو قريبه كان مظاهرا ، قاله المصنف تبعا للبحر . ورده في النهر بما في البدائع من شرائط الظهار ، كون المظاهر به من جنس النساء حتى لو شبهها بظهر أبيه ، أو ابنه لم يصح لأنه إنما عرف بالشرع والشرع ورد في النساء ، نعم يرد ما في الخانية : أنت علي كالدم والخمر والخنزير والغيبة والنميمة والزنا والربا والرشوة وقتل المسلم إن نوى طلاقا ، أو ظهارا فكما نوى على الصحيح كأنت علي كأمي فإن التشبيه بالأم تشبيه بظهرها وزيادة ، وذكره القهستاني معزيا للمحيط
مناسبته للخلع أن كلا منهما يكون عن النشوز ظاهرا ، أو قدم الخلع لأنه أكمل في باب التحريم ، إذ هو تحريم يقطع النكاح وهذا مع بقائه فتح ( قوله : هو لغة إلخ ) هذا أحد معانيه في اللغة لأن " ظاهر " مفاعلة من الظهر فيقال ظاهرته إذا قابلت ظهرك لظهره حقيقة وإذا غايظته لأن المغايظة تقتضي هذه المقابلة وإذا نصرته لأنه يقال قوي ظهره إذا نصره ، وتمامه في الفتح . وفيه : وإنما عدي بمن مع أنه متعد بنفسه لتضمنه معنى التبعيد لأنه كان طلاقا وهو مبعد . ا هـ .
وفي البحر عن المصباح : وإنما خص بذكر الظهر لأنه من الدابة موضع الركوب ، والمرأة مركوبة وقت الغشيان .
[ ص: 466 ] فركوب الأم مستعار من ركوب الدابة ثم شبه ركوب الزوجة بركوب الأم الممتنع ، وهو استعارة لطيفة فكأنه قال : ركوبك للنكاح حرام علي ( قوله : وشرعا تشبيه المسلم إلخ ) شمل التشبيه الصريح والضمني ، كما لو كانت امرأة رجل ظاهر منها زوجها فقال : أنت علي مثل فلانة ينوي ذلك ، وكذا لو ظاهر من امرأته فقال للأخرى : أشركتك في ظهارها ، أو أنت علي مثل هذه ناويا فإنه يكون مظاهرا ولو بعد موتها وبعد التكفير لتضمنه أنت علي كظهر أمي ، وشمل المعلق ولو بمشيئتها والمؤقت بيوم أو شهر مثلا كما سيأتي بحر ، واحترز به عن نحو أنت أمي بلا تشبيه فإنه باطل وإن نوى كما سيأتي .
والمراد بالمسلم العاقل - ولو حكما - البالغ ، فلا يصح ظهار المجنون والصبي والمعتوه والمدهوش والمبرسم والمغمى عليه والنائم ، ويصح من السكران والمكره والمخطئ والأخرس بإشارته المفهمة ولو بكتابة الناطق المستبينة ، أو بشرط الخيار كما في البدائع نهر ، ولو ظاهر ثم ارتد بقي ظهاره عنده لا عندهما بحر ( قوله : فلا ظهار لذمي ) لأنه ليس من أهل الكفارة ويصح عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ط ( قوله : زوجته ) شمل الأمة ، وخرجت مملوكته والأجنبية إلا إذا أضافه إلى سبب الملك كما سيأتي والمبانة بواحدة ، أو ثلاث ، قال في البحر : حتى لو علق الظهار بشرط ثم أبانها ثم وجد الشرط في العدة لا يصير مظاهرا لأنه وقت وجود الشرط صادق في التشبيه ، بخلاف الإبانة المعلقة لأن فائدتها تنقيص العدد ( قوله : ولو كتابية ) الأولى ولو كافرة ليشمل المجوسية . ففي البحر عن المحيط : أسلم زوج المجوسية فظاهر منها قبل عرض الإسلام عليها صح لكونه من أهل الكفارة ، ودخل فيه الرتقاء والمدخولة وغيرها كما في النهر ( قوله : من أعضائها ) كالرأس والرقبة ( قوله : أو تشبيه جزء شائع ) كنصفك ونحوه . والأصوب أن يقول ، أو تشبيهه جزءا شائعا بالإضافة إلى ضمير الفاعل ، ونصب جزءا شائعا لأنه في كلام المصنف معطوف على " زوجته " المنصوب على المفعولية ( قوله : بمحرم عليه ) أي بعضو يحرم النظر إليه من أعضاء محرمة عليه نسبا ، أو صهرية أو رضاعا كما في البحر ، أو بجملتها كأنت علي كأمي فإنه تشبيه بالظهر وزيادة كما يأتي ، لكن هذا كناية لا بد له من النية كما سيأتي ، وعلم أنه لا بد في المشبه به من كون الجزء يحرم النظر إليه ، وإلا فلا يصح وإن كان يعبر به عن الكل كرأس أمي ، أو وجهها ، بخلاف الزوجة المشبهة فإنه يكفي ذكر الجزء الذي يعبر به عن الكل منها وإن لم يحرم النظر إليه كرأسك فتنبه ، وخرج بالمحرمة عليه زوجته الأخرى وأمته .
قال في الفتح : ولا فرق بين كون ذلك العضو الظهر أو غيره مما لا يحل النظر إليه ، وإنما خص باسم الظهار تغليبا للظهر لأنه كان الأصل في استعمالهم ، وقيد في النهاية التحريم بكونه متفقا عليه احترازا عن أم المزني بها وبنتها ، فلو شبهها بهما لم يكن مظاهرا وعزاه إلى شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، لكن هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : يكون مظاهرا قيل وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام . قال القاضي ظهير الدين : وهو الصحيح ، لكن رجح العمادي قول nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد نهر .
مطلب ما يسوغ فيه الاجتهاد .
قال في الفتح : والخلاف مبني على نفاذ حكم الحاكم بحل نكاحها وعدمه لا على كون الحرمة مجمعا عليها ، أو لا ، بل على كونها يسوغ فيها الاجتهاد ، أو لا ، وعدم تسويغ الاجتهاد لوجود الإجماع ، أو النص الغير المحتمل للتأويل بلا معارضة نص آخر في نظر المجتهد وإن كانت المعارضة ثابتة في الواقع ، وهذا يختلف في كون المحل يسوغ فيه الاجتهاد وفي نفاذ حكم الحاكم بخلافه . ا هـ . ( قوله : بوصف ) الباء لسببية التحريم ، أو التأبيد ( قوله : لا يمكن زواله ) . [ ص: 467 ] كالأمية والأختية ولو رضاعا ومصاهرة ( قوله : لجواز إسلامها ) أي وصيرورتها كتابية كما في البحر ، فحرمتها مؤبدة بالنظر إلى بقاء وصف المجوسية غير مؤبدة إذا انقطع ط .
( قوله : ورده في النهر بما في البدائع إلخ ) أقول : ومثله ما في الخانية التشبيه بالرجل أي رجل كان لا يكون ظهارا ، ونحوه في التتارخانية عن التهذيب ، وكذا في الظهيرية ثم رأيته أيضا صريحا في كافي الحاكم ، وهذا يعارض ما بحثه في المحيط بلفظ " وينبغي أن يكون مظاهرا " . قال في النهر : وبه اندفع ما في البحر حيث جزم بما في المحيط ولم ينقله بحثا ( قوله : نعم يرد ما في الخانية إلخ ) كذا في النهر ، وهو مردود ، فإن الذي في الخانية خلاف هذا . ونصه : ولو قال لامرأته أنت علي كالميتة والدم ولحم الخنزير اختلفت الروايات فيه .
والصحيح أنه إن لم ينو شيئا لا يكون إيلاء ، وإن نوى الطلاق يكون طلاقا ، وإن نوى الظهار لا يكون ظهارا ا هـ وكذا في التتارخانية والشرنبلالية معزيا للخانية ، فعلم أن لفظة " لا " ساقطة من نسخة صاحب النهر ، وبه تأيد ما في البدائع وغيرها فافهم ( قوله : فإن التشبيه بالأم إلخ ) جواب عما قيل إنه ليس فيه تشبيه بعضو يحرم النظر إليه من محرمة ( قوله : معزيا للمحيط ) الذي رأيته في القهستاني عزوه للنظم بدون ذكر التصحيح ، وإنما هو مذكور في الخانية ، ولكن لعكس ما قال كما علمت ( قوله : كإن نكحتك ) أي تزوجتك ، وهذا مثال لسبب الملك ، ومثال الملك كإن صرت زوجة لي .
( قوله : فكذا ) أي فأنت علي كظهر أمي ; ولو زاد وأنت طالق ثم تزوجها بعدما وقع الطلاق المعلق بقي حكم الظهار إلا إذا قدم فقال فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي لأنها بانت بنزول الطلاق أولا لكونه قبل الدخول بناء على الترتيب في النزول nindex.php?page=showalam&ids=11990عنده خلافا لهما كما في الدر المنتقى آخر الباب وقدمناه في التعليق وفي أول باب الإيلاء ( قوله : مائة مرة ) يحتمل أن يكون حالا من مقول القول أي قال ذلك الكلام مكررا له مائة مرة ، والأقرب المتبادر أنه حال من جملة جواب الشرط ، فهو من تتمة مقول القول ، وتكرر الظهار والكفارة على الأول ظاهر ، وكذا على الثاني ; بمنزلة ما لو قال أنت طالق مرارا ، أو ألوفا حيث تطلق ثلاثا كما مر قبيل باب طلاق : غير المدخول بها ، بخلاف ما لو قال : أنت علي حرام ألف مرة وهي مدخول بها حيث تقع واحدة فقط ، وقدمنا هناك وكذا في آخر الإيلاء الفرق بينهما بأن هذا بمنزلة تكرار هذا الكلام بقدر العدد المذكور ، والحرام إذا كرر مرارا لا يقع به إلا واحدة لأنه بائن ، بخلاف الطلاق لأنه صريح يلحق مثله ، والظهار يلحق الظهار أيضا كما سيأتي متنا فافهم ( قوله : وظهارها منه لغو ) أي إذا قالت : أنت علي كظهر أمي ، أو أنا عليك كظهر أمك فهو لغو لأن التحريم ليس إليها ط ( قوله : فلا حرمة إلخ ) بيان لكونه لغوا أي فلا حرمة عليها إذا مكنته من نفسها ولا كفارة ظهار ولا يمين ط ( قوله : به يفتى ) مقابله ما في شرح الوهبانية للشرنبلالي عن nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد من صحة ظهارها وعليها كفارة الظهار . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ا هـ ط ( قوله : إيجاب كفارة يمين ) فتجب بالحنث ، وقيل : كفارة ظهار ، فإن كان [ ص: 468 ] تعليقا تجب متى تزوجت به وإن كانت في نكاحه تجب للحال ما لم يطلقها لأنه لا يحل لها العزم على منعه من الجماع بحر عن nindex.php?page=showalam&ids=13633ابن وهبان .