وفي القنية : ولدت ثم طلقها ومضى سبعة أشهر فنكحت آخر لم يصح إذا لم تحض فيها ثلاث حيض وإن لم تكن حاضت قبل الولادة لأن من لا تحيض لا تحبل وفيها : طلقها ثلاثا ويقول كنت طلقتها واحدة ومضت عدتها فلو مضيها معلوما عند الناس لم يقع الثلاث وإلا يقع ولو حكم عليه بوقوع الثلاث بالبينة بعد إنكاره ، . [ ص: 529 ] فلو برهن أنه طلقها قبل ذلك بمدة طلقة لم يقبل بحر .
( قوله : ومضى سبعة أشهر ) لعل الأولى " تسعة " بتقديم التاء على السين ليكون إشارة إلى ما مر نظما عن nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك من أن ممتدة الطهر تنقضي عدتها بتسعة أشهر ، فالمعنى أنه لم يصح ما لم تحض وإن مضى تسعة أشهر تأمل ( قوله : لم يصح إلخ ) هذا ظاهر إذا صدقها الزوج في أنها لم تحض ، وإلا فالقول له لما قدمناه عن البدائع عند قوله قالت : مضت عدتي ، ومثله ما قدمناه في الرجعة عن البزازية من أن المطلقة لو قالت للثاني تزوجتني في العدة ، إن كان بين الطلاق والنكاح أقل من شهرين صدقت عنده وفسد النكاح ، وإن أكثر لا وصح النكاح لأن الإقدام على النكاح إقرار بمضي العدة .
( قوله : لأن من لا تحيض لا تحبل ) أي فلما حبلت تبين أنها من أهل الحيض فلا تنقضي عدتها إلا بثلاث حيض ( قوله : فلو مضيها معلوما عند الناس ) أي بأن كان أقر وقت الطلاق به وأشهره بينهم ومضت مدة يمكن فيها انقضاء العدة تنقضي وإن كان مقيما معها لأن إقامته معها بعد اشتهار الطلاق لا تمنع مضيها في الصحيح كما قدمه عن جواهر الفتاوى . لكن إذا وطئها عالما بالحرمة بلا شبهة كان زنا فلا تجب عدة أخرى ، ولو كان الوطء بشبهة وجب لكل وطء عدة أخرى وتداخلت مع التي قبلها ، فلا يحل تزويجها بغيره قبل انقضاء العدة من الوطء الأخير ، ولو طلقها ثلاثا بعد انقضاء عدة الطلاق الأول لم تقع وإن كانت في عدة الوطء كما قدمناه عن البزازية ; وبه ظهر جواب حادثة الفتوى في رجل أبان زوجته بلفظ الحرام فاستفتى شافعيا فأفتاه بأنه رجعي وأقام معها مدة ثم أبانها كذلك فراجعها له شافعي أيضا ومضت مدة طويلة أيضا ثم أبانها أيضا كذلك فأفتاه شافعي بكفارة يمين ثم طلقها الآن ثلاثا وكان مقرا بالثلاث الأول واشتهرت بين الناس وكان كل واحد بعد انقضاء عدة الذي قبله ، ومقتضى ما مر أنه لا يقع عليه سوى طلقة واحدة وهي الأولى حيث كانت [ ص: 529 ] مشهورة وهو مقر بها ومضت عدتها فلا تقع الثانية ولا ما بعدها وإن وطئها في تلك العدة لأنه وطء شبهة كما علمته ، والله سبحانه وتعالى أعلم ( قوله : لم يقبل ) أي لأن العدة من هذه الطلقة لا تنقضي ما لم يكن الطلاق مشتهرا كما علمته ولو كان مشتهرا لتمسك به قبل الحكم عليه بالثلاث لأنه مانع من صحة الحكم بها ، فعدوله عن ذلك إلى إنكار الثلاث دليل على كذبه فلا يقبل منه ، فلا ينافي قولهم إن الدفع بعد الحكم صحيح ، هذا ما ظهر لي .