مطلب في كنايات الإعتاق ( قوله وبكنايته إن نوى ) قال الحموي : ثبت في الأصول أن الشرط في الكناية النية أو ما يقوم مقامها من دلالة الحال ليزول ما فيها من الاشتباه . ا هـ ط ( قوله للاحتمال ) ; لأن نفي الملك وما بعده جاز أن يكون بالبيع والكتابة كما جاز أن يكون بالعتق ، ونفي السبيل يحتمل أن يكون عن العقوبة واللوم لكمال الرضا وأن يكون للعتق فيئول إلى معنى لا ملك لي عليك إذ هو الطريق إلى نفاذ التصرف نهر ( قوله قد أطلقتك ) بهمز في أوله من الإطلاق وهو رفع القيد ، بخلافه بدون همز فإنه ليس بصريح ولا كناية فلا يقع به أصلا كما يأتي ( قوله وأنت أعتق ) فيه حذف دل عليه ما بعده ، والتقدير وأنت أعتق من فلانة وهي معتقة ح .
فإن قيل : إنما كان أعتق وأطلق كناية لاحتماله أقدم في ملكي وأطلق يدا فيقال إن مثله عتيق . فالجواب أن المتبادر في عتيق إرادة التحرير ، بخلاف أعتق وأطلق لعدم احتمال العتق والطلاق للتفاضل الذي هو أصل أفعل التفضيل رحمتي ( قوله كتهجيها ) أي تهجي ألفاظ الطلاق والعتق . قال في الذخيرة : وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف فيمن قال لأمته ألف نون تاء حاء راء هاء أو قال لامرأته ألف نون تاء طاء ألف لام قاف إنه إن نوى الطلاق والعتاق تطلق المرأة وتعتق الأمة وهذا بمنزلة الكتابة ; لأن هذه الحروف يفهم منها ما هو المفهوم من صريح الكلام إلا أنها لا تستعمل كذلك فصار كالكناية في الافتقار إلى نية . ا هـ . ( قوله وفي الخلاصة ) عبارتها : لو قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق ، لكن ليس له أن يدعيه بعد ذلك ، ولا أن يستخدمه ، فإن مات لا يرثه بالولاء ، فإن قال المملوك بعد ذلك أنا مملوك له فصدقه كان مملوكا ظاهرا وكذا لو قال ليس هذا بعبدي لا يعتق . ا هـ . قلت : وذكر في الذخيرة المسألة الأولى ثم ذكر الثانية بعبارة فارسية ، ثم قال في جوابها يعتق في القضاء ; لأنه [ ص: 646 ] أقر بالعتق . والصحيح أنه لا يعتق بدون النية عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، كما في قوله ليست بامرأتي ; لأنه ليس من ضرورة أن لا يكون عبدا له أن يكون حرا ، ويؤيد هذا القول المسألة الأولى . ا هـ وحاصله أن اللفظ في المسألتين كناية ، فإن نوى عتق فيهما وإلا فلا ، لكن ليس له أن يدعيه لنفاذ إقراره على نفسه ، ولهذا قال في البحر وظاهره أنه لا يكون حرا ظاهرا معتقا ، فتكون أحكامه أحكام الأحرار حتى يأتي من يدعيه ويثبت فيكون ملكا له . ا هـ ( قوله وقاس عليه إلخ ) أي جعله في حكم مسألة الخلاصة وهو أنه إذا لم ينو العتق ليس له أن يدعيه لإقراره بعدم الملك ( قوله نازعه في النهر ) حيث قال وعندي أن هذه المسألة أي مسألة الخلاصة مغايرة لمسألة الكتاب : أي قوله لا ملك لي عليك ، وذلك أنه في مسألة الكتاب إنما أقر بأنه لا ملك له فيه ، وهذا لا ينافي ملكا لغيره . ومسألة الخلاصة موضوعها إقراره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه له أو لحريته الأصلية فتنبه لهذا فإنه مهم . ا هـ .
قال ح قلت : والذي يظهر بأدنى تأمل أن الحق مع صاحب البحر فإن الفرق الذي أبداه في النهر غير مؤثر ، فإنه إذا نفى ملكه عنه وليس هناك من يدعيه ساوى من قيل له : أنت غير مملوك ، ويدل لما قلنا تسوية صاحب الخلاصة بين قوله أنت غير مملوك وبين قوله ليس هذا بعبدي تأمل . ا هـ . قلت : والحاصل أن كلا من مسألة الكتاب ومسألتي الخلاصة كناية في العتق فلا بد له من النية ، وقد نص في مسألتي الخلاصة على أنه إذا لم يعتق أي عند عدم النية ليس له أن يدعيه أي لإقراره على نفسه بأنه غير مملوك وأنه ليس عبده وهذا موجود في مسألة الكتاب أيضا فينبغي منع دعواه فيها أيضا ، ولا فرق في صحة إقراره على نفسه بين نفيه عن نفسه فقط أو عنه وعن غيره ، بل نفيه عن غيره لا فائدة فيه ; لأنه لا ولاية له على غيره في ذلك فافهم .