( قوله المشي المعتاد ) بأن لا يكون في غاية السرعة ولا في غاية البطء ، بل يكون وسطا . ونظيره ما قالوه في السير المعتاد في مدة السفر لقصر الصلاة ( قوله فرسخا فأكثر ) تقدم أن الفرسخ ثلاثة أميال اثنا عشر ألف خطوة ، وعبر في السراج معزيا إلى الإيضاح بمسافة السفر ، وبه جزم في النقاية . وقال القهستاني : أي الشرعي كما هو المتبادر ، ويدل عليه كلام المحيط ويخالفه كلام حاشية الهداية حيث قال : ما يمكن المشي فيه فرسخا فأكثر . ا هـ .
أقول : ويمكن أن يكون محمل القولين على اختلاف الحالتين ، ففي حالة الإقامة يعتبر الفرسخ ; لأن المقيم لا يزيد مشيه عادة في يوم وليلة على هذا المقدار : أي المشي لأجل الحوائج التي تلزم لأغلب الناس ، وفي حالة السفر يعتبر مدته .
ويقرب منه ما اعتبره الشافعية من التقدير بمتابعة المشي للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها اعتبارا بمدة المسح ، لكن قد يقال لما ثبت أن هذا الخف صالح للمسح عليه للمقيم قطع النظر عن حالة السفر ; لأن المسافر [ ص: 264 ] في الغالب يكون راكبا ولا يزيد مشيه غالبا على مقدار الفرسخ فالأظهر اعتبار الفرسخ في حقهما ، ومحمل قول من قال مسافة السفر على السفر اللغوي دون الشرعي كما يشير إليه كلام القهستاني السابق تأمل .
[ تنبيه ] المتبادر من كلامهم أن المراد من صلوحه لقطع المسافة أن يصلح لذلك بنفسه من غير لبس المداس فوقه فإنه قد يرق أسفله ويمشي به فوق المداس أياما وهو بحيث لو مشى به وحده فرسخا تخرق قدر المانع ، فعلى الشخص أن يتفقده ويعمل به بغلبة ظنه .
وقد وقع اضطراب بين بعض العصريين في هذه المسألة والظاهر ما قدمته وهو الأحوط أيضا ، وقد تأيد ذلكعندي برؤيا رأيت فيها النبي صلى الله عليه وسلم بعد تحرير هذا المحل بأيام فسألته عن ذلك ، فأجابني صلى الله عليه وسلم بأنه إذا رق الخف قدر ثلاث أصابع منع المسح ، وكان ذلك في ذي القعدة سنة 1234 - ولله الحمد - ثم رأيت التصريح بذلك في كتب الشافعية