باب اليمين في البيع والشراء والصوم والصلاة وغيرها الأصل فيه أن كل فعل تتعلق حقوقه بالمباشر كبيع وإجارة لا حنث بفعل مأموره [ ص: 813 ] وكل ما تتعلق حقوقه بالآمر كنكاح وصدقة وما لا حقوق له كإعارة وإبراء يحنث بفعل وكيله أيضا لأنه سفير ومعبر ( يحنث بالمباشرة ) بنفسه ( لا بالأمر إذا كان ممن يباشر بنفسه في البيع ) ومنه الهبة بعوض ظهيرية ( والشراء ) ومنه السلم والإقالة قيل والتعاطي [ ص: 814 ] شرح وهبانية ( والإجارة والاستئجار ) فلو حلف لا يؤجر وله مستغلات آجرتها امرأته وأعطته الأجرة لم يحنث كتركها في أيدي الساكنين وكأخذه أجرة شهر قد سكنوا فيه بخلاف شهر لم يسكنوا فيه ذخيرة ( والصلح عن مال ) وقيده بقوله ( مع الإقرار ) لأنه مع الإنكار سفير والقسمة ( والخصومة وضرب الولد ) أي الكبير لأن الصغير يملك ضربه فيملك التفويض فيحنث بفعل وكيله كالقاضي
باب اليمين في البيع والشراء والصوم والصلاة وغيرها ( قوله وغيرها ) كالمشي واللبس والجلوس ط ( قوله الأصل فيه إلخ ) ذكر في الفتح أصلا أظهر من هذا وهو أن كل عقد ترجع حقوقه إلى المباشر ، ويستغني الوكيل فيه عن نسبة العقد إلى الموكل لا يحنث الحالف على عدم فعله بمباشرة المأمور لوجوده من المأمور حقيقة وحكما ، فلا يحنث بفعل غيره لذلك ، وذلك كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والصلح عن مال ، والمقاسمة وكذا الفعل الذي يستناب فيه ويحتاج للوكيل إلى نسبته للموكل كالمخاصمة فإن الوكيل يقول أدعي لموكلي ، وكذا الفعل الذي يقتصر أصل الفائدة فيه على محله كضرب الولد فلا يحنث في شيء من هذه بفعل المأمور وكل عقد لا ترجع حقوقه إلى المباشر بل هو سفير وناقل
[ ص: 813 ] عبارة يحنث فيه بمباشرة المأمور كما يحنث بفعله بنفسه كالتزوج والعتق بمال أو بدونه والكتابة والهبة والصدقة والوصية والاستقراض والصلح عن دم العمد والإيداع والاستيداع والإعارة والاستعارة وكذا كل فعل ترجع مصلحته إلى الآمر كضرب العبد والذبح وقضاء الدين وقبضه والكسوة والحمل على دابته وخياطة الثوب وبناء الدار ا هـ ملخصا ( قوله تتعلق حقوقه بالمباشر ) خرج عنه المخاصمة وضرب الولد فإنه لا يحنث فيهما بفعل المأمور مع أنه ليس في ذلك حقوق تتعلق بالمباشر فالمناسب تعبير الفتح المار ( قوله كنكاح وصدقة ) أما النكاح فكون حقوقه تتعلق بالأمر ظاهر ، ولذا ينسبه المباشر إلى آمره ، فيطالب الآمر بحقوقه من مهر ونفقة وقسم ونحوه ، وأما الصدقة فلم يظهر لي فيها ذلك ، وكذا الهبة ولعل المراد بالحقوق فيهما صحة الرجوع للآمر في الهبة وعدم صحته في الصدقة نعم سيأتي في كتاب الوكالة أنه لا بد من إضافتهما إلى الموكل ، وكذا بقية المذكورات في قول الفتح المار وكل عقد لا ترجع إلى المباشر إلخ ونذكر قريبا الكلام عليه .
( قوله وما لا حقوق له ) يشمل نحو المخاصمة وضرب الولد مع أنه لا يحنث فيهما بفعل وكيله تأمل ( قوله يحنث بفعل وكيله أيضا ) أي كما يحنث بفعل نفسه والأولى إبدال وكيله بمأموره لما سيأتي ، وللتعليل بأنه سفير ومعبر فإن ذلك صفة الرسول لأنه يعبر عن المرسل لكن يطلق عليه وكيل لما في المغرب السفير الرسول المصلح بين القوم ومنه قولهم : الوكيل سفير ومعبر يعني إذا لم يكن العقد معاوضة : كالنكاح ، والخلع ، والعتق ونحوها لا يتعلق به شيء ولا يطالب بشيء . ا هـ . ( قوله يحنث بالمباشرة ) شمل ما لو كان المباشر أصيلا أو وكيلا إذا حلف لا يبيع أو لا يشتري إلخ أفاده في الفتح ( قوله لا بالأمر ) أي لا يحنث بأمره لغيره بأن يباشر عنه يعني وقد باشر المأمور ( قوله ممن يباشر بنفسه ) أي دائما أو غالبا كما يأتي ( قوله ومنه الهبة بعوض ) فلو حلف لا يبيع فوهب بشرط العوض ينبغي أن يحنث كذا في القنية ، وبه جزم في الظهيرية ، ولو حلف لا يبيع داره فأعطاها صداقا لامرأته إن أعطاها عوضا عن دراهم المهر حنث لا إن تزوج عليها . ا هـ . نهر فإذا دخل ذلك تحت اسم البيع لزم منه إعطاء حكمه ، وهو أنه لا يحنث بفعل مأموره ويكون القابل له مشتريا فيدخل في قوله لا أشتري حتى يحنث أيضا بالمباشرة لا بالأمر كما أفاده ح فافهم ( قوله ومنه السلم ) فلو حلف أن لا يشتري من فلان فأسلم إليه في ثوب حنث لأنه اشترى مؤجلا بحر عن الواقعات .
قال ح : وإذا كان المسلم مشتريا يجب أن يكون المسلم إليه بائعا . ا هـ . فلا يحنثان إلا بالمباشرة ط ( قوله والإقالة ) أي فيما لو حلف لا يشتري ما باعه ، ثم أقال المشتري حنث كما عزاه في البحر للقنية وفيه عن الظهيرية لو كانت بخلاف الثمن الأول قدرا أو جنسا حنث قيل : هذا قولهما أما عنده فلا لكونه إقالة على كل حال ا هـ ومقتضاه أنها لو كانت بعين الثمن الأول لا يحنث عند الكل ووجهه أن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين ، بيع جديد في حق غيرهما ، وهذا إذا لم تكن بلفظ مفاسخة أو متاركة أو تراد وإلا لم تجعل بيعا ولا بلفظ البيع ، وإلا فبيع إجماعا كما سيأتي في بابها وهل يقال لو الحلف بعتق أو طلاق تجعل بيعا في حق ثالث ، وهو هنا العبد أو المرأة فيحنث بها لم أر من صرح به وينبغي الحنث تأمل ولا يخفى أنه إن وجد عرف عمل به ( قوله قيل والتعاطي ) يفيد ضعفه ونقل في النهر عن البدائع تأييد عدم الحنث في البيع بالتعاطي والظاهر أن الشراء مثله فيفيد ترجيح عدم
[ ص: 814 ] الحنث فيه أيضا لكن لا يخفى أن العرف الآن يخالفه ( قوله آجرتها امرأته ) أي ولو بإذنه ( قوله كتركها في أيدي الساكنين ) أي من غير قوله لهم اقعدوا فيها وإلا حنث كما في البحر ، والمراد أن مجرد الترك لا يكون إجارة وأما أخذ الأجرة ففيه التفصيل الآتي ( قوله قد سكنوا فيه ) أي بعد الحلف أو قبله فيما يظهر لأن الإجارة بيع المنافع المستقبلة ( قوله بخلاف شهر لم يسكنوا فيه ) أي بخلاف شهر مستقبل لم يسكنوا فيه فإذا تقاضاهم بأجرته حنث قال في النهر : وهذا ليس إلا الإجارة بالتعاطي ، فينبغي أن يجري فيه الخلاف السابق ( قوله وقيده بقوله إلخ ) هذا التقييد فيما إذا كان الحالف هو المدعى عليه لأن الصلح عن إقرار بيع ، أما عن إنكار أو عن سكوت فهو في حقه إفداء يمين ، فيكون الوكيل من جانبه سفيرا محضا فيحنث بمباشرته بخلاف ما إذا كان الحالف على عدم الصلح هو المدعي فإنه لا يحنث بفعل وكيله مطلقا أفاده ح عن البحر ( قوله والقسمة ) بأن حلف لا يقاسم مع شريكه لا يحنث بفعل وكيله ( قوله والخصومة ) أي جواب الدعوى سواء كان إقرارا أو إنكارا ح عن القهستاني وقيل : إنه يحنث بفعل وكيله كفعله والفتوى على الأول كما في شرح الوهبانية ( قوله فيحنث بفعل وكيله ) عبارة الخانية فينبغي أن يحنث .
قال في البحر : وإنما لم يجزم به لأن الولد أعم ولم يخصص بالكبير في الروايات وذكر في الفتح أنه في العرف يقال فلان ضرب ولده وإن لم يباشر ، ويقول العامي لولده غدا أسقيك علقة ثم يذكر لمؤدب الولد أن يضربه تحقيقا لقوله فمقتضاه أن تنعقد على معنى لا يقع به ضرب من جهتي ، ويحنث بفعل المأمور ا هـ ملخصا ( قوله كالقاضي ) أي إذا وكل بضرب من يحل له ضربه صح أمره به فيحنث بفعله ، ومثله السلطان والمحتسب كما في الدر المنتقى ح