مطلب نواقض المسح ( قوله ونزع خف ) أراد به ما يشمل الانتزاع ، وإنما نقض لسراية الحدث إلى القدم عند زوال المانع ( قوله ولو واحدا ) ; لأن الانتفاض لا يتجزأ ، وإلا لزم الجمع بين الغسل والمسح ، وأشار إلى المراد بالخف الجنس الصادق بالواحد والاثنين ( قوله ومضي المدة ) للأحاديث الدالة على التوقيت . ثم إن الناقض في هذا والذي قبله حقيقة هو الحدث السابق ، لكن لظهوره عندهما أضيف النقض إليهما مجازا بحر ( قوله وإن لم يمسح ) أي إذا لبس الخف ثم أحدث بعده ثم مضت المدة بعد الحدث ولم يمسح فيها ليس له المسح ( قوله إن لم يخش إلخ ) يعني إذا انقضت مدة المسح وهو مسافر ويخاف ذهاب رجله من البرد لو نزع خفيه جاز المسح ، كذا في الكافي وعيون المذاهب . ا هـ . درر . قال ح : ومفهومه أنه إن خشي لا ينتقض بالمضي ، بل إن أحدث بعد ذلك فتوضأ يعمهما بالمسح كالجبيرة ، وعدم الانتقاض بالمضي مع الخوف في هذه نظير عدم بطلان الصلاة الذي هو الأصح في مسألة مضي المدة في الصلاة مع عدم الماء . ا هـ .
أقول : وظاهره أنه إذا مضت المدة ولم يحدث يبقى حكم مسحه السابق فلا يلزمه تجديد المسح ، ويؤيده مسألة الصلاة الآتية حيث يمضي فيها ، وكذا ما في السراج عن الوجيز : إذا انقضت ، لكن في المعراج : لو مضت وهو يخاف البرد على رجله يستوعبه بالمسح كالجبائر ويصلي ، وعليه فعدم الانتقاض المفهوم من المتن معناه عدم لزوم الغسل وجواز المسح بعد ذلك ، فلا ينافي حكم المسح السابق ، وهذا هو المفهوم من عبارة الدرر المارة . فالحاصل أن المسألة مصورة فيما إذا مضت مدة المسح وهو متوضئ وخاف إن نزع الخف لغسل رجليه من البرد وإلا أشكل تصوير المسألة ; لأنه إذا خاف على رجليه يلزم منه الخوف على بقية الأعضاء فإنها ألطف من الرجلين ، وإذا خاف ذلك يكون عاجزا عن استعمال الماء فيلزمه العدول إلى التيمم بدلا عن الوضوء بتمامه ، ولا يحتاج إلى مسح الخف أصلا مع التيمم حيث تحققت الضرورة المبيحة له ، إلا أن يجاب عن الإشكال بأنهم بنوا ذلك على ما قالوه من أنه لا يصح التيمم لأجل الوضوء وقدمنا ما فيه في بابه فراجعه . [ ص: 276 ] هذا ، وقال ح أيضا : والذي ينبغي أن يفتى به في هذه المسألة انتقاض المسح بالمضي واستئناف مسح آخر يعم الخف كالجبائر ; وهو الذي حققه في فتح القدير . ا هـ .
أقول : الذي حققه في البدائع بحثا لزوم التيمم دون المسح فإنه بعد ما نقل عن جوامع الفقه والمحيط أنه إن خاف البرد فله أن يمسح مطلقا أي بلا توقيت . قال ما نصه : فيه نظر ، فإن خوف البرد لا أثر له في منع السراية ، كما أن عدم الماء لا يمنعها ، فغاية الأمر أنه لا ينزع ، لكن لا يمسح بل يتيمم لخوف البرد . ا هـ وأقره في شرح المنية وأطنب في حسنه ; وهو صريح في انتقاض المسح لسراية الحدث ، فلا يصلي به إلا بعد التيمم لا المسح ، ولكن المنقول هو المسح لا التيمم كما مر عن الكافي وعيون المذاهب والجوامع والمحيط ، وبه صرح الزيلعي وقاضي خان والقهستاني عن الخلاصة ، وكذا في التتارخانية والولوالجية والسراج عن المشكل ، وكذا في مختارات النوازل لصاحب الهداية ، وبه صرح أيضا في المعراج والحاوي القدسي بزيادة جعله كالجبيرة ، وعليه مشى في الإمداد . وقد قال العلامة قاسم : لا عبرة بأبحاث شيخنا يعني ابن الهمام إذا خالفت المنقول فافهم ( قوله للضرورة ) علة لعدم النقض المفهوم من قوله إن لم يخش ( قوله فيستوعبه ) أي على ما هو الأولى أو أكثره ، وهذا إنما يتم إذا كان مسمى الجبيرة يصدق عليه . ا هـ فتح .
وأجاب في البحر بأن مفاد ما في المعراج الاستيعاب ، وأنه ملحق بالجبائر لا جبيرة حقيقة . ا هـ أي فالمراد بتشبيهه بالجبيرة بالاستيعاب لمنع كونه مسح خف لا أنه جبيرة حقيقة ليجوز مسح أكثره ( قوله مضى في الأصح ) كذا في الخانية معللا بأنه لا فائدة في النزع ; لأنه للغسل ا هـ وعلى هذا فالمستثنى من النقض بمضي المدة مسألتان : وهما إذا خاف البرد أو كان في الصلاة ولا ماء كما في السراج ( قوله وهو الأشبه ) قال الزيلعي : واستظهره في البدائع بأن عدم الماء لا يصلح منعا لسراية الحدث بعد تمام المدة فيتيمم مآلا للرجلين بل للكل ; لأن الحدث لا يتجزأ كمن غسل ابتداء الأعضاء إلا رجليه وفني الماء فيتيمم للحدث القائم به فإنه على حاله ما لم يتم الكل وتمامه فيه ، وهو تحقيق حسن فرع عليه في البدائع ما قاله في المسألة الأولى ، لكن علمت الفرق بينهما ، وهو أنه يلزم عليه صحة التيمم في الوضوء لخوف البرد ، أما هنا فإنه لفقد الماء وهو جائز بخلافه هناك