[ ص: 7 ] ( ويثبت بشهادة أربعة ) رجال ( في مجلس واحد ) فلو جاءوا متفرقين حدوا ( ب ) لفظ ( الزنا لا ) مجرد لفظ ( الوطء والجماع ) وظاهر الدرر أن ما يفيد معنى الزنا يقوم مقامه ( ولو ) كان ( الزوج أحدهم إذا لم يكن ) الزوج ( قذفها ) ولم يشهد بزناها بولده للتهمة لأنه يدفع اللعان عن نفسه في الأولى ويسقط نصف المهر لو قبل الدخول أو نفقة العدة لو بعده في الثانية ظهيرية ( فيسألهم الإمام عنه ما هو ) أي عن ذاته وهو الإيلاج عيني ( وكيف هو [ ص: 8 ] وأين هو ومتى زنى وبمن زنى ) لجواز كونه مكرها أو بدار الحرب أو في صباه أو بأمة ابنه ، فيستقصي القاضي احتيالا للدرء ( فإن بينوه وقالوا رأيناه وطئها في فرجها كالميل في المكحلة ) هو زيادة بيان احتيالا للدرء ( وعدلوا سرا وعلنا ) إذا لم يعلم بحالهم ( حكم به ) وجوبا ، وترك الشهادة به أولى ما لم يكن متهتكا فالشهادة أولى نهر .
[ ص: 7 ] قوله ويثبت ) أي الزنا عند القاضي ، أما ثبوته في نفسه فبإيجاد الإنسان له ; لأنه فعل حسي نهر ( قوله رجال ) ; لأنه لا مدخل لشهادة النساء في الحدود ، وقيد بذلك من إدخال التاء في العدد كما هو الواقع في النصوص ( قوله فلو جاءوا متفرقين حدوا ) أي حد القذف ، ولو جاءوا فرادى وقعدوا مقعد الشهود وقام إلى القاضي واحد بعد واحد قبلت شهادتهم ، وإن كانوا خارج المسجد حدوا جميعا بحر عن الظهيرية ، وعبر بالمسجد ; لأنه محل جلوس القاضي يعني أن اجتماعهم يعتبر في مجلس القاضي لا خارجه ، فلو اجتمعوا خارجه ودخلوا عليه واحدا بعد واحد فهم متفرقون فيحدون ( قوله بلفظ الزنا ) متعلق بشهادة ، فلو شهد رجلان أنه زنى وآخران أنه أقر بالزنا لم يحد ، ولا تحد الشهود أيضا إلا إذا شهد ثلاثة بالزنا والرابع بالإقرار به فتحد الثلاثة ظهيرية ; لأن شهادة الواحد بالإقرار لا تعتبر فبقي كلام الثلاثة قذفا بحر ( قوله لا مجرد لفظ الوطء والجماع ) ; لأن لفظ الزنا هو الدال على فعل الحرام دونهما ، فلو شهدوا أنه وطئها وطئا محرما لا يثبت بحر : أي إلا إذا قال وطئا هو زنا .
والظاهر أنه يكفي صريحه من أي لسان كان كما صرح به في الشرنبلالية في حد القذف ، فإنه يشترط فيه صريح الزنا كما هنا تأمل ( قوله وظاهر الدرر إلخ ) ونصها أي بشهادة ملتبسة بلفظ الزنا ; لأنه الدال على فعل الحرام أو ما يفيد معناه وسيأتي بيانه . ا هـ .
ولا يخفى أنها محتملة أن يكون قوله أو ما يفيد معناه عطفا على الضمير قوله ; لأنه الدال ، يعني أن الدال على فعل الحرام لفظ الزنا أو ما يفيد معناه ، وليس ذلك صريحا في أن ما يفيد معناه تصح الشهادة به ، نعم ظاهر العبارة عطفه على لفظ الزنا ، لكن قوله وسيأتي بيانه أراد به كما قاله بعض المحشين ما ذكره في التعزير من أن حد القذف يجب بصريح الزنا أو بما هو في حكمه بأن يدل عليه اللفظ اقتضاء كقوله في غضب لست لأبيك أو بابن فلان أبيه ا هـ وأنت خبير بأن هذا لا يتأتى هنا فهذا يؤيد ما قلنا من العطف على الضمير فافهم .
ثم إنه لو لم يبينه بما ذكر في التعزير أمكن حمله على أن المراد به ما كان صريحا فيه من لغة أخرى فافهم ( قوله ; لأنه يدفع اللعان عن نفسه ) بيان للتهمة وعليه لو كان قذف أحدهم الرجل لم تقبل شهادته لما ذكر في الزوج ، أفاده في البحر ( قوله ويسقط نصف المهر ) أي يسقط الزوج بهذه الشهادة لتضمنها مجيء الفرقة من قبلها حيث كانت مطاوعة لولده ، وأما بعد الدخول فلا يسقط شيء من المهر بمطاوعتها له بل تسقط النفقة لنشوزها ( قوله ظهيرية ) ومثله في البحر عن المحيط بزيادة وتحد الثلاثة ولا يحد الزوج ( قوله فيسألهم الإمام إلخ ) أي وجوبا .
وقال قاضي خان : ينبغي أن يسألهم درر منتقى .
والظاهر أنه ينبغي بمعنى يجب ; لأن هذا البيان شرط لإقامة الحد . قال في الفتح بعد ما صرح بالوجوب : ولو سألهم فلم يزيدوا على قولهم إنهما زنيا لا يحد المشهود عليه ولا الشهود ، وتمامه فيه ( قوله أي عن ذاته وهو الإيلاج ) تفسير للماهية المعبر عنها بما هو ، وظاهر كلامهم أنه ليس المراد بالماهية الحقيقة الشرعية المارة كما في البحر ، لكن ذكر في الفتح فائدة سؤاله عن الماهية أن الشاهد عساه يظن أن مماسة الفرجين حراما زنا أو أن كل وطء محرم زنا يوجب الحد فيشهد بالزنا .
قال في النهر : وهو ظاهر في أن المراد بماهيته حقيقته الشرعية ، إلا أن هذا يستلزم الاستغناء عن الكيفية والمكان لتضمن التعريف ذلك ، فهو من عطف الخاص على العام . ا هـ .
قلت : الاستغناء مدفوع ; لأن الماهية بيان حقيقة الزنا من حيث هو ، وأما الكيفية والمكان وغيرهما فهي [ ص: 8 ] في هذا الزنا الزنا الخاص المشهود به ، فيسألهم عن ذلك ليعلم أن هذا الخاص تحققت فيه الماهية الشرعية احتياطا في درء الحد فتدبر ( قوله لجواز كونه مكرها إلخ ) بيان لقوله وكيف هو على طريق الترتيب : والأولى أن يقول بإكراه ; لأن الضمير عائد على الزنا ; لأنه المسئول عنه لا على الزاني ( قوله أو في صباه ) وكذا يحتمل أن يكون بعد بلوغه لكن في زمان متقادم كما في الفتح وغيره وسيأتي حد التقادم ( قوله أو بأمة ابنه ) أي ونحوها ممن لا يحد بوطئها كأمته وزوجته .
قال في الفتح : وقياسه في الشهادة على زنا المرأة أن يسألهم عمن زنى بها من هو للاحتمال المذكور وزيادة كونه صبيا أو مجنونا فإنها لا حد عليها فيه عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام ( قوله هو زيادة بيان ) أي ; لأنه يغني عنه بيان الماهية مع أن ظاهر كلامهم أن الحكم موقوف على بيانه كما في البحر ، وأشار إلى أن الضمير في بينوه عائد إلى المذكور من الأوجه المسئول عنها كما يؤخذ من عبارة nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري ، خلافا لما في بعض الشروح من أن قوله وقالوا إلخ بيان لقوله وبينوه ; لأنه بمجرد القول المذكور لا يتم البيان كما في النهر ( قوله وعدلوا سرا وعلنا ) السر بأن يبعث القاضي ورقة فيها أسماؤهم وأسماء محلتهم على وجه يتميز به كل واحد منهم لمن يعرفه ، فيكتب تحت اسمه هو عدل مقبول الشهادة ، والعلانية بأن يجمع القاضي بين المزكي والشاهد ويقول هذا الذي زكيته يعني سرا ، ولم يكتف هنا بظاهر العدالة اتفاقا ، بأن يقال هو مسلم ليس بظاهر الفسق احتيالا للدرء ، بخلاف سائر الحقوق عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام .
قالوا : ويحبسه هنا حتى يسأل عن الشهود بطريق التعزير ، بخلاف الديون فإنه لا يحبس فيها قبل ظهور العدالة ، وتمامه في البحر .
واعترضه بأنه يلزم الجمع بين الحد والتعزير . قلت : وفيه نظر ; لأنه بهذه الشهادة صار متهما ، والمتهم يعزر والحد لم يثبت بعد ، على أنه لا مانع من اجتماعهما بدليل ما يأتي من أنه لا يجمع بين جلد ونفي إلا سياسة وتعزيرا فتدبر ( قوله إذا لم يعلم بحالهم ) أما لو علم عدالتهم لا يلزمه السؤال ; لأن علمه أقوى من الحاصل له من المزكي ، ولولا إهدار الشرع إقامة الحد بعلمه لكان يحده بعلمه كما في الفتح ، قيل والاكتفاء بعلمه هنا مبني على أنه يقضى بعلمه وهو بخلاف المفتى به .
قال ط : وفيه أن القضاء هنا بالشهادة لا بعلمه بالعدالة فتأمل ( قوله حكم به ) أي بالحد ، وهذا إذا لم يقر المشهود عليه كما يأتي ( قوله ما لم يكن متهتكا ) من هتك زيد الستر هتكا من باب ضرب : خرقه ، وهتك الله ستر الفاجر فضحه مصباح .
قال في الفتح بعد سوقه الأحاديث الدالة على ندب الستر : وإذا كان الستر مندوبا إليه ينبغي أن تكون الشهادة به خلاف الأولى التي مرجعها إلى كراهة التنزيه ، وهذا يجب أن يكون بالنسبة إلى من لم يعتد ولم يتهتك به وإلا وجب كون الشهادة أولى ; لأن مطلوب الشارع إخلاء الأرض من المعاصي والفواحش ، بخلاف من زنى مرة أو مرارا متسترا متخوفا ا هـ ملخصا .
بقي لو كان أحدهما متهتكا دون الآخر ، وظاهر التعليل المذكور أن الشهادة أولى ; لأن درء المفاسد مقدم تأمل