( وإن غلبوا على أموالنا ) ولو عبدا مؤمنا ( وأحرزوها بدارهم ملكوها ) لا للاستيلاء على مباح ، [ ص: 161 ] لما أن الصحيح من مذهب أهل السنة أن الأصل في الأشياء التوقف ، والإباحة رأي المعتزلة ، بل ; لأن العصمة من جملة الأحكام المشروعة وهم لم يخاطبوا بها فبقي في حقهم مالا غير معصوم فيملكونه كما حققه صاحب المجمع في شرحه ويفترض علينا اتباعهم فإن أسلموا تقرر ملكهم
( قوله ولو عبدا مؤمنا ) وكذا الكافر بالأولى وكان الأولى التعبير بالقن ليخرج المدبر ، والمكاتب ، وأم الولد فإنهم لا يملكونهم كما سيذكره المصنف ومثل العبد الأمة كما في الدرر .
( قوله وأحرزوها بدارهم ) ويلحق بها البحر الملح ونحوه كمفازة ليس وراءها بلاد إسلام ، نقله بعضهم عنالحموي وفي حاشية أبي السعود عن شرح النظم الهاملي سطح البحر له حكم دار الحرب ا هـ وفي الشرنبلالية قبيل باب العشر : سئل قارئ الهداية عن البحر الملح أمن دار الحرب ، أو الإسلام أجاب : أنه ليس من أحد القبيلين ; لأنه لا قهر لأحد عليه ا هـ قال في الدر المنتقى هناك : لكن قدمنا في باب نكاح الكافر أن البحر الملح ملحق بدار الحرب ( قوله ملكوها ) هو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد أيضا فيحل الأكل والوطء لمن اشتراه منهم كما في الفتح لقوله تعالى - { للفقراء المهاجرين } - سماهم فقراء فدل على أن الكفار ملكوا أموالهم التي هاجروا عنها ، ومن لا يصل إلى ماله ليس فقيرا ، بل هو ابن سبيل ولذا عطفوا عليهم في آية الصدقات وهذا مؤيد لما ورد من طرق كثيرة ، وإن كانت ضعيفة تفيد هذا الحكم بلا شك ، كما أوضحه وأطال في تحقيقه ابن الهمام ( قوله لا للاستيلاء إلخ ) رد على الهداية حيث ذكر أن عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا يملكونها ; لأن الاستيلاء محظور فلا يفيد الملك ، [ ص: 161 ] ولنا أن الاستيلاء ورد على مال مباح ; لأن العصمة في المال إنما ثبتت على منافاة الدليل ، وهو قوله تعالى { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } - فإنه يقتضي إباحة الأموال وعدم العصمة لكنها ثبتت لضرورة تمكن المالك من الانتفاع ، فإذا زالت المكنة بالاستيلاء وتباين الدارين عاد مباحا كما كان ا هـ موضحا من العناية والفتح .
مطلب في أن الأصل في الأشياء الإباحة ( قوله لما أن الصحيح إلخ ) حاصله أن هذا التعليل المار عن الهداية مبني على أن الأصل في الأشياء الإباحة وهو رأي المعتزلة ، والصحيح من مذهب أهل السنة أن الأصل فيها الوقف حتى يرد الشرع ، بل الوجه أن العصمة ثابتة بخطاب الشرع عندنا ، فلم تظهر العصمة في حقهم ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي هم مخاطبون بالشرائع ، فظهرت العصمة في حقهم فلا يملكونها بالاستيلاء هذا حاصل ما في المنبع شرح المجمع . أقول : وفيه نظر من وجوه . الأول : أن ما مر عن الهداية ليس مبنيا على أن الأصل الإباحة ; لأن الخلاف المذكور فيه إنما هو قبل ورود الشرع ، وصاحب الهداية إنما أثبت الإباحة بعد ورود الشرع بمقتضى الدليل يعني أن مقتضى الدليل إباحتها ، لكن ثبتت العصمة بعارض ، وقد صرح بذلك في أصول البزدوي حيث قال بعد ورود الشرع الأموال على الإباحة بالإجماع ما لم يظهر دليل الحرمة ; لأن الله تعالى أباحها بقوله - { خلق لكم ما في الأرض جميعا } - .
الثاني : أن الكفار مخاطبون بالإيمان وبالعقوبات سوى حد الشرب وبالمعاملات ، وإنما الخلاف في العبادات كما قدمناه أوائل الجهاد . الثالث : أن قوله فلم تظهر العصمة في حقهم أي هو مباح لهم ففيه رجوع إلى القول بالإباحة كما أفاده ط . الرابع : أن نسبة الإباحة إلى المعتزلة مخالف لما في كتب الأصول ، ففي تحرير ابن الهمام المختار الإباحة عند جمهور الحنفية والشافعية ا هـ وفي شرح أصول البزدوي للعلامة الأكمل قال أكثر أصحابنا وأكثر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إن الأشياء التي يجوز أن يرد الشرع بإباحتها وحرمتها قبل وروده على الإباحة ، وهي الأصل فيها حتى أبيح لمن لم يبلغه الشرع أن يأكل ما شاء وإليه أشار nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الإكراه حيث قال : أكل الميتة وشرب الخمر لم يحرما إلا بالنهي ، فجعل الإباحة أصلا والحرمة بعارض النهي ، وهو قول الجبائي nindex.php?page=showalam&ids=12187وأبي هاشم وأصحاب الظاهر . وقال بعض أصحابنا وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومعتزلة بغداد : إنها على الحظر وقالت الأشعرية وعامة أهل الحديث : إنها على الوقف حتى أن من لم يبلغه الشرع يتوقف ولا يتناول شيئا فإن تناول لم يوصف فعله بحل ولا حرمة وقال nindex.php?page=showalam&ids=16392عبد القاهر البغدادي تفسيره لا يستحق ثوابا ولا عقابا وإليه مال الشيخ أبو منصور ا هـ وبسط أدلة الأقوال فيه ( قوله ويفترض علينا اتباعهم ) أي لاستنقاذ أموالنا ما داموا في دار الإسلام ; فإن دخلوا دار الحرب لا يفترض ; والأولى الاتباع بخلاف الذراري يفترض اتباعهم مطلقا بحر عن المحيط وقوله مطلقا أي ، وإن دخلوا دار الحرب لكن ما لم يبلغوا حصونهم كما قدمناه أول الجهاد عن الذخيرة ( قوله فإن أسلموا تقرر ملكهم ) أي لا سبيل لأربابها عليها بحر عن شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ; وعبر الشارح بالتقرر ; لأن ملكهم بعد الإحراز [ ص: 162 ] قبل الإسلام ، على شرف الزوال إذا غلبنا عليهم وبهذا التعبير صح ذكر هذه المسألة في شرح قوله ، وإن غلبوا على أموالنا إلخ ، ليفيد أن قوله ملكوها أي ملكا على شرف الزوال ، وإلا كان المناسب ذكرها عند قوله وملكنا ما نجده من ذلك إلخ بأن يقول إلا إن كانوا أسلموا لتقرر ملكهم تأمل