( قوله : لا يملك الإجارة ) لأنه يملك المنافع بلا بدل فلم يملك تمليكها ببدل وهو الإجارة وإلا لملك أكثر مما يملك بخلاف الإعارة ط ( قوله : ولا الدعوى لو غصب منه الوقف ) ظاهره أنه لا يملك دعوى العين فقط ، مع أن دعوى الغلة كذلك ففي جامع الفصولين : ادعى الموقوف عليه أنه وقف عليه لو ادعاه بإذن القاضي يصح وفاقا ، وبغير إذنه ففيه روايتان والأصح : أنه لا يصح لأن له حقا في الغلة لا غير ، فلا يكون خصما في شيء آخر ولو كان الموقوف عليه جماعة فادعى أحدهم أنه وقف بغير إذن القاضي لا يصح رواية واحدة ، ومستحق غلة الوقف لا يملك دعوى غلة الوقف وإنما يملكه المتولي ا هـ مطلب في دعوى الموقوف عليه
فأفاد أن دعوى الموقوف عليه في الغلة كدعوى عين الوقف ، لسكن تعليله للأصح بأن له حقا في الغلة لا غير يفيد صحة دعواه بها ، وقد يجاب بأن عدم سماع دعواه في الغلة إذا كان الموقوف عليهم جماعة بخلاف ما إذ كان واحدا وادعى بها لأنه يريد إثبات حقه فقط ، ويؤيده قوله بعد : ما مر ، ولو كان الوقف على رجل معين قيل [ ص: 406 ] يجوز أن يكون هو المتولي بغير إطلاق القاضي إذ الحق لا يعدوه ، ويفتى بأنه لا يصح لأن حقه أخذ الغلة لا التصرف في الوقف ا هـ فإذا كان حقه أخذ الغلة وغصبها غاصب ، ينبغي أن لا يتردد في سماع دعواه عليه ليصل إلى حقه وفي فتاوى الحانوتي : والحق أن الوقف إذا كان على معين تصح الدعوى منه ، وظاهر سماعها على عين الوقف أيضا ولذا قال في نور العين إن الغلة نماء الوقف فبزوال الوقف تزول الغلة فيصير كأن الموقوف عليه ادعى شطر حقه فينبغي أن تكون رواية الصحة هي الأصح . ا هـ . واستشهد في البزازية لهذه الرواية بعدة مسائل عن الخصاف .
قلت : وبقي ما لو ادعى رجل على المتولي بأنه من الموقوف عليهم ، وأن له حقا في غلة الوقف أو بأن حقه فيها كذا أكثر مما كان يعطيه ، وينبغي عدم التردد أيضا في سماعها لأنه يزيد مجرد إثبات حقه ، ويؤيده ما في الإسعاف لو منع الواقف أهل الوقف ما سمي لهم فطالبوه به ألزمه القاضي بدفع ما في يده من غلته ا هـ وكذا ما سيذكره الشارح بعد صفحة عن المصنف والخانية وذكر في البزازية في الفصل السادس من الوقف عدة مسائل من هذا القبيل منها : دعواه أنه من فقراء القرابة فراجعه ، وسيذكر المصنف أن بعض المستحقين ينتصب خصما عن الكل إذا كان أصل الوقف ثابتا وهو صريح في صحة دعوى أحد الموقوف عليهم ، ولم يقيدوه بإذن القاضي فيحمل ما مر من عدم سماعها رواية واحدة على ما إذا لم يكن أصل الوقف ثابتا ، وهذا مؤيد لما قلناه من صحة دعواه على المتولي بأنه من الموقوف عليهم أو باستحقاقه فتأمل هذا
واعلم : أن عدم ملكه الدعوى في عين الوقف لا ينافي قبول الشهادة لأنها تقبل حسبة وإن لم تصح الدعوى كما سيذكره المصنف قريبا ويأتي بيانه بل سيأتي متنا أنه لو باع دارا ثم ادعى أني كنت وقفتها أو قال وقف علي لم يصح ولو أقام بينة قبلت ويأتي تمام الكلام عليه . مطلب إذا كان الوقف على معين قيل يجوز أن يكون هو المتولي
( قوله : إلا بتولية ) أي بأن يكون متوليا من قبل أو ينصبه القاضي متوليا ليسمع دعواه كما في البزازية وفيها أيضا أنه تصح دعوى الواقف ( قوله : أو إذن قاض ) بالدعوى والإيجار ( قوله : ولو وقف على رجل معين إلخ ) هذا في الدعوى وقد علمت بيانه وأما في الإيجار ، فلم يذكره في العمادية على هذا الوجه ، بل قال : الموقوف عليهم لم يملكوا إجارة الوقف ، وقال الفقيه أبو جعفر : لو كان الأجر كله للموقوف عليه ، بأن كان لا يحتاج إلى العمارة ، ولا شريك معه في الغلة ، فحينئذ يجوز في الدور والحوانيت ، وأما الأراضي فإن شرط الواقف تقديم العشر والخراج وسائر المؤن ، وجعل للموقوف عليه الفاضل لم يكن له أن يؤجرها لأنه لو جاز كان كل الأجر له بحكم العقد ، فيفوت شرط الواقف ، ولو لم يشترط يجب أن يجوز ويكون الخراج والمؤن عليه ا هـ ونحوه في الإسعاف . [ ص: 407 ] مطلب في إيجار الموقوف عليه إذا كان معينا
فقد علم صحة إيجار الوقوف عليه إذا كان معينا بهذه الشروط ، ويشترط أيضا أن يؤجر بأجرة المثل وإلا لم يصح كما مر عن قارئ الهداية
قلت : وينبغي عدم التردد في مدة إيجاره إذا شرط الواقف التولية ، والنظر للموقوف عليهم ، أو للأرشد منهم وكان هو الأرشد أو لم يوجد غيره لأنه حينئذ يكون منصوب الواقف ( قوله : وهل يملك السكنى إلخ ) قدمنا بيان ذلك عند قول المتن ولو أبى أو عجز عمر الحاكم بأجرتها