مطلب في شروط التخلية وحاصله : أن التخلية قبض حكما لو مع القدرة عليه بلا كلفة لكن ذلك يختلف بحسب حال المبيع ، ففي نحو حنطة في بيت مثلا فدفع المفتاح إذا أمكنه الفتح بلا كلفة قبض ، وفي نحو دار فالقدرة على إغلاقها قبض أي بأن يكون في البلد فيما يظهر ، وفي نحو بقر في مرعى فكونه بحيث يرى ويشار إليه قبض وفي نحو ثوب ، فكونه بحيث لو مد يده تصل إليه قبض ، وفي نحو فرس أو طير في بيت إمكان أخذه منه بلا معين قبض . ( قوله : بلا مانع ) بأن يكون مفرزا غير مشغول بحق غيره ، فلو كان المبيع شاغلا كالحنطة في جوالق البائع لم يمنعه بحر . وفي الملتقط : ولو باع دارا وسلمها إلى المشتري وله فيها متاع قليل أو كثير لا يكون تسليما حتى يسلمها فارغة ، وكذا لو باع أرضا وفيها زرع . ا هـ . وفي البحر عن القنية : لو باع حنطة في سنبلها فسلمها كذلك لم يصح كقطن في فراش ، ويصح تسليم ثمار الأشجار وهي عليها بالتخلية وإن كانت متصلة بملك البائع ، وعن الوبري المتاع لغير البائع لا يمنع ، فلو أذن له بقبض المتاع والبيت صح وصار المتاع وديعة عنده . ا هـ .
مطلب اشترى دارا مأجورة لا يطالب بالثمن قبل قبضها قلت : ويدخل في الشغل بحق الغير ما لو كانت الدار مأجورة ، فليس للبائع مطالبة المشتري بالثمن لعدم القبض وهي واقعة الفتوى سئل عنها ورأيت نقلها في الفصل الثاني والثلاثين من جامع الفصولين : باع المستأجر ورضي المشتري أن لا يفسخ الشراء إلى مضي مدة الإجارة ثم يقبضه من البائع ، فليس له مطالبة البائع بالتسليم قبل مضيها ولا للبائع مطالبة المشتري بالثمن ما لم يجعل المبيع بمحل التسليم ، وكذا لو اشترى غائبا لا يطالبه بثمنه ما لم يتهيأ المبيع للتسليم ا هـ . ( قوله : ولا حائل ) بأن يكون في حضرته . ا هـ . ح وقد علمت بيانه . ( قوله : أن يقول خليت إلخ ) الظاهر أن المراد به الإذن بالقبض لا خصوص لفظ التخلية ، لما في البحر ولو قال : البائع للمشتري بعد البيع : خذ لا يكون قبضا ولو قال : خذه يكون تخلية إذا كان يصل إلى أخذه . ا هـ . وفي الفروع المارة ما يدل عليه أيضا . ( قوله : أو كان بعيدا ) أي وإن قال : خليت إلخ كما مر والمراد بالبعيد ما لا يقدر على قبضه ، بلا كلفة ، ويختلف باختلاف المبيع كما قررناه ، أو المراد به حقيقته ويقاس عليه ما شابهه .
( قوله : وهو لا يصح به القبض ) أي الإقرار المذكور ولا يتحقق به القبض وقيد بالقبض ; لأن العقد في ذاته صحيح ، غير أنه لا يجب على المشتري دفع الثمن لعدم القبض . ( قوله : على الصحيح ) وهو ظاهر الرواية ، ومقابله ما في المحيط وجامع شمس الأئمة أنه بالتخلية يصح القبض وإن كان العقار بعيدا غائبا عنهما عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة خلافا لهما ، وهو ضعيف كما في البحر وفي الخانية والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية لأنه إذا كان قريبا يتصور فيه القبض الحقيقي في الحال فتقام التخلية مقام القبض ، أما إذا كان [ ص: 563 ] بعيدا لا يتصور القبض في الحال فلا تقام التخلية مقام القبض . ا هـ . هذا ثم إن ما ذكره الشارح هنا نقل مثله في أواخر الإجارات عن وقف الأشباه . ثم قال : قلت : لكن نقل محشيها ابن المصنف في زواهر الجواهر عن بيوع فتاوى قارئ الهداية أنه متى مضى مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها كان قابضا وإلا فلا فتنبه . ا هـ . قلت : لكن أنت خبير بأن هذا مخالف للروايتين ، ولا يمكن التوفيق بحمل ظاهر الرواية عليه ; لأن المعتبر فيها القرب الذي يتصور معه حقيقة القبض كما علمته من كلام الخانية .
( قوله : وكذا الهبة والصدقة ) أي لا تكون تخلية البعيد فيهما قبضا قال : في البحر : وعلى هذا تخلية البعيد في الإجارة غير صحيحة فكذا الإقرار بتسليمها . ا هـ . قلت : ومفاده أن تخلية القريب في الهبة قبض ، لكن هذا في غير الفاسدة كما في الخانية حيث قال : أجمعوا على أن التخلية في البيع الجائز تكون قبضا وفي البيع الفاسد روايتان والصحيح أنه قبض وفي الهبة الفاسدة - كالهبة في المشاع الذي يحتمل القسمة - لا تكون قبضا باتفاق الروايات . واختلفوا في الهبة الجائزة ذكر الفقيه nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث أنه لا يصير قابضا في قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وذكر شمس الأئمة الحلواني أنه يصير قابضا ولم يذكر فيه خلافا . ا هـ .