( وصح خيار التعيين ) في القيميات لا في المثليات بعدم تفاوتها ولو للبائع في الأصح كافي [ ص: 586 ] لأنه قد يرث قيميا ويقبضه وكيله ولا يعرفه فيبيعه بهذا الشرط فمست الحاجة إليه نهر ( فيما دون الأربعة ) لاندفاع الحاجة بالثلاثة لوجود جيد ورديء ووسط ومدته كخيار الشرط ، ولا يشترط معه خيار شرط في الأصح فتح
مطلب في خيار التعيين . ( قوله : وصح خيار التعيين ) أي بأن يقع البيع على واحد لا بعينه ، بخلاف المسألة السابقة فليست من خيار التعيين لوقوع البيع فيها على العبدين . وأما قول الهداية هنا من اشترى ثوبين فالمراد أحد ثوبين ، كما نبه عليه في العناية وغيرها . وفي الفتح المراد أن يشتري أحد ثوبين أو ثلاثة غير معين على أن يأخذ أيهما شاء على أنه بالخيار ثلاثة أيام فيما يعينه بعد تعيينه المبيع ، أما إذا قال : بعتك عبدا من هذين بمائة ولم يذكر قوله على أنك بالخيار في أيهما شئت لا يجوز اتفاقا كقوله بعتك عبدا من عبيدي ، وإن اشترى أحد أربعة لا يجوز . ا هـ . وقد استفيد من هذه العبارة أمور الأول أن خيار التعيين إنما يكون البيع فيه على واحد من اثنين أو ثلاثة لا بعينه وهو ما قلنا . الثاني أنه لا يكون من واحد من أربعة كما يأتي . الثالث أنه لا بد أن يقول بعد قوله بعتك أحد هذين العبدين على أنك بالخيار في أيهما شئت ، أو على أن تأخذ أيهما شئت ليكون نصا في خيار التعيين .
وقال : في البحر : لأنه لو لم يذكر هذه الزيادة يكون فاسدا لجهالة المبيع ، فإن قبضهما وماتا عنده ضمن نصف قيمة كل واحد منها ، وإن مات أحدهما قبل الآخر لزمه قيمة الآخر كذا في المحيط . ا هـ . الرابع أنه لا بد أيضا من ذكر خيار الشرط ، بأن يقول : على أنك بالخيار ثلاثة أيام أي إذا عين واحدا منها بحكم خيار التعيين يكون له فيه خيار الشرط وهذا الرابع فيه خلاف يأتي . ( قوله : لا في المثليات ) أي التي من جنس واحد بحر . ( قوله : ولو للبائع ) صورته أن يقول المشتري اشتريت منك أحد هذين الثوبين على أن تعطيني أحدهما نهر فله أن يلزم المشتري أيهما [ ص: 586 ] شاء إلا إذا تعيب أحدهما فليس له أن يلزمه المعيب إلا برضاه ، فإذا ألزمه إياه ولم يرض به ليس له أن يلزمه الآخر بعد ذلك ، ولو هلك أحدهما في يده كان له أن يلزمه الباقي ، وأما إذا كان الخيار للمشتري فالمبيع لازم في أحدهما إلا أن يكون معه خيار شرط ، والمبيع مضمون بالثمن وغيره أمانة ، فإذا هلك أحدهما تعين هو مبيعا والآخر أمانة ، ولو هلكا معا ضمن نصف كل ، ولو اختلفا في الهالك أولا فالقول للمشتري بيمينه وبينة البائع أولى ولو تعيبا معه فالخيار بحاله ، ولو متعاقبا تعين الأول مبيعا ، ولو باعهما المشتري ثم اختار أحدهما صح بيعه فيه ، وتمامه في البحر .
( قوله : لأنه قد يرث إلخ ) جواب من صاحب البحر عما أورده في الفتح من أن جواز خيار التعيين للحاجة إلى اختيار ما هو الأوفق والأرفق فيختص بالمشتري ; لأن المبيع كان مع البائع قبل البيع وهو أدرى بما لاءمه منه . ا هـ . واعترض الحموي الجواب بأن ما ذكر من صورة الإرث صورة نادرة والأحكام لا تناط بنادر . قلت : وقد يجاب أيضا بأن الإنسان ما دام المبيع في ملكه لا يتأمل فيما يلائمه وإنما يحتاج إلى التأمل بعد البيع وأيضا كثيرا ما يحتاج إلى رأي غيره فافهم . ( قوله : ومدته كخيار الشرط ) أي ثلاثة أيام ، ظاهر كلام البحر أن هذا مبني على القول بأنه يشترط معه خيار الشرط ، فقد ذكر في البحر أن شمس الأئمة صحح الاشتراط وفخر الإسلام صحح عدمه ورجحه في الفتح ، لكن ذكر قاضي خان أن الاشتراط قول الأكثر ثم قال في البحر : وإذا لم يذكر خيار الشرط على هذا القول فلا بد من تأقيت خيار التعيين بالثلاث عنده وبأي مدة معلومة كانت عندهما ، كذا في الهداية . ا هـ . لكن قوله على هذا القول ليس في الهداية ، والمتبادر من كلام الهداية أن اشتراط التوقيت مبني على ما صححه فخر الإسلام ، ويأتي عن الفتح ما يدل عليه . ثم اعلم أن اشتراط التوقيت نازع فيه الزيلعي فقال : إذا لم يذكر خيار الشرط فلا معنى لتوقيت خيار التعيين بخلاف خيار الشرط فإن التوقيت فيه يفيد لزوم العقد عند مضي المدة ، وفي خيار التعيين لا يمكن ذلك ; لأنه لازم في أحدهما قبل مضي الوقت ، ولا يمكن تعينه بمضي الوقت بدون تعينه فلا فائدة لشرط ذلك . والذي يغلب على الظن أن التوقيت لا يشترط فيه . ا هـ .
وأجاب في الحواشي السعدية بأن له فائدة هي أن يجبر على التعيين بعد مضي الأيام الثلاثة . وأقره في النهر ، وهو معنى قوله في الشرنبلالية بل له فائدة هي دفع ضرر البائع لما يلحقه من مطل المشتري التعيين إذا لم يشترط فيفوت على البائع نفعه وتصرفه فيما يملكه . ا هـ . وأبدى في البحر فائدة أخرى وهي أنه يمكن ارتفاع العقد فيها أي في الثوبين مثلا بمضي المدة من غير تعيين ، بخلاف مضيها في خيار الشرط فإنه إجازة ليكون لكل خيار ما يناسبه . ا هـ .
قلت : لكنه يستند إلى نقل في ذلك ، ولو كان كذلك لما خفي على الزيلعي ( قوله : ولا يشترط معه خيار شرط في الأصح ) غير أنهما إن تراضيا على خيار الشرط فيه ثبت حكمه وهو جواز رد كل من الثوبين إلى ثلاثة أيام ولو بعد تعين الثوب الذي فيه البيع ، ولو رد أحدهما كان بحكم خيار التعيين ، ويثبت في الآخر بخيار الشرط ، ولو مضت الثلاثة قبل رد شيء وتعيينه بطل خيار الشرط وانبرم البيع في أحدهما وعليه أن يعين ، ولو مات المشتري قبل الثلاثة ثم بيع أحدهما وعلى الوارث التعيين ; لأن خيار الشرط لا يورث ، والتعيين ينتقل إلى الوارث ليميز ملكه عن ملك غيره على ما ذكرنا ، وإن لم يتراضيا على خيار الشرط معه لا بد من توقيت خيار التعيين [ ص: 587 ] بالثلاثة عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فتح وتمامه فيه ، وقوله : وإن لم يتراضيا إلخ معطوف على قوله إن تراضيا ، وظاهره أن اشتراط توقيت خيار التعيين مبني على القول بأنه لا يشترط أن يكون مع خيار التعيين خيار الشرط لا على القول بالاشتراط ، خلافا لما يفيده كلام البحر المار وهو ظاهر ; لأن خيار الشرط موقت فلا حاجة إلى توقيت التعيين أيضا .