صفحة جزء
( والبخر ) نتن الفم ( والدفر ) نتن الإبط ، وكذا نتن الأنف بزازية ( والزنا والتولد منه ) كلها عيب ( فيها ) لا فيه ولو أمرد في الأصح خلاصة ( إلا أن يفحش الأولان فيه ) بحيث يمنع القرب من المولى ( أو يكون الزنا عادة له ) بأن يتكرر أكثر من مرتين ، واللواطة بها عيب مطلقا ، وبه إن مجانا ; لأنه دليل الأبنة ، وإن بأجر لا قنية . وفيها : شرى حمارا تعلوه الحمر إن طاوع فعيب وإلا لا ، وأما التخنث بلين صوت وتكسر مشي فإن كثر رد ، لا إن قل بزازية ( والكفر ) بأقسامه وكذا الرفض والاعتزال بحر بحثا [ ص: 12 ] عيب ( فيهما ) ولو المشتري ذميا سراج ( وعدم الحيض ) لبنت سبعة عشر وعندهما خمسة عشر ، ويعرف بقولها إذا انضم إليه نكول البائع قبل القبض وبعده هو الصحيح ملتقى . [ ص: 13 ] ولا تسمع في أقل من ثلاثة أشهر عند الثاني [ ص: 14 ]


( قوله والبخر ) بالموحدة المفتوحة والخاء المعجمة من حد تعب . أما بالجيم فانتفاخ ما تحت السرة ، وهو عيب في الغلام أيضا . وفي الفتح : البخر الذي هو العيب الناشئ من تغير المعدة دون ما يكون لقلح في الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيفها . ا هـ نهر : والقلح بالقاف والحاء المهملة محركا : صفرة الأسنان كما في القاموس ، وهذا أولى مما قيل إنه بالفاء والجيم : وهو تباعد ما بين الأسنان ( قوله والدفر ) بفتح الدال المهملة والفاء وسكونها أيضا ، أما بالذال المعجمة فبفتح الفاء لا غير ، وهو حدة من طيب أو نتن . قال في العناية : منه قولهم مسك أذفر وإبط ذفر ، وهو مراد الفقهاء من قولهم : الذفر عيب في الجارية . ا هـ وأصله في المغرب إلا أن كونه مراد الفقهاء لا غير فيه نظر ، إذ لا يشترط في كونه عيبا شدته ، فالأولى كونه بالمهملة فتدبر نهر ( قوله وكذا نتن الأنف ) الظاهر أنه يقال فيه ذفر بالمعجمة ونتن ريح الإبط بها نهر ( قوله كلها عيب فيها لا فيه ) أي في الجارية لا في الغلام ; لأن الجارية قد يراد منها الاستفراش ، وهذه المعاني تمنع منه بخلاف الغلام ; لأنه للاستخدام ، وكذا التولد من الزنا ; لأن الولد يعير بالأم التي هي ولد الزنا كما في العزمية عن المعراج ( قوله خلاصة ) نص عبارتها : والأصح أن الأمرد وغيره سواء . ا هـ ، وبه سقط ما في حاشيةنوح أفندي والواني أنه في الخلاصة جعل البخر في الغلام الأمرد عيبا فتدبر .

( قوله بأن يتكرر ) ; لأن اتباعهن مخل بالخدمة درر ( قوله واللواطة بها ) أي بالمرأة بأن كانت تطلب من الناس ذلك ( قوله عيب مطلقا ) أي مجانا أو بأجرة ; لأنه يفسد الفراش بحر ( قوله وبه إن مجانا ) الظاهر تقييده بما إذا تكرر ( قوله ; لأنه دليل الأبنة ) في القاموس : الأبنة بالضم العقدة في العود ، والعيب . ا هـ والمراد هنا عيب خاص ، وهو داء في الدبر تنفعه اللواطة ( قوله والكفر ) ; لأن طبع المسلم ينفر عن صحبته ولأنه يمنع صرفه في بعض الكفارات فتختل الرغبة ، فلو اشتراه على أنه كافر فوجده مسلما لا يرد ; لأنه زوال العيب هداية . زاد في الشرنبلالية : أي ولو كان المشتري كافرا ذكره في المنبع شرح المجمع والسراج الوهاج كذا بخط العلامة الشيخ علي المقدسي . ا هـ أي ; لأن الإسلام خير محض وإن شرط المشتري الكافر عدمه ( قوله بحر بحثا ) حيث قال : ولم أر ما لو وجده خارجا عن مذهب السنة كالمعتزلي والرافضي ، وينبغي أن يكون كالكافر ، ; لأن السني ينفر عن صحبته وربما قتله الرافضي ; لأن الرافضة يستحلون قتلنا . ا هـ . وأنت خبير بأن الصحيح في المعتزلة والرافضة وغيرهم من المبتدعة أنه لا يحكم بكفرهم وإن سبوا الصحابة أو استحلوا قتلنا بشبهة دليل كالخوارج الذين استحلوا قتل الصحابة ، بخلاف الغلاة منهم كالقائلين بالنبوة لعلي والقاذفين للصديقة فإنه ليس لهم شبهة دليل فهم كفار كالفلاسفة كما بسطناه في كتابنا [ تنبيه الولاة والحكام على حكم شاتم خير الأنام ] وقدمنا بعضه في باب الردة . وبه ظهر أن مراد البحر غير الكافر منهم ولذا شبهه بالكافر ، وبه سقط اعتراض [ ص: 12 ] النهر بأن الرافضي الساب للشيخين داخل في الكافر ، وكذا ما أجاب به بعضهم من أن مراد البحر المفضل لا الساب فافهم .

( قوله عيب فيهما ) أي في الجارية والغلام ( قوله ولو المشتري ذميا سراج ) عبارة السراج على ما في البحر الكفر عيب ، ولو اشتراها مسلم أو ذمي . قال البحر : وهو غريب في الذمي . ا هـ وكذا قال في النهر : ولم أره في كلام غير السراج ، كيف ولا نفع للذمي بالمسلم ; لأنه يجبر على إخراجه عن ملكه . ا هـ يعني أنه لو ظهر مشري الذمي مسلما ليس له الرد كما قدمناه مع أنه لا يمكن من إبقائه على ملكه فإذا ظهر كافرا يكون عدم الرد بالأولى ; لأنه يبقى على ملكه فهو أنفع له من المسلم فكيف يكون كفره عيبا في حق الذمي دون إسلامه ، وهذا تقرير كلامه فافهم . وقد يجاب بأن الإسلام نفع محض شرعا وعقلا فلا يكون عيبا في حق أحد أصلا ، بخلاف الكفر فإنه أقبح العيوب شرعا وعقلا فهو عيب محض في حق الكل ، ولذا قال المصنف في المنح بعدما مر عن البحر :

أقول : ليس بغريب ، لما علم أن العيب ما ينقص الثمن عند التجار ، ولا شك أن الكفر بهذه المثابة ; لأن المسلم ينفر عنه وغيره لا يرغب في شرائه لعدم الرغبة فيه من الكل وهو أقبح العيوب ; لأن المسلم ينفر عن صحبته ولا يصلح للإعتاق في بعض الكفارات فتختل الرغبة . ا هـ .

قلت : ويؤيده أنها لو ظهرت مغنية له الرد مع أن بعض الفسقة يرغب فيها ويزيد في ثمنها ; لأنه عيب شرعا ، وكذا لو ظهر الأمرد أبخر ليس له الرد مع أنه عيب عند بعض الفسقة ، لكنه ليس بعيب شرعا ، ; لأنه لا يخل بالاستخدام وإن أخل بغرض المشتري الفاسق ، نعم يشكل عليه ما في الخانية : يهودي باع يهوديا زيتا وقعت فيه قطرات خمر جاز البيع ، وليس له الرد ; لأن هذا ليس بعيب عندهم . ا هـ تأمل ( قوله وعدم الحيض ) ; لأن ارتفاع الدم واستمراره علامة الداء ; لأن الحيض مركب في بنات آدم ، فإذا لم تحض فالظاهر أنه لداء فيها وذلك الداء هو العيب ، وكذا الاستحاضة لداء فيها زيلعي ( قوله وعندهما خمسة عشر ) وبقولهما يفتى ط فانقطاع الحيض لا يكون عيبا إلا إذا كان في أوانه ، أما انقطاعه في سن الصغر أو الإياس فلا اتفاقا كما في البحر عن المعراج . قال في النهر : ويجب أن يكون معناه إذا اشتراها عالما بذلك . وفي المحيط : اشتراها على أنها تحيض فوجدها لا تحيض إن تصادقا على أنها لا تحيض بسبب الإياس فله الرد ; لأنه عيب ; لأنه اشتراها للحبل والآيسة لا تحبل . ا هـ .

قلت : ما في المحيط ظاهر ; لأنه حيث اشترط حيضها كان فوات الوصف المرغوب أما إذا لم يشترطه فالظاهر أنها لا ترد ; لما قدمناه عن البزازية : لو وجد الدابة كبيرة السن لا ترد إلا إذا شرط صغرها فتدبر . وفي القنية : وجدها تحيض كل ستة أشهر مرة فله الرد ( قوله ويعرف بقولها إلخ ) قال في الهداية : ويعرف ذلك بقول الأمة فترد إذا انضم إليه نكول البائع قبل القبض وبعده هو الصحيح . ا هـ ومثله في متن الملتقى . وذكر الزيلعي تبعا للنهاية وغيرها من شروح الهداية أنه لا تسمع دعواه بأنه ارتفع حيضها إلا إذا ذكر سببه وهو الداء أو الحبل فما لم يذكر أحدهما لا تسمع دعواه ، ويعرف ذلك بقول الأمة ; لأنه لا يعرفه غيرها ويستحلف البائع مع ذلك فترد بنكوله لو بعد القبض ، وكذا قبله في الصحيح .

وعن أبي يوسف ترد بلا يمين البائع . قالوا في ظاهر الرواية : لا يقبل قول الأمة فيه كما في الكافي ، والمرجع في الحبل إلى قول النساء ، وفي الداء إلى قول الأطباء ، واشترط لثبوت [ ص: 13 ] العيب قول عدلين منهم . ا هـ ملخصا واعترضهم في الفتح بأن اشتراط ذكر السبب مناف لتقرير الهداية بأنه يعرف بقول الأمة ، وكذا قال العتابي وغيره ، وهو الذي يجب أن يعول عليه إذ لو لزم دعوى الداء أو الحبل لم يتصور أن يثبت بقولها توجه اليمين على البائع ، بل لا يرجع إلا إلى قول الأطباء أو النساء ، ولذا لم يتعرض له فقيه النفس قاضي خان . فظهر أن اشتراطه قول مشايخ آخرين يغلب على الظن خطؤهم ا هـ ملخصا . واعتراضه في البحر بأن قاضي خان صرح أولا بالاشتراط نقلا عن الإمام ابن الفضل ، ثم نقل عنه أيضا بعد صفحة ما عزاه صاحب الفتح إلى الخانية : ولا منافاة بين قولهم يعتبر قول الأمة وقولهم والمرجع إلى النساء في الحبل وإلى الأطباء في الداء ; لأن الأول إنما هو لأجل انقطاع الدم لتتوجه الخصومة إلى البائع ، فإذا توجهت إليه بقولها وعين المشتري أنه عن حبل رجعنا إلى النساء العالمات بالحبل لتتوجه اليمين على البائع ، وإن عين أنه عن داء رجعنا إلى قول الأطباء كذلك كما لا يخفى ا هـ لكن قال في النهر : ورأيت في المحيط أن اشتراط ذكر السبب رواية النوادر ، وعليه يحمل ما في الخانية . ا هـ .

ومقتضاه تعيين الرجوع إلى قول الأمة لكن ينافيه ما مر من قوله قالوا ظاهر الرواية أنه لا يقبل قولها فيه ، إلا أن يقال إن لفظ قالوا يشير إلى الضعف ونقل العلامة المقدسي عن الرئيس الشيخ قاسم أنه ذكر عبارتي الخانية وقال إن الثانية أي التي اقتصر عليها في الفتح أوجه .

قلت : وهذا ترجيح منه لما اختاره في الفتح وإليه يشير كلام النهر أيضا .

[ تنبيه ] في صفة الخصومة في ذلك . أما على ما ذكره الشراح فهي أنه بعد بيان السبب والرجوع إلى النساء أو الأطباء ومضي المدة الآتي بيانها يسأل القاضي البائع ، فإن صدق المشتري ردها عليه ، وإن قال هي كذلك للحال ، وما كانت كذلك عندي توجهت الخصومة على البائع لتصادقهما على قيامه للحال فللمشتري تحليفه ، فإن حلف برئ وإلا ردت عليه ، وإن أنكر الانقطاع للحال لا يستحلف عنده ، وعندهما يستحلف . قال في النهاية : ويجب كونه على العلم بالله ما يعلم انقطاعه عند المشتري وتعقبه في الفتح بأنه لو حلف كذلك لا يكون إلا بارا ، إذ من أين يعلم أنها لم تحض عند المشتري . ا هـ . وأما صفتها على ما صححه في الفتح فقال بأن يدعي الانقطاع للحال ووجوده عند البائع ، فإن اعترف البائع به ردت عليه ، وإن اعترف به للحال وأنكر وجوده عنده استخبرت الجارية ، فإن ذكرت أنها منقطعة ، اتجهت الخصومة فيحلفه بالله ما وجد عنده ، فإن اعترف البائع به ردت عليه ، وإن اعترف بوجوده عنده وأنكر الانقطاع للحال فاستخبرت فأنكرت الانقطاع لا يستحلف عنده ، وعندهما يستحلف . ا هـ ( قوله ولا تسمع في أقل من ثلاثه أشهر عند الثاني ) اعلم أن الزيلعي ذكر هنا أيضا تبعا لشراح الهداية أنه لو ادعى انقطاعه في مدة قصيرة لا تسمع دعواه ، وفي المديدة تسمع ، وأقلها ثلاثه أشهر عند أبو يوسف ، وأربعة أشهر وعشر عند محمد . وعن أبي حنيفة وزفر أنها سنتان . ا هـ ، وفي رواية تسمع دعوى الحبل بعد شهرين وخمسة أيام ، وعليه عمل الناس بزازية وغيرها . وذكر في البحر أن ابتداء المدة من وقت الشراء . ورجح في الفتح ما في الخانية من تقديرها بشهر . ورد عليه في البحر بأنه خبط عجيب وغلط فاحش ; لأنه لا اعتبار بما في الخانية مع صريح النقل عن أئمتنا الثلاثة ، وأقره في النهر .

قلت : وهو مدفوع ، فقد قال في الذخيرة : أما إذا ادعى المشتري انقطاع حيضها وأراد ردها بهذا السبب لا يوجد لهذا رواية في المشاهير ، ثم قال بعد كلام : ويحتاج بعد هذا إلى بيان الحد الفاصل بين المدة اليسيرة والكثيرة قالوا : ويجب أن يكون هذا كمسألة مدة الاستبراء إذا انقطع الحيض ، والروايات فيها مختلفة ثم ذكر الروايات [ ص: 14 ] السابقة فعلم أن ما ذكروه هنا من المدة إنما ذكروه بطريق القياس على مسألة استبراء ممتدة الطهر ، وقد نبه على ذلك المحقق صاحب الفتح ، ورد القياس بإبداء الفارق بين المسألتين فإنه نقل ما في الخانية من تقدير المدة بشهر ثم قال : وينبغي أن يعول عليه ، وما تقدم هو خلاف بينهم في استبراء ممتدة الطهر ، والروايات هناك تستدعي ذلك الاعتبار ، فإن الوطء ممنوع شرعا إلى الحيض لاحتمال الحبل فيكون ماؤه ساقيا زرع غيره ، فقدره أبو حنيفة وزفر بسنتين ; لأنه أكثر مدة الحمل وهو أقيس وقدره محمد وأبو حنيفة في رواية بعدة الوفاة ; لأنه يظهر فيها الحبل غالبا وأبو يوسف بثلاثه أشهر ; لأنها عدة من لا تحيض وفي رواية عن محمد : شهران وخمسة أيام وعليه الفتوى ، والحكم هنا ليس إلا كون الامتداد عيبا فلا يتجه إناطته بسنتين أو غيرهما من المدد ، ا هـ ملخصا فقد ظهر لك أنه لا يصح في مسألتنا دعوى النقل عن أئمتنا الثلاثة ; لأن المنقول عنهم ذلك إنما هو في مسألة الاستبراء المذكورة أما مسألة العيب فلا ذكر لها في المشاهير ، وإنما اختلف المشايخ فيها قياسا على مسألة الاستبراء والإمام فقيه النفس قاضي خان اختار تقدير المدة بشهر لتتوجه الخصومة بالعيب المذكور ; لأنه يظهر للقوابل أو للأطباء في شهر فلا حاجة إلى الأكثر ، ورجحه خاتمة المحققين وهو من أهل الترجيح ، فالقول بأنه خبط عجيب هو العجيب ، فاغتنم هذا التحقيق ، والله تعالى ولي التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية