( بطل بيع ما ليس بمال ) والمال ما يميل إليه الطبع ويجري فيه البذل والمنع درر ، [ ص: 51 ] فخرج التراب ونحوه ( كالدم ) المسفوح فجاز بيع كبد وطحال ( والميتة ) سوى سمك وجراد ، ولا فرق في حق المسلم بين التي ماتت حتف أنفها أو بخنق ونحوه [ ص: 52 ] ( والحر والبيع به ) أي جعله ثمنا بإدخال الباء عليه ; لأن ركن البيع مبادلة المال بالمال ولم يوجد .
( قوله بطل بيع ما ليس بمال ) أي ما ليس بمال في سائر الأديان بقرينة قوله : والبيع به فإن ما يبطل سواء كان مبيعا أو ثمنا ما ليس بمال أصلا بخلاف نحو الخمر فإن بيعه باطل إذا تعين كونه مبيعا ، أما لو أمكن اعتباره ثمنا فبيعه فاسد كما علمته من الضابط المذكور آنفا ; لأن البيع وإن كان مبناه على البدلين لكن الأصل فيه المبيع دون الثمن ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون الثمن ، ولأن الثمن غير مقصود بل هو وسيلة إلى المقصود وهو الانتفاع بالأعيان .
مطلب في تعريف المال ( قوله والمال ) أي من حيث هو لا المذكور قبله ; لأن التعريف المذكور يدخل فيه الخمر فهي مال ، وإن لم تكن متقومة ، ولذا قال بعده : وبطل بيع مال غير متقوم كخمر وخنزير فإن المتقوم هو المال المباح الانتفاع به شرعا ، [ ص: 51 ] وقدمنا أول البيوع تعريف المال بما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة ، وأنه خرج بالادخار ، المنفعة فهي ملك لا مال ; لأن الملك ما من شأنه أن يتصرف فيه بوصف الاختصاص كما في التلويح ، فالأولى ما في الدرر من قوله المال موجود يميل إليه الطبع إلخ فإنه يخرج بالموجود المنفعة فافهم . ولا يرد أن المنفعة تملك بالإجارة ; لأن ذلك تمليك لا بيع حقيقة ، ولذا قالوا : إن الإجارة لا بيع المنافع حكما : أي إن فيها حكم البيع وهو التمليك لا حقيقته ، فاغتنم هذا التحرير
( قوله فخرج التراب ) أي القليل ما دام في محله وإلا فقد يعرض له بالنقل ما يصير به مالا معتبرا ومثله المال ، وخرج أيضا نحو حبة من حنطة والعذرة الخالصة ، بخلاف المخلوطة بتراب ، ولذا جاز بيعها كسرقين كما يأتي ، وخرج أيضا المنفعة على ما ذكرنا آنفا ( قوله والميتة ) بفتح الميم وسكون الياء التي ماتت حتف أنفها لا بسبب ، وبتشديد الياء المكسورة : التي لم تمت حتف أنفها بل بسبب غير الذكاة كالمنخنقة والموقوذة نوح أفندي ، ولم أر هذا الفرق في القاموس ولا في المصباح ولا غيرهما فراجعه ( قوله ولا فرق في حق المسلم إلخ ) أما في حق الذمي فيراد بها الأول ، وأما الثاني فاختلفت عباراتهم فيه ; ففي التجنيس جعله قسما من الصحيح ; لأنهم يدينونه ولم يحك خلافا وجعله في الإيضاح قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف . وعند nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا يجوز ، وجزم في الذخيرة بفساده ، وجعله في البحر من اختلاف الروايتين نهر . وعبارة البحر : وحاصله أن فيما لم يمت حتف أنفه بل بسبب غير الذكاة روايتين بالنسبة إلى الكافر في رواية الجواز ، وفي رواية الفساد ، وأما البطلان فلا ، وأما في حقنا فالكل سواء ا هـ .
وذكر ط أن عدم الفرق في حقنا في المنخنقة مثلا إذا قوبلت بدراهم حتى تعين كونها مبيعا ، أما إذا قوبلت بعين أمكن اعتبارها ثمنا فكان فاسدا بالنظر إلى العوض الآخر ، باطلا بالنظر إليها ، وهذا ما اقتضاه الضابط السابق ا هـ ( قوله التي ماتت حتف أنفها ) الحتف الهلاك يقال : مات حتف أنفه إذا مات بغير ضرب ولا قتل ، ومعناه أن يموت على فراشه فيتنفس حتى ينقضي رمقه ، ولهذا خص الأنف مصباح ( قوله أو بخنق ) مثل كتف ويسكن تخفيفا مصباح .
[ تنبيه ] لم يذكروا حكم دودة القرمز : أما إذا كانت حية فينبغي جريان الخلاف الآتي في دود القز وبزره وبيضه وأما إذا كانت ميتة وهو الغالب فإنها على ما بلغنا تخنق في الكلس أو الخل فمقتضى ما مر بطلان بيعها بالدراهم ; لأنها ميتة . وقد ذكر سيدي عبد الغني النابلسي في رسالة أن بيعها باطل ، وأنه لا يضمن متلفها ; لأنها غير مال قلت : وفيه أنها من أعز الأموال اليوم ، ويصدق عليها تعريف المال المتقدم ويحتاج إليها الناس كثيرا في الصباغ وغيره ، فينبغي جواز بيعها كبيع السرقين والعذرة المختلطة بالتراب كما يأتي مع أن هذه الدودة إن لم يكن لها نفس سائلة تكون ميتتها طاهرة كالذباب والبعوض وإن لم يجز أكلها ، وسيأتي أن جواز البيع يدور مع حل الانتفاع ، وأنه يجوز بيع العلق للحاجة مع أنه من الهوام ، وبيعها باطل .
وكذا بيع الحيات للتداوي : وفي القنية : وبيع غير السمك من دواب البحر لو له ثمن كالسقنقور وجلود الخز ونحوها يجوز وإلا فلا وجمل الماء قيل يجوز حيا لا ميتا nindex.php?page=showalam&ids=14111والحسن [ ص: 52 ] أطلق الجواز ا هـ فتأمل ، ويأتي له مزيد بيان عند الكلام على بيع دود القز والعلق ( قوله والبيع به ) أي بما ليس بمال .