صفحة جزء
( وصح بيع الطريق ) [ ص: 78 ] وفي الشرنبلالية عن الخانية : لا يصح ومن قسمة الوهبانية : وليس لهم قال الإمام تقاسم بدرب ولم ينفذ كذا البيع يذكر وفي معاياتها [ ص: 79 ] وارتضاه في ألغاز الأشباه :     ومالك أرض ليس يملك بيعها
لغير شريك ثم لو منه ينظر ( حد ) أي بين له طول وعرض ( أولا وهبته ) وإن لم يبين يقدر بعرض باب الدار العظمى


مطلب في بيع الطريق ( قوله وصح بيع الطريق ) ذكر في الهداية أنه يحتمل بيع رقبة الطريق وبيع حق المرور ، وفي الثاني روايتان ا هـ . ولما ذكر المصنف الثاني فيما يأتي علم أن مراده هنا الأول . ثم في الدرر عن التتارخانية : الطريق ثلاثة : طريق إلى الطريق الأعظم . وطريق إلى سكة غير نافذة ، وطريق خاص في ملك إنسان فالأخير لا يدخل في البيع بلا ذكره أو ذكر الحقوق أو المرافق ، والأولان يدخلان بلا ذكر . ا هـ ملخصا . وحاصله : لو باع دارا مثلا دخل فيهما الأولان تبعا بلا ذكر بخلاف الثالث .

والظاهر أن المراد هنا هو الثالث ، وقد علمت أيضا أن المراد بيع رقبة الطريق لا حق المرور ; لأن الثاني يأتي في كلام المصنف ، فإذا كانت داره داخل دار رجل وكان له طريق في دار ذلك الرجل إلى داره ، فإما أن يكون له فيها حق المرور فقط ، وإما أن يكون له رقبة الطريق فإذا باع رقبة الطريق صح ، فإن حد فظاهر ، وإلا فله بقدر عرض باب الدار العظمى كما يأتي . والفرق بين هذا الطريق والطريق الثاني وهو ما يكون في سكة غير نافذة أن هذا ملك للبائع وحده ، ولذا سمي خاصا ، بخلاف الثاني فإنه مشترك بين جميع أهل السكة ، وفيه أيضا حق للعامة كما يأتي بيانه قريبا ، وقد اشتبه ذلك [ ص: 78 ] على الشرنبلالي فراجعه يظهر لك ما فيه بعد فهمك ما قررناه ، والحمد لله ( قوله وفي الشرنبلالية عن الخانية لا يصح ) نقل في الشرنبلالية عن الخانية الصحة عن مشايخ بلخ فما هنا بناء عليه . ا هـ ح .

قلت : عبارة الشرنبلالية هكذا : قوله وصح بيع الطريق يخالفه ما قال في الخانية : ولا يجوز بيع مسيل الماء وهبته ، ولا بيع الطريق بدون الأرض وكذلك بيع الشرب . وقال مشايخ بلخ جائز ، ويخالفه أيضا قوله الآتي في رواية الزيادات . ا هـ كلام الشرنبلالية ، والمتبادر من قول الخانية : وقال مشايخ بلخ جائز أن خلافهم في بيع الشرب أي بدون أرض لا في جميع المسائل المذكورة بدليل فصله بقوله : وكذلك إلخ . وقد ذكر في الدرر خلافهم في مسألة الشرب فقط ، ولم أر من ذكر خلافهم في بيع المسيل والطريق فافهم . ثم اعلم أن ما ادعاه في الشرنبلالية من المخالفة غير مسلم ; لأن قول المصنف وصح بيع الطريق مراده به رقبة الطريق بدليل تعليل الدرر بأنه عين معلوم وبدليل ذكره بيع حق المرور بعده وإلا كان تكرارا وقد تابعه المصنف هنا ، ومراد الخانية ببيع الطريق بيع حق المرور بدليل قوله بدون الأرض ، وقوله ويخالفه أيضا إلخ غير مسلم حق المرور لا في بيع أيضا ; لأن رواية الزيادات إنما ذكرها في الدرر في بيع الطريق فمن أين المخالفة ؟ وما ذكره المصنف من جواز بيع الطريق وهبته مشى عليه في الملتقى أيضا بلا ذكر خلاف ، وكذا في الهداية وغيرها ، وإنما ذكروا اختلاف الرواية في بيع حق المرور كما يأتي .

[ تنبيه ] باع رقبة الطريق على أن له : أي للبائع حق المرور ، أو السفل على أن له إقرار العلو جاز فتح قبيل قوله والبيع إلى النيروز ( قوله ومن قسمة الوهبانية ) خبر مقدم والبيت مبتدأ مؤخر : أي هذا البيت منقول منها ط ( قوله وليس لهم إلخ ) جملة قال الإمام معترضة بين بعض المقول ، وهو خبر ليس المقدم واسمها المؤخر ، الواو في ولم ينفذ للحال : أي والحال أن الدرب ليس بنافذ . قال ابن الشحنة : والمسألة من التتمة عن نوادر ابن رستم قال أبو حنيفة في سكة غير نافذة : ليس لأصحابها أن يبيعوها ولو اجتمعوا على ذلك ولا أن يقسموها فيما بينهم ; لأن الطريق الأعظم إذا كثر الناس فيه كان لهم أن يدخلوا هذه السكة حتى يخف هذا الزحام . قال الناطفي : وقال شداد في دور بين خمسة : باع أحدهما نصيبه من الطريق فالبيع جائز ، وليس للمشتري المرور فيه إلا أن يشتري دار البائع وإذا أرادوا أن ينصبوا على رأس سكتهم دربا ويسدوا رأس السكة ليس لهم ذلك ; لأنها وإن كانت ملكا لهم ظاهرا لكن للعامة فيها نوع حق ا هـ ملخصا . ثم أفاد أن ما توهمه الناظم في شرحه من اختلاف الروايتين مدفوع ، فإن ما ذكره ابن رستم في بيع الكل ، وما ذكره شداد في بيع البعض .

والفرق أن الثاني لا يفضي إلى إبطال حق العامة ، بخلاف الأول . هذا ، وقد علمت مما قررنا سابقا أن ما في الوهبانية غير ما ذكره المصنف ; لأن مراد المصنف الطريق الخاص المملوك لواحد وهذا طريق مشترك في سكة مشتركة ( قوله وفي معاياتها ) خبر مقدم والبيت مبتدأ مؤخر وجملة [ ص: 79 ] وارتضاه إلخ معترضة والضمير للوهبانية وهي مفاعلة ، من عاياه : إذا سأله عن شيء يظن عجزه عن جوابه من قولهم عيي عن جوابه : إذا عجز ، وتمامه في ط عن ابن الشحنة . قال السائحاني : والمعاياة عند الفرضيين كالألغاز عند الفقهاء والأحاجي عند أهل اللغة ; لأن ما يستخرج بالحزر يقوي الحجا : أي العقل والألغاز : جمع لغز بضم اللام ، وقيل بفتحها وبفتح الغين المعجمة ( قوله وارتضاه في ألغاز الأشباه ) حقه أن يذكر عند البيت الأول ، فإن الذي في ألغاز الأشباه هكذا أي شركاء فيما يمكن قسمته إذا طلبوها لم يقسم ، فقل : السكة الغير النافذة ليس لهم أن يقتسموها ، وإن أجمعوا على ذلك ا هـ .

( قوله ومالك أرض إلخ ) هي الأرض المملوكة من السكة الغير النافذة فإنه لا يملك بيعها من غير شريكه . قال ولو باعها لبعض الشركاء هل يجوز ؟ فيه نظر ولم أقف على الجواب فيه ا هـ . قلت : ظاهر قولهم : إنه لا يجوز بيع الطريق يقتضي المنع مطلقا حالة الانفراد ، وإنما يجوز بالتبعية فيما إذا باع الدار وطريقها قاله عبد البر بن الشحنة . قلت : الذي تقدم عن شداد جواز البيع ، ثم عدم الجواز إنما هو على ما في الخانية . وقال مشايخ بلخ بالجواز ط . قلت : قدمنا الكلام على ما في الخانية فافهم .

( قوله وإن لم يبين إلخ ) بيان لقوله أولا ، وكان الأولى تقديمه على قوله وهبته كما فعل في الدرر ( قوله يقدر بعرض باب الدار العظمى ) عزاه في الدرر إلى النهاية ، ومثله في الفتح بزيادة قوله : وطوله إلى السكة النافذة ، ثم قال في الدرر : وعلى التقديرين يكون عينا معلوما فيصح بيعه وهبته ا هـ . قلت : والظاهر أن العظمى صفة لباب وأنثها لاكتساب الباب التأنيث بإضافته إلى الدار المؤنثة ، ومعناه أنه لو كان له دار في داخل دار جاره مثلا وطريق في دار الجار فباع الطريق وحده ولم يبين قدره كان للمشتري من دار الجار بعرض باب دار البائع ، فلو كان لها بابان الأول أعظم من الثاني كان له بقدر الباب الأعظم ، هذا ما ظهر لي . وفي القهستاني : وطريق الدار عرضه عرض الباب الذي هو مدخلها وطوله منه إلى الشارع ا هـ . وفي الفتح عند قوله : ولو اشترى جارية إلا حملها إلخ ، ولو قال بعتك الدار الخارجة على أن تجعل لي طريقا إلى داري هذه الداخلة فسد البيع ، ولو قال إلا طريقا إلى داري الداخلة جاز وطريقه بعرض باب الدار الخارجة ا هـ .

[ فرع ] في الخانية : باع نخلة في أرض صحراء بطريقها من الأرض ، ولم يبين موضع الطريق . قال أبو يوسف : يجوز ، وله أن يذهب إلى النخلة من أي النواحي شاء ا هـ فأفاد جواز بيع الطريق تبعا وإن لم يكن له ما يقدر به تأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية