[ ص: 177 ] وخرج عليه سعدي أفندي استقراض الدراهم عددا وبيع الدقيق وزنا في زماننا يعني بمثله [ ص: 178 ] وفي الكافي الفتوى على عادة الناس بحر وأقره المصنف ( والمعتبر تعيين الربوي في غير الصرف ) ومصوغ ذهب وفضة ( بلا شرط تقابض ) حتى لو باع برا ببر بعينها وتفرقا قبل القبض جاز خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في بيع الطعام ولو أحدهما دينا فإن هو الثمن وقبضه قبل التفرق جاز وإلا لا كبيعه ما ليس عنده سراج .
مطلب في استقراض الدراهم عددا ( قوله وخرج عليه سعدي أفندي ) أي في حواشيه على العناية ولا يختص هذا بالاستقراض بل مثله البيع والإجارة إذ لا بد من بيان مقدار الثمن ، أو الأجرة الغير المشار إليهما ومقدار الوزن لا يعلم بالعد كالعكس ، وكذا قال العلامة البركوي في أواخر الطريقة المحمدية : أنه لا حيلة فيها إلا التمسك بالرواية الضعيفة عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف . لكن ذكر شارحها سيدي عبد الغني النابلسي ما حاصله : أن العمل بالضعيف مع وجود الصحيح لا يجوز ، ولكن نحن نقول إذا كان الذهب والفضة مضروبين ، فذكر العد كناية عن الوزن اصطلاحا لأن لهما وزنا مخصوصا ولذا نقش وضبط والنقصان الحاصل بالقطع أمر جزئي لا يبلغ المعيار الشرعي ، وأيضا فالدرهم المقطوع عرف الناس مقداره ، فلا يشترط ذكر الوزن إذا كان العد دالا عليه وقع في بعض العبارات ذكر العد بدل الوزن حيث عبر في زكاة درر البحار بعشرين ذهبا وفي الكنز بعشرين دينارا بدل عشرين مثقالا ا هـ ملخصا .
وهو كلام وجيه ، ولكن هذا ظاهر فيما إذا كان الوزن مضبوطا بأن لا يزيد دينار على دينار ، ولا درهم على درهم ، والواقع في زماننا خلافه فإن النوع الواحد من أنواع الذهب أو الفضة المضروبين قد يختلف في الوزن كالجهادي والعدلي والغازي من ضرب سلطان زماننا أيده الله ، فإذا استقرض مائة دينار من نوع فلا بد أن يوفي بدلها مائة من نوعها الموافق لها في الوزن أو يوفي بدلها وزنا لا عددا ، وأما بدون ذلك فهو ربا لأنه مجازفة والظاهر أنه لا يجوز على رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أيضا ، لأن المتبادر مما قدمناه من اعتبار العرف الطارئ على هذه الرواية أنه لو تعورف تقدير المكيل بالوزن ، أو بالعكس اعتبر ، أما لو تعورف إلغاء الوزن أصلا كما في زماننا من الاقتصار على العدد بلا نظر إلى الوزن ، فلا يجوز لا على الروايات المشهورة ، ولا على هذه الرواية لما يلزم عليه من إبطال نصوص التساوي بالكيل أو الوزن المتفق على العمل بها عند الأئمة المجتهدين .
نعم إذا غلب الغش على النقود فلا كلام في جواز استقراضها عددا بدون وزن اتباعا للعرف ، بخلاف بيعها بالنقود الخالصة ، فإنه لا يجوز إلا وزنا كما سيأتي في كتاب الصرف إن شاء الله تعالى وتمام الكلام على هذه المسألة مبسوط في رسالتنا : " نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف " فراجعها ( قوله وبيع الدقيق إلخ ) لا حاجة إلى استخراجه ، فقد وجد في الغياثية عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يجوز استقراضه وزنا إذا تعارف الناس ذلك وعليه الفتوى ا هـ ط وفي التتارخانية : وعن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يجوز بيع الدقيق واستقراضه وزنا إذا تعارف الناس ذلك استحسن فيه ا هـ ونقل بعض المحشين عن تلقيح المحبوبي أن بيعه وزنا جائز ، لأن النص عين الكيل في الحنطة دون الدقيق ا هـ ومقتضاه أنه على قول الكل لأن ما لم يرد فيه نص يعتبر فيه العرف اتفاقا لكن سنذكر عن الفتح أن فيه روايتين وأنه في الخلاصة جزم برواية عدم الجواز ( قوله يعني بمثله ) المراد من التخريج على هذه الرواية بيع الدقيق وزنا بمثله احترازا عن بيعه وزنا بالدراهم ، فإنه جائز اتفاقا كما في الذخيرة ونصه
[ ص: 178 ] قال شيخ الإسلام ، وأجمعوا على أن ما يثبت كيله بالنص إذا بيع وزنا بالدراهم يجوز وكذلك ما يثبت وزنه بالنص ( قوله وفي الكافي للفتوى على عادة الناس ) ظاهر البحر وغيره أن هذا في السلم ففي المنح عن البحر ، وأما الإسلام في الحنطة وزنا ففيه روايتان والفتوى على الجواز لأن الشرط كونه معلوما ، وفي الكافي الفتوى على عادة الناس ا هـ قال في النهر : وقول الكافي : الفتوى على عادة الناس يقضي أنهم لو اعتادوا أن يسلموا فيها كيلا وأسلم وزنا لا يجوز ولا ينبغي ذلك بل إذا اتفقا على معرفة كيل أو وزن ينبغي أن يجوز لوجود المصحح ، وانتفاء المانع كذا في الفتح ا هـ
والحاصل أن عدم جواز الوزن في الأشياء الأربعة المنصوص على أنها مكيلة إنما هو فيما إذا بيعت بمثلها بخلاف بيعها بالدراهم كما إذا أسلم دراهم في حنطة ، فإنه يجوز تقديرها بالكيل أو الوزن ، وظاهر الكافي وجوب اتباع العادة في ذلك ، وما بحثه في الفتح ظاهر ويؤيده ما قدمناه آنفا عن الذخيرة ( قوله بحر وأقره المصنف ) الظاهر أن مراده بهذا تقوية كلام الكافي وأنه لم يرض بما ذكره في النهر عن الفتح لكن علمت ما يؤيده ( قوله والمعتبر تعيين الربوي في غير الصرف ) لأن غير الصرف يتعين بالتعين ، ويتمكن من التصرف فيه ، فلا يشترط قبضه كالثياب أي إذا بيع ثوب بخلاف الصرف ، لأن القبض شرط فيه للتعيين ، فإنه لا يتعين بدون القبض كذا في الاختيار
وحاصله أن الصرف وهو ما وقع على جنس الأثمان ذهبا وفضة بجنسه أو بخلافه لا يحصل فيه التعيين إلا بالقبض فإن الأثمان لا تتعين مملوكة إلا به ولذا كان لكل من العاقدين تبديلها أما غير الصرف فإنه يتعين بمجرد التعيين قبل القبض ( قوله ومصوغ ذهب وفضة ) عطف خاص على عام ، فإن المصوغ من الصرف كما سيصرح به الشارح في بابه وكأنه خصه بالذكر لدفع ما يتوهم من خروجه عن حكم الصرف بسبب الصنعة ( قوله حتى لو باع إلخ ) قال في البحر بيانه كما ذكره الإسبيجابي بقوله : وإذا تبايعا كيليا بكيلي أو وزنيا بوزني كلاهما من جنس واحد أو من جنسين مختلفين ، فإن البيع لا يجوز حتى يكون كلاهما عينا أضيف إليه العقد ، وهو حاضر أو غائب بعد أن يكون موجودا في ملكه والتقابض قبل الافتراق بالأبدان ، ليس بشرط لجوازه إلا في الذهب والفضة ، ولو كان أحدهما عينا أضيف إليه العقد ، والآخر دينا موصوفا في الذمة فإنه ينظر إن جعل الدين منهما ثمنا ، والعين مبيعا جاز البيع بشرط أن يتعين الدين منهما قبل التفرق بالأبدان وإن جعل الدين منهما مبيعا لا يجوز ، وإن أحضره في المجلس والذي ذكر فيه الباء ثمن وما لم يدخل فيه الباء مبيع .
وبيانه : إذا قال بعتك هذه الحنطة على أنها قفيز بقفيز حنطة جيدة أو قال : بعت منك هذه الحنطة على أنها قفيز بقفيز من شعير جيد فالبيع جائز لأنه جعل العين منهما مبيعا والدين الموصوف ثمنا ، ولكن قبض الدين منهما قبل التفرق بالأبدان شرط ، لأن من شرط جواز هذا البيع أن يجعل الافتراق عن عين بعين ، وما كان دينا لا يتعين إلا بالقبض ، ولو قبض الدين منهما ثم تفرقا جاز البيع قبض العين منهما أو لم يقبض ولو اشتريت منك قفيز حنطة جيدة بهذا القفيز من الحنطة أو قال : اشتريت منك قفيزي شعير جيد بهذا القفيز من الحنطة ، فإنه لا يجوز وإن أحضر الدين في المجلس ، لأنه جعل الدين مبيعا فصار بائعا ما ليس عنده وهو لا يجوز ا هـ ح ( قوله خلافا nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في بيع الطعام ) أي كل مطعوم حنطة أو شعير أو لحم أو فاكهة فإنه يشترط فيه التقابض [ ص: 179 ] وتمامه في الفتح .